الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب ونتنياهو: مسافة أمان تتغير!

5 مارس 2018 01:21
لم يسبق لزعيم دولة أن أقام علاقة صداقة وثيقة مع الرئيس دونالد ترامب، أكثر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يزور البيت الأبيض اليوم الاثنين، والذي يكابد ضد تهم فساد في بلاده تردد صداها في البيت الأبيض. وقد سعى كل من الرجلين بشكل متكرر إلى إبراز متانة العلاقة بينهما خلال عام ترامب الأول في السلطة، ومن المحتمل أن ينطبق ذلك على نتنياهو بشكل خاص في الوقت الراهن، حيث يخضع لتحقيق قانوني لدوره المحتمل في العديد من فضائح الرشوة، التي تشمل تقديم منافع تنظيمية تقدر بملايين الدولارات لشركة الاتصالات الإسرائيلية العملاقة «بيزك»، وهو ما ينكره نتنياهو، ويحرص في الوقت ذاته على تسليط الضوء على علاقته المهمة سياسياً مع ترامب، الزعيم المؤيد لإسرائيل ورئيس الدولة التي تعد أهم حليف ومدافع عنها. وفي الوقت نفسه، نجد أن لدى ترامب أيضاً مشاكل خاصة، تؤدي لتسليط الأضواء أكثر على زيارة نتنياهو، حيث اتُّهم أربعة من مرؤوسية -أو أقروا بمسؤوليتهم- في التحقيق الجاري حالياً بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016. ومن ناحية أخرى، يخضع أيضاً جاريد كوشنر، صهر الرئيس ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط، لتحقيقات تتعلق بالتدقيق على أعماله التجارية وعمله الحكومي، بالإضافة إلى أنه فقد تصريحه الأمني الذي كان يخوله الاطلاع على الملفات والوثائق المصنفة «سرية للغاية». وفي هذا السياق قال «جيريمي بن عامي» رئيس مجموعة «جيه ستريت» الليبرالية المؤيدة لإسرائيل، التي تنتقد كلاً من ترامب ونتنياهو: «إن الشيء اللافت هو مدى قوة التشابهات بين ترامب ونتنياهو». وقال بن عامي: «هذه الدوامة من وقائع الفساد والتحقيقات، وتضارب المصالح، هي محور كلتا الإدارتين، ونحن نرى الرجلين وهما يستجيبان بالطريقة نفسها للاتهامات الموجهة ضدهما التي تستند إلى الهجوم على المؤسسات الديمقراطية الأساسية؛ كالقضاء والإعلام». يذكر أن مقترَح السلام الإسرائيلي الفلسطيني، الذي عمل كوشنر منذ أكثر من عام على صياغته، مازال على الرف، وليس مدرجاً على رأس جدول أعمال الاجتماع الذي تم ترتيبه على هامش خطاب نتنياهو أمام لوبي لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية النافذ «إيباك». أما الفلسطينيون، فقد توقفوا عن التعامل مع المسؤولين الأميركيين، وأعلنوا أنهم يرفضون دور ترامب كصانع للسلام، منذ أن أعلن في ديسمبر الماضي، أنه سينقل السفارة الأميركية من تل آبيب إلى القدس، وهو ما رد عليه ترامب بتخفيض جزء من المساعدات التي تقدمها بلاده للسلطة، والتهديد بمزيد من تخفيضها. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوشوا رافيل، إن «الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، تربطهما علاقة وثيقة، ويبذلان جهداً للقاء كلما سنحت فرصة لذلك». وأضاف: «إن المحادثات بينهما ستشمل الاتفاق النووي الإيراني، والحرب الأهلية السورية، والجهود الرامية لإحباط محاولات إيران إقامة وجود دائم لها في سوريا يمكن أن يهدد إسرائيل، وجهود الإدارة الأميركية المستمرة لتحقيق السلام». وقال محللون في الولايات المتحدة وإسرائيل، إن نتنياهو اختار أن يتعامل مع «إيباك» بالحضور شخصياً لمقره، بدلاً من استخدام تقنية الاتصال بالفيديو عن بعد، وذلك كوسيلة للتأكيد على قوة علاقاته مع إدارة ترامب، ومع اليهود الأميركيين المحافظين، على حد سواء. أما ترامب، فلا ينوي مخاطبة «إيباك» بشخصه خلال وجود نتنياهو، وسينوب عنه نائب الرئيس مايك بينس، وسفيرة بلاده لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان. وكان ترامب ونتنياهو قد اجتمعا مرة واحدة فقط، منذ إعلان نقل السفارة، وذلك في المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا في يناير الماضي. وجاءت خطوة نقل السفارة الأميركية إلى القدس تنفيذاً لوعد قطعه ترامب على نفسه خلال حملته الانتخابية لكسب أصوات اليهود المحافظين والمسيحيين الإنجيليين. وهذه الخطوة دفع إليها كل من كوشنر وفريدمان، ولقيت معارضة في البداية من وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيم ماتيس، لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وقال ترامب، إن إسرائيل «ستدفع ثمن» نقل السفارة، في صورة إقامة مساكن للفلسطينيين في أي مفاوضات سلام مستقبلية. من جانبه قال ديفيد ماكوفسكي، المفاوض السابق في إدارة أوباما، إنه طالما أن هذه المفاوضات كانت مطلباً بات الفلسطينيون يرفضونه، بسبب نقل السفارة، فإن نتنياهو لا يساوره قلق ب أن يضغط عليه ترامب فوراً، من أجل تقديم أي تنازلات صعبة. وأضاف ماكوفسكي أن «نتنياهو يخوض في الوقت الراهن أهم معركة في حياته»، من الناحيتين القانونية والسياسية. وقال: «إن الزيارة التي يقوم بها نتنياهو لواشنطن تتيح له، إلى حد ما، فرصة لالتقاط الأنفاس. كما يمكن النظر إليها من جهة أخرى على أنها جولة يحتفل فيها بانتصاره بعد قرار ترامب نقل السفارة الأميركية». وأضاف ماكوفسكي: «الاحتفال بالأخبار السارة، كما سيعرّف الرجلان الغرض من الزيارة، يعني أن أياً منهما، لن يجد نفسه مضطراً لاتخاذ أي قرارات كبيرة خلال هذه الزيارة». والمقابلة التي أجرتها الشرطة الإسرائيلية مع نتنياهو يوم الجمعة الماضي، أي قبل أقل من 24 ساعة على مغادرته إلى واشنطن، وهي الثامنة من نوعها لرئيس الوزراء الإسرائيلي، تتعلق بالتحقيقات التي تجرى معه بشأن وقائع فساد وفضائح هزت قيادته، وأدت بالفعل إلى تقديم توصيتين بتوجيه الاتهام رسمياً إليه من قبل مسؤولي إنفاذ القانون. ومع ذلك، لم يكن لهذه الفضائح تأثير يذكر على استقرار حكومة نتنياهو، وذلك بسبب التزام شركائه في الائتلاف، من حزب «البيت اليهودي» اليميني إلى الجماعات اليهودية الأرثوذكسية المتشددة، بالمحافظة على بقائه في السلطة. وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، بسبب حساسية القضايا القانونية والدبلوماسية المثارة بهذا الشأن، إن نتنياهو بالنسبة لترامب يشكل مزايا وتهديدات سياسية في الآن ذاته. فعلى رغم أن طبيعة التحقيقات التي تجري مع الرجلين مختلفة للغاية، وأن ترامب ليس هدفاً واضحاً للملاحقة القضائية في الوقت الراهن على الأقل، إلا أن أوجه التشابه التقريبية بين وضعيهما لا يمكن تجاهلها. وحول هذه النقطة يقول شموئيل روسنر، وهو زميل في «معهد سياسات الشعب اليهودي»، إن ترامب يواجه الآن معضلة حول كيفية التعامل مع نتنياهو. وأضاف روسنر: «يمكن لترامب أن يختار واحداً من نهجين؛ إما أن يتماهى مع نتنياهو باعتبار أنهما يواجهان وضعاً متماثلاً، يدفعهما إلى أن يتوحدا معاً من أجل الدفاع عن نفسيهما ضد تحقيقات يعتبرانها غير مبررة، وضد مؤسسة غير راغبة في استمرارهما في منصبيهما.. وإما أن يميل للخيار الآخر، وهو تبني نهج أكثر حذراً، نهج يقول فيه ترامب لنفسه: يستحسن أن أحافظ على مسافة أمانٍ بيني وبينه»، بحسب روسنر الذي يقول، مع ذلك، إنه لا يرى حتى الآن أي إشارة من جانب ترامب على أنه ينوي أن يترك مثل تلك المسافة. *مراسلة «واشنطن بوست» لدى البيت الأبيض **مراسلة «واشنطن بوست» في إسرائيل ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©