الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هموم محلية وقضايا إنسانية ولغة سينمائية مغامرة

هموم محلية وقضايا إنسانية ولغة سينمائية مغامرة
10 ابريل 2008 01:49
خلال تظاهرة سينمائية نظمها ''نادي المشهد'' بالتعاون مع مهرجان دبي السينمائي الدولي وشركة دي سيفن للإنتاج السينمائي جرى عرض خمسة من الأفلام القصيرة من إخراج أربع مخرجات من الإمارات وإيطاليا وإيران، حيث جرى في قرية المعرفة عرض فيلمين من الإمارات هما ''عربانة'' للمخرجة الإماراتية نائلة الخاجة، و ''وجه عالق'' للإماراتية منال بن عمرو، وفيلمان للمخرجة الإيطالية الشابة إيزابيلا سالفيتي وهما فيلم ''إيماءة بريئة'' وفيلم ''حظ صغير''، والفيلم الخامس هو ''رابطة'' للإيرانية مريم قرباني· على العموم عالجت الأفلام قضايا وهموما إنسانية صغيرة، فنائلة الخاجة تتناول في ''عربانة''، خلال 6 دقائق و38 ثانية، موضوع العمالة في البيت الإماراتي، وما ينتج عنه من مشكلات وآثار اجتماعية ونفسية، حيث ربة المنزل مشغولة بالمكالمات مع صديقاتها وتهتم بماكياجها وجولاتها في الأسواق، مهملة طفلتها الوحيدة، وتاركة إياها لعامل يعتني بالحديقة، فنجد الطفلة تلجأ إليه وتدخل معه إلى غرفته، وتظهر كمية كبيرة من الحشرات وتدور الأرض قبل أن تخرج الطفلة حاملة الشوكولاتة، ومع نهاية الفيلم نرى كومة من أوراق السلوفان التي تغلف الشوكولاتة، والطفلة في ما يشبه الضياع· وتعتني المخرجة بزوايا التصوير عناية خاصة، بدءا من تصوير القصر الذي تدور الحوادث في داخله وفي حديقته، ومرورا بوضع المرأة اللاهية والطفلة الحائرة· أما فيلم منال بن عمرو البالغ طوله 6 دقائق وخمس ثوان، فهو يعبر بقسوة عن تقليد ختان الفتيات وما يتركه في روح الفتاة من آثار مدمرة، فالوجه العالق هو وجه الطفلة التي تنظر إلى العجوز وهي تتقدم نحوها بقناع بشع، وكذلك بساقين داميتين تتدليان من مكان مجهول، صورة تبرز وحشية ما جرى للطفلة، وجعلها تحمل آثاره في روحها لعشرين عاما، حيث تحاول التخلص من هذه الصورة عبر العودة إلى مدرستها القديمة ذات الجدران المتشققة والأرضية القذرة، وتبدأ ترسم بالطبشور على السبورة دوائر تعبر عن عدم قدرتها على الخروج من دائرة الماضي، وتمضي إلى البحر لتغتسل لكن الصورة تظل تلاحقها وهي تحاول التخلص من قناعها· ذلك كله من خلال كاميرا ترصد الحركة في المكان على نحو دقيق، وإضاءة وموسيقى تتناغمان مع مناخ الألم في فيلم صامت باستثناء البكاء الذي يصدر عن الطفلة· وهذه كانت سمة لعدد من الأفلام، حيث يغيب الحوار أو يكاد· في الفيلم الإيراني ''رابطة'' تقوم علاقة حميمة بين عجوز يجلس على كرسي أمام سكة حديد معطلة ولا تعمل، ويتنقل بكرسيه من مكان لآخر أمام السكة، وطفل عائد من مدرسته ينظر باستغراب إلى العجوز، بل يتعامل بنفور عن بعد، ويتهمه بالجنون لأن القطار لن يأتي، ولكن العجوز متأكد أن القطار سيأتي، وشيئا فشيئا يبدأ الطفل بالاقتراب، حتى نراه وهو يتناول الطعام مع العجوز، وفي أحد المشاهد يبدو العجوز وهو يأكل البندورة والطفل يلعق دما ينزف من فمه، وفي لحظة يعود الطفل فيجد الكرسي فارغا، وفوقه الكتاب الأحمر الذي كان العجوز يقرأ منه، ثم تختم المخرجة بلقطة للطفل بعد زمن حيث يبدو شابا ويحتفظ بالكرسي والكتاب ويجلس قرب سكة الحديد· وفي الأثناء يبدو اهتمام المخرجة برصد المكان وإبراز المناظر الطبيعية، حيث يدور الفيلم كله في الفضاء الطلق· المخرجة الإيطالية اختارت موضوعين يتعلقان بالظرف المادي لأبطالها، ففي ''إيماءة بريئة'' تلتقي البطلة العجوز برجل على حافة اليأس يصطحب كلبه على شاطئ البحر، وعبر حوار قصير وبلغة العيون نفهم بؤس الرجل الذي يفاجئ العجوز بمسدس، ثم لا نلبث أن نسمع صوت طلق ناري، وتغادر العجوز حاملة الكلب معها· ويبدأ ''حظ صغير'' برجل يقذف امرأة من سيارته، ورجل يقترب منها لسرقة محتويات حقيبتها التي لا تحتوي على ما هو مهم أو ثمين· لكنه يعثر في صدرها على لفافة صغيرة يأخذها ويمضي، ووسط أجواء ماطرة تسقط اللفافة وينتهي الفيلم بهذه اللفافة في يد طفل يحمل لعبة يود أن يصلحها· هذا كله يأتي ضمن لغة سينمائية عالية في استخدام المؤثرات الصوتية والضوئية، ويبرز في الفيلمين ميل المخرجة إلى اللقطات المكبرة والمشاهد القاسية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©