السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبح الهاتـــــــــــف

شبح الهاتـــــــــــف
29 ديسمبر 2007 23:35
تلقيت اتصالاً خاطئاً، هل هذا منزل فلان؟ فقلت له: كلا· لكن المتصل استمر في التحدث معي، لم أغلق السماعة لأنني كنت أشعر بالملل، ما يضرني لو ''أخذت وأعطيت'' معه في الكلام؟ وليتني لم أفعل، لأنني دفعت الثمن غالياً، خوفاً ورعباً لم استطع احتمالهما، وأياما صعبة مرت عليّ وكأنها دهر كامل· كان البيت يومها خالياً، خرجت العائلة لتناول العشاء في أحد مراكز التسوق، لم يأخذوني معهم كما كانوا يفعلون دائماً، سيطر عليّ الشعور بالملل، فجأة رن الهاتف فأسرعت بالتقاطه علها إحدى الصديقات، فوجئت بصوت رجل غريب، علمت أنه أخطأ بالرقم، وقد شجعته على مواصلة الحديث معي لدفع الملل ولكني أغلقت الخط عندما سمعت أصوات أفراد العائلة وهم عائدون· هذا الاتصال كان بداية لسلسلة من الاتصالات المزعجة التي أثارت الشكوك من حولي، وقد تمادى هذا المخلوق وصار يهددني إن لم أعطه عنوان المنزل بأن يخبر أرباب عملي أشياء كاذبة عني، حاولت مجاراته بحذر ولكني لم أفلح في التخلص منه· سيطر عليّ شعور بالخوف والانزعاج لكثرة إلحاحه بالاتصال، احترت، ماذا أفعل مع هذا المخلوق؟ لم أعد قادرة على السيطرة على الوضع فهو فعلاً قادر على إيذائي· لا أدري كيف قادني حظي السيء لمثل هذا الإنسان، انه مريض نفسياً، يستمتع بإيذاء الآخرين، صار يتصل في أوقات محرجة للغاية، ليلاً ونهاراً، الهاتف لا يسكت، أستيقظ من نومي فزعة وأنا أرتعد لا أدري ماذا سيخبرهم عني، ولكنه يغلق الخط قبل أن يتحدث، وإذا صادف وأن رفعت السماعة أسمع منه تهديدات مخيفة: سأقطع رأسك·· سأمزقك إرباً· توسلت إلى سيدتي لتغير رقم الهاتف بعد أن أقسمت لها بأنني لا أعرف الشخص وانه مجرد اتصال خاطئ، ولأن كل العائلة كانت منزعجة من هذا الاتصال فقد قرروا فعلاً تغيير الرقم، ولكني فوجئت بهذا المخلوق وهو يخبرني بأنه قد عرف عنوان المنزل، وأنه سيفاجئني بمجيئه عندما يتأكد من خروج أفراد العائلة·· يا الهي!! ما هذه المصيبة؟ ماذا سأفعل؟ أخبرت سيدتي بهذا التهديد فطمأنتني إلى أنه كاذب وأنها ستغير رقم الهاتف عندما تجد الفرصة فبقيت في حالة خوف وتوتر، في نفس اليوم كنت في البيت مع إحدى بنات العائلة وهي طفلة في العاشرة من عمرها، رن جرس الهاتف، ارتجف جسدي كله·· قررت عدم رفع السماعة، ولكني خشيت أن تكون سيدتي هي المتصلة فرفعت السماعة فكان هو نفسه، أخبرني بأنه يعلم بأنني لوحدي في البيت وأن الجميع قد خرجوا، قلت له: توجد إحدى بنات العائلة معي، فقال لا يهمني ذلك، أغلقت الخط بوجهه، ثم أخبرت البنت بأن الحرامي سيأتي إلى البيت فخافت هي الأخرى، بعد مدة بسيطة قرع جرس الباب، صرنا نركض مذعورتين في أنحاء المنزل ثم اتصلنا بالعمة فهي تسكن قريباً من البيت· سكت الرنين ثم جاءت العمة فلم تجد أحداً عند الباب، وكأنني كنت كاذبة، كل شيء كان طبيعياً حتى اعتقدوا بأنني ربما كنت مريضة نفسياً وأتخيل أشياء غير موجودة وأتسبب بالخوف لابنتهم، وقد حذروني من هذا الأسلوب وهددوني بالاستغناء عن خدماتي، في اليوم التالي قاموا بتغيير رقم الهاتف فارتحت من ذلك الرنين المفزع، واعتقدت بأن الأمر قد انتهى· بعد يومين خرج أفراد العائلة كلهم وبقيت لوحدي، فسمعت أصواتاً غريبة ولمحت شبحاً من خلف الشبابيك، ثم سمعت أصوات أحجار ترمى على الزجاج فتجمدت في مكاني لا أدري ماذا أفعل· أسرعت إلى غرفتي وأغلقت على نفسي بالمفتاح ولم أجرؤ على الخروج منها إلى اليوم التالي من دون أن أتناول طعاماً أو شراباً· بعد أيام قليلة كنت أحمل أكياس القمامة إلى خارج المنزل لرميها في الحاوية، وقد حرصت في الفترة الأخيرة على عدم الخروج من المنزل إلا في وضح النهار خوفاً من ذلك الشبح· وكنت أركض بسرعة أثناء ذهابي وعودتي خوفاً منه، كما صرت أنظر لكل شخص موجود في الشارع بخوف وحذر معتقدة أنه هو· خرجت كعادتي وأنا أركض حاملة كيس القمامة فشعرت بمن يلاحقني، إنه هو·· أطلقت ساقي للريح وقد رميت الكيس في وسط الشارع، عدت للمنزل وأغلقت الباب ورائي· شاهدتني سيدتي وأنا أتنفس بصعوبة أرتجف ووجهي مصفر سألتني عن السبب، لم أستطع أن أتكلم، فجأة سمعت جرس الباب، توسلت إلى سيدتي أن لا تفتح الباب، استغربت لتصرفي وقالت: ما بك؟ هل جننت؟ ممن تخافين؟ قلت لها وأنا أبكي: إنه هو·· صدقيني·· انه الشبح·· سيقتلني· انتقل خوفي إليها مع تواصل رنين جرس الباب، فترددت هي الأخرى في فتح الباب، فجأة جاءتني قوة غير عادية فحملت ذراع المكنسة وفتحت الباب بسرعة ثم دفعت الشخص الواقف بالمكنسة وألقيته أرضاً· فوجئت بسيدتي تسحبني بقوة ثم تدفعني جانباً وهي تصرخ: هل جننت؟ إنه والدي، كان موقفاً سخيفاً لأني آذيت والد سيدتي وهو رجل كبير في السن· ولأنه إنسان طيب فقد سامحني وطلب من العائلة عدم معاقبتي، ثم طلب مني إيضاح موقفي فحكيت لهم بالتفصيل كل الحكاية فضحكوا كثيراً، ثم قام سيدي بإبلاغ الشرطة ليكون البيت تحت المراقبة· انتهى الكابوس أخيراً بعد أن راقبت الشرطة المنزل لفترة كافية وقد تم تغيير هاتف المنزل، ومنذ ذلك اليوم قررت عدم ''الأخذ والرد'' مع أي متصل مهما كان·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©