الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إثيوبيا: خلفيات احتجاج المسلمين

15 فبراير 2013 22:58
أججت إثيوبيا، التي تعتبر حليفاً للولايات المتحدة في الحرب ضد المقاتلين المنتمين إلى «القاعدة» في الصومال، التخوفات المتزايدة بشأن حدوث توتر ديني في هذا البلد المتنوع دينياً والواقع في شرق القارة الأفريقية من خلال بث فيلم وثائقي وصفه البعض بأنه مستفز حول التطرف الإسلامي. ولذا فإن بعض المسلمين الإثيوبيين غاضبون بسبب الفيلم الذين يقولون إنه يتجاهل على نحو يعكس سوء النية الفرقَ بين الاحتجاج السياسي الشرعي والعنف من خلال استعمال صور صادمة وقوية لإرهابيين ليست لهم أي علاقة بهم. وقد بث الفيلم، الذي يحمل عنوان «الحركة الجهادية»، على التلفزيون الرسمي خلال أوقات ذروة المشاهدة الأسبوع الماضي، وهو يربط محتجين مسلمين محليين يخضعون للمحاكمة حالياً بمجموعات قتالية مثل حركة «بوكوحرام» في نيجيريا و»الشباب» في الصومال، إضافة إلى مقاتلين إثيوبيين ليست لهم أي علاقة بهم. ويخضع حالياً 29 عضواً من حركة احتجاجية مسلمة وممثلين لمنظمتين خيريتين إسلاميتين للمحاكمة في أديس أبابا، حيث يواجهون تهم التخطيط للعنف بهدف تأسيس دولة إسلامية! وتجرى المحاكمة وراء أبواب مغلقة من أجل حماية نحو 200 شاهد، مثلما تقول الحكومة. وكان المتهَمون المسلمون قد أوقفوا في أغسطس الماضي بعد قرابة عام من الاحتجاجات غير العنيفة على ما يقولون إنه تدخل غير دستوري للدولة الإثيوبية في الشؤون الإسلامية. وفي هذا الإطار، يقول جون أبينك، الباحث بمركز الدراسات الأفريقية في جامعة ليدن في هولندا: «إن الأخطار التي يطرحها التشدد الديني العنيف في إثيوبيا ليست تخيلية... ولكن الفيلم الوثائقي أيضاً ربما يكون فيه بعض المبالغة؛ ذلك أن تأثر المسلمين في إثيوبيا بالتشدد من النوع الذي تتبناه القاعدة قليل جدا»، مضيفاً أن الفيلم يبدو أنه «يزيل الشرعية عن» الاختلافات السياسية السلمية للمسلمين ويفسح المجال لإمكانية «رد فعل عنيف». وتعتبر إثيوبيا معقلاً للصوفية التي تختلف اختلافاً تاماً مع إيديولوجيا «القاعدة» والمجموعات التي تدور في فلكها. فمنذ قرون تميزت المنطقة بالتعايش السلمي بين طوائفها الدينية المختلفة عموماً -وإن كانت التخوفات أخذت تزداد بشأن التطرف. ويذكر هنا أن الجيش قام بغزو الصومال مرتين من أجل ملاحقة ومحاربة مقاتلين وسلفيين إسلاميين يقال إن نفوذهم أخذ يزداد على الجانب الإثيوبي من الحدود. ويشكل المسلمون ثلث سكان البلاد البالغ عددهم نحو 90 مليون نسمة في ثاني أكبر بلد من حيث عدد السكان في أفريقيا جنوب الصحراء، وفق إحصائيات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وتشير التقديرات إلى أن هناك نحو 57 مليون مسيحي. ويمنح موقع إثيوبيا الاستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي -بجوار الصومال والسودان المضطربتين وبالقرب من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- أهمية في نظر الدول الغربية. ولذلك، تتلقى أديس أبابا نحو 3 مليارات دولار من المساعدات الاستراتيجية من مانحين مختلفين، وقد نظرت إليها واشنطن بعين الرضا عندما قامت قوات إثيوبية بمهاجمة مقاتلين في الصومال، كما تقدر قيام قواتها لحفظ السلام بدوريات في منطقة «أبيي» السودانية المتوترة. وفي المقابل، تسمح إثيوبيا للطائرات الأميركية بدون طيار التي تراقب الصومال بالإقلاع من مدينة أربا مينتش الإثيوبية الواقعة جنوب البلاد. والمسلمون الذين احتجوا (بشكل سلمي عموماً) لقرابة عام تتزعمهم لجنة تتألف من 17 رجلًا من «المدرسة الإسلامية الأساسية». ويقول الأشخاص الذين يحاكَمون حالياً إن الدولة تقود حملة قمع ضدهم، مضيفين أن الحكومة تخاف من ظهور تيار إسلامي جديد يُنظر إليه على أنه متشدد وتحاول إحكام سيطرتها على المجلس الوطني الإسلامي الرئيسي. يذكر أن المجموعة تطالب بالسماح للمسلمين بإدارة شؤونهم بأنفسهم وبالإفراج عن زعمائهم. ولكن المسؤولين الحكوميين يرون أن الحملة هي وسيلة للتمويه من قبل المتطرفين الذين يخططون لسيطرة إسلامية على البلاد. وخلال الأسبوع الماضي، وفي خضم نقاش محتدم حول محاكمة الأشخاص الـ29، أذاع التلفزيون الإثيوبي فيلماً وثائقياً مدته ساعة، ثم أعاد بثه لأيام متتالية خلال أوقات ذروة المشاهدة بعد نشرة الأخبار. وإذا كانت السلطات ربما قصدت أن يكون الفيلم تثقيفياً، فإنها في الواقع أذكت التخوفات بين المسيحيين بشأن نوايا المسلمين، وأعادت إشعال مظاهرات حاشدة للمسلمين في المساجد. والفيلم يبدأ بصور للمقاتلين «الشباب» في الصومال ومشاهد مذبحة عقب هجمات نفذتها حركة «بوكوحرام» في نيجيريا. ثم ينتقل إلى حوارات مع مقاتلين مفترضين، ينتمي بعضهم إلى خلية تتكون من 15 إثيوبياً تم توقيفهم مؤخراً. ويظهر في الفيلم رجل يدعى «أمان أصيفا» وهو يقول للكاميرا إنهم خططوا لهجمات في إثيوبيا بعد أن دُربوا وسُلحوا من قبل «الشباب». وعلى نحو غير مفهوم، تعقب ذلك مقاطع من حوارات مع بعض الرجال الـ29 الذين يخضعون للمحاكمة وخطابات لزعماء من «المدرسة الأساسية». وبعد ذلك، تظهر حوارات مع مواطنين إثيوبيين عاديين يقولون إن مطالبة المجموعة الإسلامية بمزيد من الاستقلالية الدينية زائفة لأن إثيوبيا تتمتع بحرية دينية كبيرة أصلًا. ولكن قدير محمد، وهو سائق سيارة أجرة، لا يخفي تشككه إذ يقول: «إن الأمر برمته مدبَّر من قبل الحكومة». وكان نحو 90 ألف مسلم قد احتشدوا، في أكبر تجمع منذ شهر رمضان في أغسطس الماضي حول مسجد الأنوار، الذي يعد أكبر مسجد في إثيوبيا، بعد صلاة الجمعة الأسبوع الماضي من أجل الرد. ورفعت لافتات من قبيل: «التلفزيون الإثيوبي كاذب!» و»التلفزيون الإثيوبي ينشر الأخبار الملفقة!». ويليام ديفسون أديس أبابا، إثيوبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©