الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البنك الدولي: انتشار الأوبئة يهدد بانكماش الاقتصاد العالمي 4.8%

البنك الدولي: انتشار الأوبئة يهدد بانكماش الاقتصاد العالمي 4.8%
9 مايو 2009 00:50
منذ اندلاع مرض انفلونزا الطيور لأول مرة في عام 1997 وانتشار وباء السارس في عام 2003 توسعت دائرة البحوث الخاصة بالتكاليف الاقتصادية لهذه الأمراض المعدية. ومضت هذه الدراسات ترسم صورة قاتمة لما يمكن أن يتمخض عن انفلونزا الخنازير على الاقتصاد العالمي حيث قدر الاقتصاديون في البنك الدولي على سبيل المثال في العام الماضي أن اندلاع أي من الأمراض الوبائية المعدية بمعدلات وفيات أشبه بتلك التي نجمت ضمن الانفلونزا الإسبانية التي اجتاحت العالم في عام 1918 - 1919 يمكن أن تؤدي الى انكماش الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمعدل 4.8 في المائة. وعلى الرغم من أن هذه البحوث والدراسات بإمكانها أن تساعد على تحديد حجم الآثار والتداعيات الاقتصادية لانفلونزا الخنازير فأن الكساد بات يعني، وعلى عكس مما يعتقد البعض، أن الآثار الإضافية السالبة للوباء ربما تصبح أقل دراماتيكية بكثير مما لو كان هذا الوباء قد ظهر في أوقات طبيعية. إذ يدعي الاقتصاديون أن الوباء سوف يؤثر على الطلب والعرض العالميين على حد سواء، إلا أن الطلب يبقى هو الجانب الذي يحظى بأهمية خاصة لأنه يخضع دائماً ويتأثر بحالة الغموض وعدم وضوح الرؤية والمخاوف المحيطة حتى بإمكانية انتشار المرض. وهو الأمر الذي من شأنه أن يتسبب في انخفاض إنفاق المستهلك ويدعو الشركات والأعمال التجارية لتجميد خططها الاستثمارية. التجربة الآسيوية وفي هذا الخصوص يمكن الاستدلال بتجربة القارة الآسيوية مع مرض السارس الذي أدى الى انخفاض حاد في الاستهلاك الشخصي في الاقتصاديات التي تأثرت بالوباء، فقد تجنب الأشخاص الخروج من منازلهم تماماً كما يحدث الآن في المكسيك. ففي يوم التاسع والعشرين من أبريل أعلن الرئيس فيليب كالديرون تعليق كافة النشاطات الوطنية غير الضرورية ابتداء من أول مايو وحتى الخامس من الشهر. وقد أدى إلغاء الأحداث الرياضية وإغلاق المسارح وكافة الأندية الليلية التي تكبد صناعات التجزئة والخدمات في مدينة مكسيكو العاصمة وحدها خسائر بلغت 55 مليون دولار يومياً منذ تاريخ 24 أبريل عندما عمدت السلطات أولاً الى إغلاق جميع المدارس. وبات من المتوقع أن يتضاعف هذا المبلغ بعد أن اتجهت السلطات أيضاً الى إغلاق كافة المطاعم التي يجلس فيها الزبائن. والى ذلك فقد تفاعلت الأسواق بصورة حادة حيث انخفض البيزو أمام الدولار بنسبة بلغت 5.5 في المائة منذ أن بدأت حالة الطوارئ. وذكر أوجستين كارستينز أنه يتوقع أن يتكبد الاقتصاد خسائر تتراوح ما بين 0.3 و 0.5 في المائة في إجمالي الناتج المحلي استناداً الى السوابق في القارة الآسيوية. أما لويس فلوريز الاقتصادي في بنك آي إكس أي في المكسيك فقد توقع من جانبه أن يزداد مستوى العجز في ميزانية الحكومة بنسبة تصل الى 0.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ثقة المستهلك أما الأهم من ذلك فقد جاء اندلاع الوباء في وقت تتراجع وتتدنى فيه ثقة المستهلك في جميع أنحاء العالم. لذا فإن أي انخفاض جديد في الطلب بسبب وباء أنفلونزا الخنازير ربما يصبح أقل أثراً من ذلك الذي تسبب فيه وباء السارس عندما انخفض أعداد الواصلين الى هونج كونج في كل شهر إبان الأزمة. إلا أن الوباء من شأنه بالطبع أن يطيح بآمال الانتعاش السريع من الركود عبر توفير سبب آخر لاستمرار الصورة القاتمة. وكذلك فإن الضبابية وعدم وضوح الرؤية الذي تسبب فيها الوباء سوف تؤثر أيضاً على الاستثمارات. فسوف تزداد أقساط المخاطر في الدول المتأثرة بالوباء، بينما تزداد المخاوف بشأن السلامة سواء كانت مبررة أم لا وبشكل يؤثر على التجارة بين الدول. فقد عمدت السلطات الصينية أصلاً الى فرض حظر على لحوم الخنازير المكسيكية برغم عدم توافر دلائل على أن هذه اللحوم تؤدي الى انتشار الفيروس. ولما كانت التجارة العالمية تعاني أصلاً من التراجع والانخفاض من انتشار مثل هذه المخاوف من شأنه أن يعمق من حالة الانزلاق. أما الآثار المتمثلة في جانب العرض جراء انتشار الوباء فسوف تأتي بشكل رئيسي بسبب وقوع الأشخاص فريسة للمرض أو تعرضهم للوفاة، فالأشخاص المصابون بالمرض لن يعود بإمكانهم ممارسة الأعمال وربما يحتاج آخرون الى بعض الوقت حتى يتعافوا من المرض، وهو الأمر الذي سوف يدلي بآثاره على حجم القوى العاملة وبتداعيات قد تستمر الى سنوات عديدة. وبالطبع فإن الإنتاج المستقبلي لأولئك الذين لقوا حتفهم سوف يصبح مفقوداً. فاتورة العلاج ولكن ذلك سوف يضحى أمراً ليس شديد الأهمية إذا ما تعرض الأشخاص المعمرين لأغلب حالات الوفيات. إذ يشار الى أن أسوأ التداعيات الاقتصادية كانت قد نجمت عندما أدى فيروس الايدز الى انتشار أغلب حالات المرض والوفيات في أوساط الشباب، إلا أن تكاليف الوفيات والرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم من الصعب احتسابها في غياب المعلومات الخاصة بالتكاليف الطبية في كل دولة على حدة. وعلى كل فإن مارتن ميلتزر ونانسي كوكس وكيجي فيوكودا الذين يعملون حالياً كنواب للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية كانوا قد توصلوا الى تقديرات لهذه التكاليف في أميركا في ورقة تقدموا بها في عام 1999. وخلصوا الى أن وباءً يتأثر به من 15 الى 35 في المائة من التعداد السكاني سوف تصل تكاليفه الى مبلغ يتراوح ما بين 71.3 مليار الى 166.5 مليار دولار (بقيمة الدولار في عام 1999). ولكن معظم هذه التقديرات تمت على أساس أن جميع المرضى أو الذين لقوا حتفهم كانوا من المنتجين، وهو ما يعني أن هذه التقديرات تختص بالإنتاج المحتمل للاقتصاد الأميركي، وبسبب التباطؤ العالمي فإن المزيد من العديد من الأشخاص أصبحوا خارج نطاق العمل وبشكل أكبر مما يحدث في الأوقات العادية، وهو ما يعني ربما أن التكاليف الآنية لخسائر إضافية في إجمالي الإنتاج سوف تصبح أصغر وأقل حجماً مما ورد في التقديرات التي خرج بها هؤلاء الاقتصاديون الثلاثة. على أن هنالك العديد من الدراسات الأخرى التي تمكنت من تجميع أجزاء الصورة الى بعضها البعض لكي تقدر الأثر الإجمالي لأي وباء على النمو الاقتصادي. وكان وارويك ماكيبين واليكساندرا سايدورينكو قد خلصا في دراسة أجريت لمصلحة معهد لوي للسياسات الدولية في سيدني في عام 2006 الى أن حتى وباء من النوع المتوسط بإمكانه أن يطيح بنسبة 0.8 في المائة من إجمالي الناتج العالمي. وفي أسوأ الظروف اعتبروا أن هذا الانخفاض سوف يصل الى معدل 12.6 في المائة. وقدروا كذلك أن وباء أشبه بذلك الذي بدأ في عام 1918 سوف يخفض النمو في الاقتصاد الأميركي بمعدل 3 في المائة وفي اليابان بنسبة تصل الى 8.3 نقطة في المائة. ويمكن مقارنة هذه الأرقام مع تلك التي وردت في دراسة نفذها الاقتصاديون في مكتب الميزانية الخاص بالكونجرس الأميركي والتي وجدت أن وباء أشبه بالأنفلونزا الإسبانية سوف يؤدي الى خفض النمو في الناتج الإجمالي الحقيقي الأميركي بنسبة بحوالى 5 في المائة نقطة. كما أن جولة أصغر حجماً من الوباء سوف تؤدي الى انخفاض بمعدل 1.5 نقطة في المائة. وهي جميعها تعتبر انخفاضات مؤثرة وكبيرة الحجم. وقد لاحظ مكتب الميزانية في الكونجرس أن وباء بالغ الحدة سوف يؤدي الى ركود أشبه بما حدث في فترة ما قبل الحرب العالمية. وتماماً كما حدث في السابق فإن المخاوف من أنفلونزا الخنازير تأتي في الوقت الذي يعاني فيه العالم من أسوأ ركود له منذ الحرب العالمية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يخفف من وطأة الآثار الاقتصادية الناجمة عن الوباء. ولكن وفي حال أن انتشر الوباء بسرعة الى معظم أنحاء العالم فإن هذه الآراء لن تشكل بالطبع سوى القليل من العزاء. عن مجلة «أيكونوميست»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©