السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تناغم الإيقاع

تناغم الإيقاع
10 ابريل 2008 01:37
في لحظة قيادتي للسيارة متجهاً إلى العمل، وفيما كان صوت طبل ''المرواس'' في فن الصوت يمتزج مع الغناء الجميل عن البحر وقصصه المليئة بالحب والخوف والشغف والعشق، ضيعت تناغم الـ''صفقة'' مع طبل ''المرواس''، وهنا أدركت أن هناك شيئاً ما قد ضاع مني فعلا، حيث كان الإحساس عاليا في داخلي بجمال اللحن والكلام والأداء الذي كان يبث من إذاعة ''صوت الموسيقى'' من أبوظبي، التي لا أحيد مؤشر المذياع عنها؛ في تلك اللحظة كان كل شيء على ما يرام، الحالة النفسية والشعور المتداخل مع الصورة التي يرسمها الغناء في الذهن، خاصة أن الغناء كان يأتي من هناك، من الزمن الجميل البعيد، من ذاكرة البحر ومن حكاياته، حيث سيّر أبناء الخيلج السفن بشغف المغامرة ليكتشفوا الساكن في عمق البحر، وما خلف المدى المنتهي في البصر؛ وبعيدا في الأعماق غطسوا، حتى أن لامست أصابعهم اللؤلؤ، ومضوا إلى الأبعد كي يغيروا الواقع إلى الأجمل· كل ذلك كان حاضرا في المخيلة، في حدود الوقت القصير بين البيت والعمل، حيث الخيال هو القدرة الحقيقية على الإبحار في الزمن، ولكن الإيقاع قد ضاع مني وختلت حركة اليد مع صوت ''المرواس'' حين أردت أن أجاريه بـ ''الصفقة'' مما عنى لي أن خللا ما قد حدث في إيقاع الجسد، وأن خللا حدث بين الحاضر والماضي، بين القدرة على التناغم، وبين الذاكرة الروحية والذاكرة الحسية، ولكن هذا الشعور الصعب يمكن استدراكه بالتركيز ومعاودة التدريب من جديد على ضبط الإيقاع، حتى يتحقق التناغم مع ضربات الأصابع على طبل ''المرواس''· الإيقاع هو ميزان الوجود ومن خلاله تمر كل الأشياء بسلاسة، إذا كان منضبطاً ومتناسقاً بين الداخل والخارج، بين الروحي والمادي؛ والشعوب تتطور إذا كان إيقاع الحركة متناسقاً في مجتمعاتها بين الماضي والحاضر، وإذا كانت الثقافة بالتحديد، وبكل جوانبها الفنية والفكرية والتراثية تسير في إيقاع منتظم، يمكنها أن تفرز مزاجاً شعبياً جميلاً· ومن الملاحظ في مكاننا توجد فوضى في الإيقاع، فيما من المفترض أن يكون هناك هدف نسير إليه بإيقاع متناسق ومتناغم لبلوغ وتكريس حالة ثقافية حقيقية وليس سباقا دعائيا يشوه المشهد بعدم الإدراك لمعنى التناغم الذي يجب أن يسود بين الوعي الثقافي السائد في المجتمع وبين الأسلوب الذي علينا اتباعه لبلوغ الأجمل· saadjumah@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©