الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يمنيون يعلنون الحرب على القات بسلاح «البن»

يمنيون يعلنون الحرب على القات بسلاح «البن»
9 مايو 2009 01:03
اشتهر اليمن منذ القدم بأنه موطن البن الأصلي، وكان البلد الوحيد في العالم إنتاجا وتصديرا له، حيث انتشرت زراعته في اليمن خلال القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديين -تحديداً منذ بداية عام 1525-. وعلى الرغم من المعاناة التي واجهها هذا المحصول جراء انتشار شجرة غير غذائية هي «القات» حاول بعض المزارعين الذين يعتبرون البن جزءا من حياتهم، المحافظة على بقائه مستخدمين طرق الري التقليدية، وبعض الطرق والأساليب التي تحتفظ بدرجة رطوبة البن عن طريق بناء الخزانات في الجبال وتوصيل المياه عبر الناقلات من مناطق بعيدة بأسعار مكلفة! ولم يستسلم المزارع اليمني لهذه المعاناة فاستحدث في بلدة «بني إسماعيل» بمنطقة «حراز» الصنعانية، طريقة جديدة لحفظ الرطوبة، وقابلية الشجرة لكمية قليلة من الماء، حتى أصبحت منطقتهم مزينة بثمار البن التي تشبه حبات المرجان وبألوان حبيبات الرمان. عودة البن تفيد أحدث الدراسات الزراعية بأن منطقة «حراز» تتصدر مناطق اليمن بمبادرة أهاليها وبدعم من الدولة لهم ولصندوق التشجيع الزراعي؛ باقتلاع شجرة القات وزراعة شجرة البن، وأصبح الحديث عن البن واردا لازدهار إنتاجه مجددا في عدد من مديريات ومناطق اليمن خصوصا في مناطق (مناخة، والحيمتين، وحراز، وبني مطر، وبني حماد، وجبل برع، وآنس، وملحان، ووادي الدور). وقد بدأت كميات إنتاجية تظهر في السوق المحلي قابلة للنمو والتصدير في حين وضعت الحكومة اليمنية ضمن خططها التصديرية دراسة جدوى يجري حاليا العمل على تنفيذها لإعادة إحياء ميناء «المخاء» على البحر الأحمر ليكون مرفأ لتصدير البن كما كان قديماً. «موكا كافيه» إثر زياراته لمنطقة «حراز» وجد بدر الدين إسماعيل- مهندس زراعي، أنه تم إحلال شجرة البن بقناعة تامة من الأهالي محل زراعة شجرة القات، يقول عن ذلك: «ينتاب الزائر لهذه المنطقة شعور بأنها مختلفة عن المناطق اليمنية الأخرى حيث تم إحلال شجرة البن بقناعة محل زراعة شجرة القات، ومما ساعدهم على ذلك هو ابتكار أبناء المنطقة لطريقة جديدة تحفظ الرطوبة وتتيح قابلية الشجرة لكمية قليلة من الماء، مما شجعهم على اقتلاع القات وتبديله بأشجار البن». ويضيف قائلا: «لو نظرنا إلى إحصائية بعدد أشجار البن المنتجة في محافظة صنعاء سنجد أنها تتجاوز المليوني شجرة، فيما يتم تصدير خمسة آلاف طن سنويا من إجمالي انتاج المحافظة إلى عدد من الدول الشقيقة والصديقة بقيمة تقدر بــ 6ر17 مليون دولار، كما تم عقد عدد من الدورات للمواطنين في مجال زراعة البن والخضروات وفي مجال الثروة الحيوانية بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية». ويشير إسماعيل إلى أن: «البن اليمني اكتسب شهرة في الخارج باسم «موكا كافيه» عندما كانت اليمن من أهم بلدان العالم في انتاج البن وتصديره، وقد انخفض الإنتاج إلى 5000 طن بعد أن كان يصل إلى 20 ألف طن سنوياً، وبالتالي انخفضت نسبة عائداته قياساً بدخل زراعة شجرة غير غذائية هي القات التي اتسعت مساحته المزروعة على حساب مساحة البن، إضافة إلى شحة الأمطار وعدم توفر أنظمة حديثة للري خاصة أن مناطق زراعة البن غالباً ما توجد في المدرجات الجبلية، إلى جانب انتشار الأمراض والحشرات، وعدم توفر الخدمات الزراعية للمكافحة». أنواع البن حول أهم وأشهر أنواع البن اليمني يقول جار الله صيعر- باحث أكاديمي زراعي: «يعتبر البن «العديني» أشهر أنواع البن اليمني، لارتفاع أشجاره نحو أربعة أمتار، أما البن «الدوائري» فيعد من أحسن الأنواع لأن ثماره أكبر حجماً، وتكاليف إنتاجه قليلة. وهناك تشجيع لزراعة هذا الصنف، فالمشاتل توجد في «الرصعة» بصنعاء، و»ورزان» بتعز، و»حمام علي» في منطقة ذمار، و»خولان بني عامر» بصعدة، وهناك ثلاثة مشاتل في محافظة «المحويت»، وتتوخى الجهات المعنية في جميعها المساعدة على إعادة المجد للبن اليمني». تشجيع حكومي ثمة طرق عديدة تنتهجها الجهات الرسمية لتشجيع زراعة البن بصورة تدريجية كي يحل مكان القات، تقول فتحية مهدي- مزارعة: «تقوم الجهات المعنية بتوزيع شتلات البن المنتجة من المشاتل الخاصة التي تبلغ طاقتها الإنتاجية من 60-80 ألف شتلة موسمياً، حيث يتم معاملتها بالطرق الزراعية الحديثة داخل المشاتل، وتقوم بتوزيعها على المزارعين بأسعار رمزية تشجيعية وأحياناً مجانية، كما تقوم الدولة ممثلة بوزارة الزراعة بتقديم الخدمات الزراعية للمزارعين كتعريفهم بكافة الطرق الزراعية الحديثة منذ غرس الشتلة حتى جني الثمار، ونحن بدورنا نعتني بشجرة البن ونراقب الآفات التي تصيبها ونبلّغ عنها بغية القيام بمعالجتها بالطرق السليمة». محصول نقدي تأتي هذه الخطوات الرسمية والأهلية لتشجيع زراعة البن في اليمن والاهتمام به كرافد للاقتصاد الوطني من خلال زيادة الطاقة الإنتاجية والشروع في تصديره -قديماً كان البن مصدر إدخال عملة أجنبية للبلد- وحالياً المحصول من البن يغطي حاجة الاستهلاك المحلي رغم الاستيراد بكميات محدودة، ويصدر الإنتاج اليمني بكمية لا بأس بها إلى دول الخليج ودول العالم. يقول حسن علي- مزارع: «نطالب «صندوق التشجيع الزراعي» و «هيئة تنمية الموارد الزراعية» بوقف زراعة القات المدمر للأرض والماء والإنسان، وإجبار المزارعين على زراعة محاصيل نقدية تفيد الشعب اليمني». ويضيف: «أعرف أن تحقيق هذا الهدف مازال حلما صعب المنال لكن وقوف الجميع إلى جانب هذه الدعوة والبدء بزراعة البن من شأنه تحسين المحاصيل الغذائية والنقدية فتتحسن زراعة البن وتتطور، لأن اليمن يملك الكثير من الإمكانيات الزراعية والصناعية». بدروه يقول جميل عبد الفتاح- مزارع: «من العبث ماشهدناه خلال العقود المنصرمة من تحول المزارع من زراعة البن إلى زراعة القات! فهذا هو الدمار بعينه، لكن إن عادت شجرة البن إلى الواجهة ستعود معها الحياة، فهي شعار اليمن في الماضي والحاضر». فيما ترجو إحدى السيدات المزارعات الحكومة اليمنية قائلة: «أرجو من الحكومة اليمنية العمل على توعية المواطنين وتشجيعهم وإعادة زراعة هذه الشجرة المثمرة التي تحمل الخير لليمن وأهله، عبر توجه رسمي صادق وسريع، لئلا يمنح العابثين التوسع في زراعة القات المدمر». آمال كبيرة يُستشف من التوجهات الرسمية والأهلية وجود اهتمام بالعودة إلى زراعة البن كبديل لشجرة القات وأن الآمال كبيرة في إنجاح هذا التوجه ولو بخطوات بطيئة، بعدما سجلت مساحات البن وكميته المنتجه خلال الأعوام الثلاثة الماضية ارتفاعا ملحوظا، في مؤشر اعتبره خبراء زراعيين نجاح لخطة وزارة الزراعة والري التي تبنتها والهادفة إلى التوسع في غرس قرابة مليون شتلة من أشجار البن في مختلف المناطق الزراعية الملائمة مناخياً وبيئياً بداية من العام 2006 وبهدف تطوير زراعة هذا المحصول النقدي الهام، ومحاولة لإعادة سمعة البن اليمني التي اكتسبها على مدى عقود طويلة مضت.
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©