الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأطباء وخبراء التجميل يحذرون من مخاطر الحناء السوداء

الأطباء وخبراء التجميل يحذرون من مخاطر الحناء السوداء
17 فبراير 2012
لا يزال كثيرون يتذكرون عروس دبا الفجيرة التي اتهمت صالون التجميل الذي أوكلت إليه تجهيزها للزفاف، باستخدام مواد كيميائية ضارة في حناء زفافها، ما أدى إلى إصابتها بتكسر في الدم، وحساسية حادة، نقلت على أثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم، ووجهت النيابة العامة إلى صاحبة الصالون والعاملات فيه، تهمة تعريض حياة الآخرين للخطر، بعد أن تبين أن الحناء المستخدمة كانت من النوع الأسود، ولم تكن هذه الشكوى الحالة الأولى والأخيرة دون شك، مما دفع بلدية أبوظبي إلى منع استخدام “الحناء السوداء” في كافة صالونات التجميل بشكل نهائي، بعد أن ثبت أنها تسببت في مشاكل صحية عديدة، وإطلاق حملة توعية بمخاطر استخدام “الحناء السوداء” التي تلجأ بعض الشركات وصالونات التجميل النسائية إلى إضافة مواد كيميائية في صنع عجينتها، لتمنحها اللون الداكن، كي تجف بسرعة وتدوم لفترة أطول على الجلد. خورشيد حرفوش (أبوظبي) - بلدية أبوظبي، لم تتوقف عند هذا الحد، بل أنها تبنَّت حملة توعية واسعة إزاء مخاطر استخدام “الحناء السوداء” في التجميل، ووزعت كتيباً إرشادياً على كافة الصالونات النسائية، ودعت فيه السيدات اللواتي يرتادونها إلى التأكد من أن الحناء المستخدمة في هذه الصالونات طبيعية وخالية من الإضافات الضارة، وناشدتهن التبليغ عن أي مخالفات يلاحظنها أو يرصدنها للمحافظة على سلامتهن وصحتهن العامة. وأعقبت ذلك بتنفيذ 12 حملة تفتيشية أسفرت عن تحرير 1489 مخالفة قضائية و10793 مخالفة فورية، ومصادرة أطنان من مستحضرات التجميل والأدوية العشبية المقلدة أو غير الصالحة للاستخدام ومنتهية الصلاحية أو غير المطابقة للمواصفات والمعايير الصحية المعمول بها محلياً وعالمياً. «ليلة الحناء» عُرفت الحناء منذ عصر الفراعنة، واستخدمت استخدامات متعددة، وصنعوا من مسحوق أوراقها عجينة لتخضيب الأيدي وصباغة الشعر وعلاج الجروح، كما وجد كثير من المومياءات الفرعونية مخضبة بالحناء، كما صنعوا عطراً من أزهارها، وفرشوا قبورهم بأوراقها. وشجيرة الحناء حولية، غزيرة التفريع والتوريق، وتبقى مستديمة الخضرة ما بين 3 - 10 سنوات، وموطنها الأصلي جنوب غربي آسيا “الهند وباكستان والصين”، وبلدان حوض البحر الأبيض “مصر والسودان”. وارتبطت الحناء منذ القدم بطقوس الزفاف، واستمرت لدى كثير من المجتمعات والشعوب حتى الآن، حيث يطلق على ليلة ما قبل ليلة الزفاف “ليلة الحناء”، حيث تتجمل العروس، ويشاركها صديقاتها بتخضيب أيديهن وأقدامهن بنقوش ورسومات الحناء الجميلة، بما يشبه الوشم، وشاع استخدامها في منطقة الخليج العربي منذ زمن طويل، وينظر إلى استعمالها على أنها لون من ألوان الزينة والفن التجميلي للنساء، وانتشرت في صالونات ومراكز التجميل على نطاق واسع، كما شاع استخدامها كصبغة للشعر والأظافر والأقدام وراحة الأيدي. استعمالات الحناء ورد أكثر من حديث نبوي شريف، عن استعمالات الحناء في الطب النبوي، منها ما رواه البخاري وأبو داود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شكا إليه أحد وجعاً في رأسه إلا قال له: “احتجم”، ولا شكا إليه وجعاً في رجليه إلا وقال له: “اختضب بالحناء”، وفي الترمذي: عن سلمى أم رافع خادمة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان لا يصيب النبي صلى الله عليه وسلم قرحة ولا شوكة إلا وضع عليها الحناء، وحث الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم على أهمية استخداماتها، وثبت أن أوراق الحناء استعملت كعلاج لبعض الأمراض الجلدية كالدمامل وحب الشباب والأمراض الفطرية والجذام، وفي الهند تستعمل كغرغرة قابضة للفم. ومعالجة الإسهال والدوسنتاريا، ولزيادة انقباضات الرحم، وخلاصتها لقتل البكتريا والفطريات وتينيا الجلد، وعجينتها كصبغة للجلد وللشعر، وعلاج الحروق، وتقليل آلامها، كما ثبت أنها تعمل كمضاد للفيروسات، وعلاج الثآليل التي يصيب الجلد، والتئام الجروح المزمنة ووقف النزيف، وإذا وضعت في الرأس لمدة طويلة بعد تخمرها، فإن المواد القابضة والمطهرة الموجودة بها تعمل على تنقية فروة الرأس من الميكروبات والطفيليات، ومن الإفرازات الزائدة للدهون، كما تعد علاجاً نافعاً لقشر الشعر والتهاب فروة الرأس بعد خلطها بالخل أو الليمون. وانتشر استعمال واستخدام الحناء لصبغ الشعر والنقش به على الأيدي والأرجل في أوروبا وأميركا الشمالية مما جعل الشركات الأميركية والأوروبية لصناعة مستحضرات التجميل تتنافس لإنتاج العديد من مركبات التجميل التي يدخل في صناعتها أوراق الحناء. الحناء الطبيعية تحتوي أوراق الحناء الطبيعية على مواد جليكوسيدية مختلفة أهمها المادة الرئيسية المعروفة باسم “اللاوسون”، وهذه المادة هي المسؤولة عن التأثير البيولوجي طبياً، وكذلك مسؤولة عن الصبغة واللون البني المسود، فضلاً عن أصباغ “نافثوكينون”، و”لوسون”، و”هيدروكسي”، و”نافثوكينون”، ومشتقات هيدروكسيليتيد نافثالين، وجلوكوسايل وكسي، وداي هيدروكسي، و”كيومارين”، و”فلافونويد”، وحمض جاليك، وكمية قليلة من الستيرويد مثل سيتوستيرول، وأزهارها تحتوي على زيت طيار له رائحة زكية وقوية ويعتبر أهم مكوناته مادة الفوبيتا إيونون،. وتزداد كمية المواد الفعالة وخاصة مادة اللاوسون في أوراق الحناء كلما تقدم النبات في العمر، أما بالنسبة لتغيير لون الحناء من الأحمر إلى الأسود، فيمكن إضافة مادة نباتية إلى الحناء ليعطي لوناً أسود جميلاً مثل نبات الكتم والوسمة، وقد يضاف إلى أوراق الحناء المجففة والمطحونة صبغة كيميائية تعرف “بارافينلين داي آمين” بنسب وكمية مختلفة تعطي الألوان من الأصفر الذهبي إلى اللون الأحمر الداكن، إلى اللون الأسود الغامق، وهي آمنة الاستخدام وليس لها تأثيرات ضارة في أغلب الأحيان إذا استخدمت من الخارج فقط. طرق التحضير تقول أماني قنجاري، صاحبة صالون تجميل في أبوظبي، إنها تعتمد في عملها على الحناء الطبيعية الحمراء “مائة في المائة” للحفاظ على عميلاتها اللاتي اعتدن ارتياد الصالون لثقتهن في جودة “خلطة الحناء الهندية” الطبيعية المستوردة والموجودة في الأسواق، وتستطيع بخبرتها الطويلة التعرف على جودتها، والتأكد من خلوها من أي مادة كيميائية مضافة، فالحناء الطبيعية لا تحتوي على مواد كيميائية، بينما تحتوي الحناء السوداء على مواد سامة، وأنها كانت تشتري الحناء السوداء قبل الحظر جاهزة أيضاً، لأنها كانت مرغوبة من قبل بعض السيدات، ولا سيما صاحبات البشرة البيضاء، لتشابهها الشديد مع الوشم، أو “التاتو”، لكن بعد أن قامت بلدية أبوظبي بحظر تداولها واستخدامها والتعريف بمخاطرها”، توقفت تماماً عن استخدامها بعد أن تبينت أضرارها ومضاعفات استخداماتها على الجلد والصحة العامة، وأقوم بعمل التصميمات الفنية بنفسي حسب رغبة الزبونة واختياراتها”. أما عن طريقة تحضير الحناء الطبيعية، فتقول: “تحضر عجينة الحناء بوضع الماء الدافئ على مسحوق الحناء ويخلط جيداً حتى يكون عجينة غليظة القوام، تترك ما بين ساعة إلى ساعتين في إناء زجاجي ويحضر من هذه العجينة بقدر الكمية المراد استخدامها، وكلما زاد وقت ترك العجينة على الشعر أو الجلد كلما زاد اللون الغامق أو الداكن، وإذا أضيف عصير الليمون، أو مستخلص الليمون المجفف بعد غليه، أو الخل أو الشاي أعطت هذه العجينة لونا داكنا أو برونزيا جذابا”. كذلك تضيف ختام خليل، صاحبة صالون في أبوظبي: “لا توجد حناء طبيعية تسمى الحناء السوداء، بل تلجأ بعض الشركات والصالونات لإضافة مواد كيميائية في صنع عجينتها لتمنحها اللون الداكن خلال بضع دقائق، كي تجف بسرعة وتدوم على الجلد طويلاً عكس الحناء الطبيعية ذات اللون الفاتح. ونحن من جانبنا لا نستعمل الحنة السوداء على الإطلاق بعد أن علمنا بأضرارها الخطيرة، وحظر استخداماتها من قبل بلدية أبوظبي، ونعتمد في عملنا على الخلطة الهندية الجاهزة، وقبل أن تمنع الحنة السوداء، كنا نشتريها جاهزة أيضاً من الأسواق، ومن المؤكد أنها كانت تحتوي على مواد كيميائية ضارة بالجلد، وإلا لماذا منعتها الجهات المختصة؟ ولا يمكن أن نجازف باستخدامها حرصاً على صحة عميلاتنا، فضلاً عن أننا نقوم بتوعيتهن بمخاطرها”. أضرار ومخاطر المنسقة البيئية في الهيئة الاتحادية للبيئة، عائشة السويدي، أجرت دراسة علمية على الحناء السوداء والحمراء، بهدف قياس تركيز مادة “بي. بي. دي”، أو ما يعرف بـ”بارافينيلين ديامين”، الكيماوية السامة في العبوات المستخدمة في صالونات التجميل، وفي السوق عموماً، وجمعت أكثر من 25 عبوة حناء لأنواع مختلفة، وبشكل عشوائي من صالونات تجميل في أبوظبي ودبي والشارقة، واستعانت بمختبر بلدية الشارقة لإجراء فحص مخبري عليها، واكتشفت أنها تحتوي نسباً مرتفعة من مادة “بي. بي. دي”، وتوصلت إلى أن العاملين في صالونات التجميل يضيفون مواد كيماوية تحدث احمراراً في الجلد، مع ظهور فقاعات تشبه الحرق. ووجدت أن “معظم تلك العبوات تحتوي على نسب تصل إلى 30% من هذه المادة، وهي مرتفعة جداً، لا سيما أن الاتحاد الأوروبي يسمح باستخدام هذه المادة بنسبة لا تتجاوز 6% حداً أعلى في تركيب صبغات الشعر، ووضعه على الجلد محظور تماماً”. وأشارت إلى أن مادة “بي. بي. دي” تجعل النقوش داكنة اللون، وطويلة الأمد، في حين لا تحتوي العبوات على بطاقة للتعريف بالمحتويات، وإرشاد المستخدم بطريقة الاستخدام، أو التحذير من خطورتها، وأكدت أنها قد تسبب الحساسية، والفشل الكلوي، وربما الموت أحياناً”. من جانبه، يضيف الدكتور شريف صقر، أخصائي الأمراض الجلدية: “إنّ معظم صبغات الجلد أو الشعر الصناعية تحتوي على مادة “بارافينيلين ديامين” الموجودة في البنزين الذي يستخدم كمذيب للحناء، والمعروفة بإحداث التحسس الجلدي، وتسبب ردّات فعل تحسسية شديدة وبثورا وتقرحات وانتفاخا بالوجه والرقبة وتحت الجلد. والحساسية لا تظهر بالضرورة بعد أول استعمال للصبغة، بل قد تحدث في أي وقت، وهذه المادة الموجودة تسبب الحساسية، والطفح الأحمر المتقشر على الجلد، والحكة، وقد تؤدي إلى الإصابة بنوع خطير من السرطان يهاجم الجهاز الليمفاوي في الجسم، كما كشفت دراسة أجراها فريق من خبراء مستشفيات الإمارات أن مرض “ابيضاض الدم النقوي الحاد” كان أكثر شيوعاً بنسبة 93% بين نساء الإمارات منه في الرجال، وأعلى بـ 63% من النساء الأجنبيات، وأرجعوا ذلك لسبب استخدامهن الحناء السوداء، كما أن العامل الوراثي يؤثر في نقص نسبة إنزيم الدم “الخميرة” في كريات الدم الحمراء عند المريضة، ما يسبب تحلل الدم وضعف أداء الكُلى وتوقفها. إجراءات صارمة دعت بلدية أبوظبي صالونات التجميل النسائية، ومراكز نقش الحناء إلى عدم إضافة مواد بترولية أو أي مواد ضارة بالصحة إلى خلطات الحناء، وحثت على عدم شراء خلطات الحناء الجاهزة من الباعة المتجولين لصعوبة التأكد من تركيبة المواد ومصدرها، وذلك لتلافي أية مضاعفات صحية خطيرة قد تنتج عن استخدام هذه المواد. وأكدت بلدية أبوظبي أنها ستقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق من يثبت مخالفته للشروط الصحية التي قد تسبب أضراراً بصحة وسلامة المجتمع، وأنه سيتم في حال ثبوت قيام أي منشأة بإضافة مواد ضارة إلى المواد المستخدمة، مصادرة هذه المواد واتخاذ الإجراءات القانونية بحقها والتي قد تصل إلى حد الإغلاق، وإلغاء الرخصة التجارية، والمنع من ممارسة النشاط، وفرض غرامات مالية كبيرة، ومصادرة أي مواد تثبت التحاليل المخبرية احتواءها على مواد بترولية أو كيماوية أو أي مادة ضارة بالصحة، وأن هذه الحملة تنبع من حرص البلدية على صحة وسلامة المجتمع، وأن أجهزة البلدية ستقوم بشكل متواصل بتطوير آليات الرقابة الصحية في كافة المرافق، وتضع شروطاً صحية صارمة على المنشآت والمواد والعاملين، وتخضع الأدوات المستخدمة لفحوصات دقيقة لتكون مطابقة للمقاييس والمعايير الصحية وشروط السلامة المعتمدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©