الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الحلاج وحيداً.. محنة العالِم في كل العصور

الحلاج وحيداً.. محنة العالِم في كل العصور
22 ابريل 2016 23:56
ظافر جلود (دبي) تتناول المسرحية الإماراتية «الحلاج وحيداً» التي تمثل الإمارات في مهرجان الكويت المسرحي للمونودراما - دورة الفنان سعد الفرج، سيرة المتصوف الشهير المنصور بن حسين الحلاج الذي عاش في منتصف القرن الثالث للهجرة، وهي من إعداد وتمثيل وإخراج الفنان الإماراتي عمر غباش. وقد وجدت المسرحية تفاعلاً مع نبضها المتميز حين عرضها غباش في مركز ديرة الثقافي في دبي قبل أن تذهب إلى المهرجان الذي تختتم فعالياته اليوم. المسرحية معدة عن المسرحية للشاعر المصري الراحل صلاح عبد الصبور تحت عنوان «مأساة الحلاج» وهي مسرحية شعرية تناول فيها الشاعر عبد الصبور شخصية الحلاج في فصلين سماهما عبد الصبور أجزاء، الجزء الأول: «الكلمة» والجزء الثاني:«الموت»، وتعد هذه المسرحية الشعرية واحدة من اهم الأعمال التي كتبت في هذا المجال وعرفها العالم العربي. خالط الحلاج أعلام الصوفية في عصره، نهل من علمهم ما نهل وأخذ عنهم ما أخذ. لكن الحلاج خبر معنى جديداً للزهد، واستحدث فلسفه جديده للتصوف تقوم على مخالطة العامة والدعوة للحياة الروحية معهم رافضا الاعتزال، فواجه رفضا عنيفا من أعلام الصوفية. تعرض للسجن، والجلد، والصلب، وقطعت أطرافه ومثل بجسده، بعد أن اتهم بالكفر والزندقة. هذه ليست مأساة الحلاج، هي مأساة العلم، مأساة الإنسان العالم منذ بدء الخليقة، مأساة سقراط وجاليليو وغيرهما. وتعكس المسرحية إدراك المعد والمخرج عمر غباش لعمق هذه المأساة، وأسبابها، فالحلاج رمز لكل من وقف في وجه الظلم، الجهل. لكل من قال: لا في وجه من قالوا نعم. الحلاج مصلوبا... الحلاج متمردا...الحلاج محبا...الحلاج معلماً. المسرح فارغ تماما إلا من حبال تتدلى من سقف المسرح، حبال بيضاء تمثل نقاء الحلاج واتصاله بالحبيب (الله)، وحولها تدور الأحداث. مساحة المسرح موزعة ضمن جغرافية هذه الأحداث التي قسمت حسب التحول النفسي للحلاج، فكانت اللحظة الدرامية تتجه للتفسير اكثر منها إلى الصورة. جمالية المشهدية عبر الإضاءة والموسيقا ستمنح العرض تدفقا في الانتقال من حالة إلى أخرى، فضلاً عن استثمار كل أدوات العرض وتوظيف الحبال في تكوينات جمالية وشكلية لتحقيق الصورة، المحكمة، الطلبة، الحكماء، السلطة، السجن، كانت المشاهد معبرة بل رسمت للمتلقي صورا متعددة من هذه الأجواء الطقسية. فكان العرض يتدفق بالصور، وشفرات العرض التي تصادمت مع الواقع استطاعت أن تحقق المعادلة في نص ذهني سردي شعري يتجه إلى واقع حياتي ملموس ومعاش في تكرار الأزمنة. لقد حاول (المخرج الممثل) أن يقدم مسرحا حقيقيا أو شكلا مسرحيا، في اشتغالات حديثة، هدفه فكري جمالي انتقادي. قد نجد بعض القصور في تحديد مواقع قوة الفعل وتمركزه، وهذه دائما ما تكون معضلة حينما يكون (الممثل مخرجا) لكن عمر غباش أدرك هذه التحولات في النص فنشط ليقدم الحلاج الشخصية المسرحية في تداخل نسبي مع نفسه، محاولاً نقل أبعاد الشخصية المسرحية عبره، مما يخضعه لنوع من الصراع مع ذاته، لذا فلا وجود وفق هذا الوصف لإمكانية التحرر الكامل من الشخصية خلال العرض المسرحي. لهذا أعتقد أن الفنان عمر غباش الذي يعود ممثلاً بعد فترة غياب طويلة، استطاع أن يقدم دور الحلاج بكل إتقان، بحيث لا تجد فارقا واضحا بين الشخصيتين. لقد اسهم غباش في هذا العرض المونودرامي بتكوين الشكل الجمالي والدلالي للعلامات وتحفيزها على التحول من نمط إلى آخر وفق مقتضيات الإعداد الحكائي للنص ومكان العرض. بقيت الإشارة إلى أن الإضاءة كانت للفنان محمد جمال، واختيار الموسيقا للفنان إبراهيم أستاذي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©