الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التمرد والعِناد·· لا تدفنوا رؤوسكم في الرمال

التمرد والعِناد·· لا تدفنوا رؤوسكم في الرمال
29 ديسمبر 2007 23:37
تمضي أهداف الطفل خلال عمره ما بين السادسة والثانية عشرة نحو ثلاثة اتجاهات، الأول: محاولته أن يتعرف على ما هو خارج الأسرة، وأن يرتبط بصداقات مع من هم في مثل عمره، والثاني: تأكيد استقلاليته، والثالث: الرغبة في اكتساب المهارات المختلفة، لكن هذا لا يعني أن ''معاملة'' الطفل بالنسبة للأهل تبدو سهلة، سيجد الآباء والأمهات أن الطفل يحاول أن يؤكد دائماً أنه قادر على التمييز بمفرده بين ما هو صحيح وبين ما هو خطأ، وأن ينال إعجاب المجتمع وحبه، بل ويحاول بكل جدية أن ينجح في دوره الاجتماعي وعلاقاته بالأصدقاء الجدد، وأن يتفهم قوانين المجتمع· هذه العملية تبدو شاقة خصوصاً أنه يقوم بها في اللحظات نفسها التي يقرر فيها الاعتماد على نفسه وعدم الرضوخ لأسرته· وتلاحظ الأسرة أن الطفل يقضي معظم الوقت مع الأصدقاء، ويهمل نظافته ولا يحترم مواعيد الطعام، وتمتلئ كلماته بلهجة التحدي، ويريد أن يكون له مكانه الخاص في المنزل، ويسعى باستمرار للتأكيد على أنه إنسان مستقل، وربما يثير أعصاب والديه وكثيراً ما يسبب لهما الضيق، وهذا ما يجعل الآباء والأمهات يصرخون بأن الابن قد أصبح مصدراً للقلق والضيق والتوتر، وقد يظن الآباء والأمهات أن ليست هناك طريقة ممكنة لمواجهة مثل هذا الأسلوب· نقول للآباء والأمهات: لا داعي للإحساس بخيبة الأمل، فالطفل ينمو، ويتجه نحو النضوج، وهذه العملية تبدو شاقة بالنسبة له، فهو يحاول من خلال المعارضة والمناقشة والتمرد أن يختار لنفسه طريقاً وليس في ذهنه إنكار دور الوالدين وإن أوحى سلوكه بهذا بشكل غير مباشر· ويجب على الأب والأم أن يتسع صدرهما ويفهما أن الابن يحاول أن يعلن عن وجوده الخاص· أحياناً يحاول الوالدان حل مشكلات الابن بالصبر أو بدفن الرأس في الرمال والتغاضي عن سلوكه، لكن ليس هذا هو الأسلوب الصحيح، فالتغاضي يؤذي الطفل نفسه، ويشعر في أعماقه بأنه يفتقد رعاية الأسرة ورقابتها، بل ويشعر أن الأب والأم مطالبان بالتدخل كي لا يتجاوز حدوده، لأن الطفل الذي لا يجد من يوقفه عند حده يحاول افتعال المزيد من الإثارة الى الدرجة التي يمكن أن يفقد فيها الوالدان أعصابهما· على الوالدين أن يوقفا الطفل عند حده لإرضائه نفسياً، لأن اللوم هنا يؤدي وظيفة هامة بالنسبة للطفل، إنه دليل اهتمام ودليل توجيه· فالطفل في هذه الفترة يملك ضميراً حساساً ويتقبل التوجيه في أعماقه، ويحتاج إلى من يقول له هذا خطأ بلهجة حاسمة· إن الرقابة والتنبيه واللوم هي واجبات أساسية بالنسبة للأهل، ولا يجب أن يتغاضى أحد عن أي سلوك غير مقبول للابن، فإذا كان يحاول دائماً أن يجذب الانتباه سيحاول أن يؤكد للأسرة أنه في حاجة الى من يراقبه، وسيحاول إثارة الأبوين بكل الوسائل· لكن لا ينبغي أن نتحدث الى الطفل في كبرياء أو ازدراء بحيث يشعر أن من يتحدث إليه يحتقره، فالطفل يلتقط بحساسية بالغة لهجة من يتحدث إليه وأسلوبه، بل يجب أن نخاطبه كإنسان له كرامته، ونحترم ذاته وتجربته· إنه يظن دائماً أنه إنسان ناضج أو اقترب من النضج· وأن تتحدث اليه بهدوء وثقة والتخلي عن لهجة اليأس تماماً، فالابن عندما يسمع حديث الأم اليائس يتألم ويفقد الثقة بالنفس والقدرة على تخيل أنه إنسان ناجح· لابد من وضع قواعد أساسية يحترمها الطفل وعندما يخرج عنها يجب تنبيهه بلهجة فيها حنان وود وحزم، وقد يتلكأ الطفل حتى يرى هل نسي الأبوان ما قيل أم لا؟ ولا ننسى أن نترك للطفل مساحة مناسبة من حرية الاختيار، ولا نفرض عليه ذوقنا في اختيار لعبه وملابسه مثلاً، ولا داعي لإشعاره أن رقابتنا نوع من التلصص الدائم· ولا ننسى أيضاً أن الطفل يكره ''الخبث'' وأسلوب المناورات التي قد يمارسها الأب أو الأم لمقاومة رغباته، وما دام يحب أن يكون إنساناً واضحاً فلماذا لا نكون واضحين معه؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©