الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المقناص» رحلة تجمع حماسة الصقور والصقارين

«المقناص» رحلة تجمع حماسة الصقور والصقارين
8 مايو 2009 01:14
تربط رحلات المقناص ماضينا التليد بحاضرنا المعاصر، فقنص الصقور من الهوايات المحببة لدى سكان الجزيرة العربية، فقديماً لم تكن هناك وسائل صيد حديثة، لذا اعتمد ابن المنطقة على الصقور التي يدربها لجلب الصيد له، وذلك باصطياد الفرائس من طيور تؤكل أو حتى الغزلان. استمر إنسان الخليج في حرصه على هذه الهواية حتى يومنا الحالي وتحولت من إحدى طرق العيش في الماضي ووسيلة للبقاء إلى هواية ووسيلة للترفيه وموروثاً مرتبطاً بالمنطقة. أسعار عالية يصف البعض الصيد بالصقور بأنه هواية الآباء ولا يمكن الاستغناء عنها، فقد تعلموها من آبائهم وأجدادهم عندما كانوا يخرجون معهم إلى «المقناص». وعندما شحت الصحراء وتسارع الصيادون ومحترفو القنص على صيد طيورها وحيواناتها، اتجهوا إلى السفر للعديد من الدول العربية والأجنبية والبقاء في الصحراء والروابي، يجوبون سهولها والهضاب في مطاردة كل فريسة ويطلقون عليها صقورهم كي تظفر بصيدها لهم، ويمكثون أسابيع عديدة خارج أوطانهم في ممارسة هذه الهواية المكلفة والممتعة بالوقت نفسه، ويجدون كل المتعة والمرح في الصيد المكلف. وتأتي التكاليف الكبيرة من سعر الصقور النادرة التي تجلب من أعالي الجبال، بقيمة تصل إلى مليون ريال ومليونين وأكثر! نظراً لندرتها وعدم توافرها ويشتريها الأثرياء بمبالغ طائلة، خاصة الأنواع المحببة منها والمعروفة بالصيد وقوة التحمل مثل «الحر» و»الحر الأبيض» و»الشاهين»، فلهذه الأنواع مكانة خاصة في قلوب هواة الصيد القطريين الذين يعتزون ويتفاخرون باقتنائها وملكيتها. عزيمة وصبر يبث المقناص روح العزيمة والصبر في نفس الصياد القطري وصاحب الصقر، كما يشعل روح المنافسة والتحدي بين أصحاب الصقور الذين يخرجون لرحلات القنص في البراري، وهم يترقبون صقورهم تقوم بعملية الاصطياد لفرائسها المتنوعة. ولا شك أن القنص هو أحب طريقة لدى الكثيرين وأسرعها، كما أن طريقة المقناص بالصقور مختلفة عن أنواع الصيد الأخرى ومتعتها مختلفة وذات مزايا عديدة. وعلى الرغم من وجود العديد من طرق الصيد بالصقور يفضل أهل القنص الذهاب إلى «المقناص» في مواسمه، كما يفضلون تربية أجود أنواع الصقور، وهو ما يعرف باسم «الحر» أغلى الأنواع الذي حافظ على سعره المرتفع إلى الآن، حيث يصل سعره إلى أكثر من مليون ريال قطري، ويشتهر بسرعته التي يتميز بها وانقضاضه على فريسته، كما يعرف بسرعة استبدال الريش في الموسم المحدد لذلك. فيما يحرص العديد من الشباب في قطر على الاهتمام بالقنص وانتظار حلول مواسم الصيد بفارغ الصبر للخروج إلى لمقناص في الأوقات التي يسمح بها، وما زالوا يرغبون في الحفاظ على هوايتهم المفضلة وتعليمها للأجيال القادمة. إذ يتخذ عشق الصقور والقنص في حياة الإنسان القطري موضع التأثير والشغف في قلوب الشباب والكبار منذ قديم الأزل، ويربون الصقور في «فللهم» ودورهم داخل غرف خاصة، وينفقون عليها مبالغ كبيرة، حيث إنها تتغذى على اللحوم والطيور خارج مواسم الصيد المتباعدة، ولا توجد طيور مهاجرة تأتي إلى البرية إلا بعد موسم الصيف. وعلى الرغم من أن الصقور تحتاج إلى جهد كبير يبذل في تربيتها وتدريبها وتعويدها على أصحابها، إلا أنه غالباً لا يمكن الاستغناء عنها من قبل أصحابها بعد أن تتحول التربية والهواية إلى ولع كبير بالصقور، ويترك صاحب الصقر عمله ومهامه ومشاغله وينسى نفسه أمام طيره المحبب إلى قلبه! الغش في التجارة تختلف درجة عشق الصقور ورحلات القنص من شخص إلى آخر، وتختلف معها طريقة التربية والتدريب، رغم وجود مسلمات وأساسيات يقوم بها «الصقّار» المتمرس وصاحب الخبرة التي يكتسبها إما سماعياً ممن سبقوه في هذا المجال أو من خلال تمرسه وتعلمه على أرض الواقع، ويصبح الصقر مع مرور الأيام أكثر قوة بعد اكتشاف قدراته والتعامل معها وصقلها، بحيث يمكن الاعتماد عليه في صيد الفريسة التي يراها بسرعة فائقة ويطاردها، حتى إن تطلب الأمر الطيران لمسافات بعيدة ولا يعود إلا بها ويحط عند صاحبه. لكن ما ينغص على الصقارين مسراتهم، هو ضياع الصقور أو موتها، وعند ذلك يتعرضون لخسائر كبيرة ويشعرون بالحزن لفراق طيورهم التي اعتادوا عليها، حتى أن الصقر يحمل اسماً يطلقه عليه صاحبه وعندما يناديه «ينعته» يأتي ويحط على يده، وما يعكر صفو هذه الهواية هو أن الصقر «الحر» الأصيل انقرض تقريباً، وأصبح نادر الوجود، فضلاً عن وجود غش في تجارة الطيور الحرة، وذلك لكثرة المزارع الخارجية لتكاثر الطيور ووضع البيض للتفريخ، بحيث يأتي بها التجار من الخارج على أنها طيور حرة وأصلية! بينما هي من إنتاج المزارع مما يجعل نوعها رديئاً، وليست بالطيور الحرة، وذلك السبب الرئيس لعدم شراء وتربية «الحر» منها إلا من مصادر موثوقة، فالمعروف عن «الحر» الأصلي أنه قوي في منازلة فريسته «الحبارى» وغيرها، على الأرض وسريع جداً، ويتبدل ريشه أسرع من الطيور الأخرى. بينما يبدأ القنص في شهر سبتمبر من كل سنة، حيث عشاق هذه الهواية يستعدون لموسم الصيد والخروج للمقناص مع الأصدقاء. يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد «القمريات».. نوافذ تطل على تاريخ المعمار اليمني مهيوب الكمالي صنعاء - تعددت المراجع والدراسات التي تناولت تاريخ «القمرية اليمنية» التي يستخدم فيها الرخام للإضاءة، ويعود تاريخ انتشارها إلى عام 25 ق. م، أي تاريخ تأسيس «قصر غمدان» بالعاصمة اليمنية غير أن الفن المعماري لم يتوقف عند حد معين في التطور، بل طرأ عليه التجديد والابتكار، فكانت العقود الجميلة الملونة هي الامتداد الطبيعي لتطور القمريات على مر الزمن. ثمة من يرى أن ازدهار فن تشكيل وزخرفة النوافذ «القمريات» كان مقترنا بازدهاره أصلاً في مصر، خاصة بعد تطور العلاقات بين الفاطميين في مصر والصليحيين في اليمن، في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، ويستشهد هؤلاء بالستائر الجصية المخرمة بأنواع الزخارف النباتية والهندسية التي وجدت في الأزهر الشريف وجامع الحاكم، كآخر آثار العصر الفاطمي. سبب التسمية وللتعرف على فن «القمريات» نقترب من موهبة الإنسان اليمني، حيث يقول يحيى عبد الله الجدري- صاحب ورشة خاصة بصناعتها، يقول: «تعتبر «القمرية» من العناصر الجمالية التي تكسو منذ عقود واجهات أبنية صنعاء وبعض المدن اليمنية الأخرى، إذ يتم وضعها فوق النوافذ الخشبية، ويمكن الحصول على مادتها الأولية من حجر المرمر الذي يتوفر بمنطقة «الغراس» شرقي صنعاء، وبعد استخراجه من المناجم يمر بعدة مراحل فنية وصناعية، ومن ثم يثبت بالجبس. ويضيف الجدري: «ابتدع المعمار اليمني «القمريات» لتأمين الاضاءة الداخلية بعد إغلاق النوافذ الخشبية التي يترتب على إغلاقها ليلاً أو نهاراً فقدان الإضاءة الطبيعية داخل المنزل. وقد أطلق عليها أهل صنعاء هذا الاسم نظرا لشفافيتها وصفائها اللذين يسمحان بدخول ضوء القمر إلى فراغ المبنى الداخلي». فيما يرى بعض الباحثين أن سبب التسمية يرجع لبياضها الناصع الذي تتميز به، لأن النور الذي ينفذ منها يكون بلون أبيض صافي أشبه بضوء القمر، كما أن ألواح بعض النوافذ دائرية أشبه مايكون شكلها بالقمر ليلة تمامه. إبداع معماري يقوم أكثر من شخص بإعداد التجهيزات الأولية لصناعة القمرية، حيث يقول سنان اليريمي- عامل: «نقوم بجلب الجص كونه المادة الرئيسية لصناعة «القمريات» من أماكن خاصة منتشرة خارج صنعاء، وبعد طحنه نخلطه بالماء ثم نتركه حتى يجمد، ثم نقوم بصبه على لوح خشبي بأبعاد معينة تحوي مساحة القمرية، بعدها نقوم برسمها وتحديد شكلها الخارجي بالفرجار، وتأتي بعد ذلك عملية رسم الزخارف والنقوش باستخدام السكاكين، وأحياناً نقوم بعملية الحفر بواسطة المثقب الكهربائي لإظهار الزخارف، ثم تترك «القمرية» لمدة يومين حتى تجف، بعدها نزيحها عن اللوح الخشبي ونضعها على أرضية ناعمة، لتبدأ مرحلة تثبيت الزجاج، فالمرحلة الأخيرة المتمثلة بالنظافة الكاملة وإزاحة وتنظيف طبقة الجص المثبت للزجاج لإظهار زخرفة «القمرية» في صورتها النهائية». لوحات الصالات يشتهر أبناء مناطق يمنية دون غيرها بصناعة «القمريات» والتفنن في تشكيها كسكان مدينة «المحويت» التي يشتهر أبناؤها بهذه الحرفة، إذ يقول المهندس المعماري محمد حسن شوعي: «إن الصالات المفتوحة في البناء الحديثة تأخذ حقها حاليا من العناية في «القمريات» وهذا مالم يكن مألوفا من قبل لأنها صارت في كثير من هذه الصالات الواسعة توضع على شكل لوحات دون أن تكون مطلة على الخارج وهذا يؤكد أهمية القمرية يوما بعد يوم». ويضيف: «إن العمارة اليمنية تظل متميزة بطابعها التقليدي العريق الذي جعلها منظرا جميلاً يدعو للتأمل خاصة عند السياح، لأن «القمرية» بنقوشها الملونة وتنميقاتها الزاهية تشكل لوحة فنية جمالية تبدو كأنها محاكاة للفن الحديث بتداخل ألوانها وتمازجها، وهي كذلك دون أن تتخلى عن طابعها العربي الإسلامي». زخارف متنوعة تتعدد أشكال «القمريات» وتختلف زخارفها، فهي بحسب الحرفي بجاش مطهر: «كثيرة ومتنوعة وتعتمد على موهبة وخيال الحرفيين. كما أن رغبة أصحاب العمارات هي من تحدد لون الزخارف المطلوبة، خاصة أن الغرض منها هو إدخال الضوء إلى داخل المنزل، والبعض يفضل أن يكون الضوء المنعكس ملونا». من جهته يقول سريع شكري- مهندس معماري: «ارتبط ازدهار فن العمارة اليمنية -تحديداً القمريات- بالفترة العثمانية، فقد شوهد هذا الفن في صنعاء، لكن ازدهر أكثر وحدث تحول وتغيير وإقبال أكبر عليه وتألقت زخارف ذات أنماط عثمانية مثل «نبات السرو» و»زهرة القرنفل» و»شقائق النعمان». وفيما اقتصرت «القمريات» الزجاجية -قديماً- على أصحاب العمارات الكبيرة والقصور لارتفاع تكلفتها ولعدم توفر الزجاج بالكميات المطلوبة، واقتصر استعماله على «القمرية الداخلية» أما الخارجية فقد ظلت غير مكسوة بالزجاج لندرته، لكن ظل هناك توافق بين استعمال المرمرية مع المكسوة بالزجاج، خاصة في عمارات الأئمة والأسر المالكة، وفي بداية الخمسينات راج استعمال الزجاج بصورة عامة، وتلاشت «القمرية المرمرية تماماً». يقول أحد صناع «القمريات» محمد حميد، بينما ينهمك في عمله: «نستخدم أنواع متباينة من الزجاج من صنع «القمريات» لذا يتوقف سعر القمرية على نوع النقش والحجم والزجاج الهندي و الألماني، وهذا الأخير أغلى وأجود أنواع الزجاج المستخدم في زينة «القمريات» كما أنه يتميز عن مثيله بدوام ألوانه مدى الحياة على عكس الزجاج الهندي الذي يفقد بريقه وتبهت الوانه بالتدريج مع مضي الوقت، ولذلك فغالبا ما يقع الاختيار على لزجاج الهندي على قمريات الغرف العادية، أما صالات الضيوف وغرف الجلوس لا يختار لها سوى الزجاج الألماني. التاريخ يتحدث تكشف دراسات التاريخ المعماري عن سبب آخر لظهور «القمريات» وهو سبب تاريخي- ديني، بحسب الباحث د.خالد ناصر باراشد- أستاذ التخطيط المعماري بجامعة حضرموت، حيث يربط انتشار «القمريات» ونمط العمارة البرجية على قمم الجبال في اليمن تاريخياً إلى عوامل عديدة (أولها العامل العقائدي بشقية الديني والأسطوري اللذين شكلا مقومات الهوية العقائدية للمجتمع) ويقول «سميت كذلك لأنها تشبه القمر في شكلها الأصلي الذي كان دائرة شفافة تعطي ضوءاً خافتاً مشابهاً للقمر، ومع الزمن أدخلت تعديلات على الشكل ليصبح عنصراً معمارياً جمالياً بالإضافة إلى وظيفته البيئية في إدخال الضوء». اهتمام كبير في السنوات البعيدة الماضية بدأ الاهتمام بصناعة «القمريات» يتراجع، حيث بدأ البعض يتجه لاستخدام الألمنيوم للنوافذ كمادة بديلة عن الأخشاب والعقود الملونة، ويضيفوا إليها الشكل الجمالي للعقد، لكن دون استخدام الجص كمادة رئيسية في العمل، ويعلل البعض ذلك بأنه توفير للمال والصيانة، على الرغم من أن أسعار «القمريات» المصنوعة من الجص الأبيض لا يقارن بأسعار شرائح الألمنيوم غالية الثمن! وعلى الرغم من هذا التهديد الذي تواجهه صناعتها إلا أن اليمنيين في السنوات الأخيرة عادوا للتمسك بها، ويدل على ذلك تزايد أعداد المحلات التي تتعامل مع هذه الصناعة القديمة التي ورثوها عن أجدادهم. كما تحرص السلطات المختصة على تشجيع هذه الصناعة حتى لا تنقرض، وتسرق من جمال البيت اليمني الذي لا يخلو منها إحدى جمالياته وألوانه الزاهية التي تعكس حب اليمنيين للبهجة التي تعكسها نقوش وزخارف زجاج «القمريات» الجميلة
المصدر: الدوحة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©