الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهجن شربت المَاي قبل صاحبها

29 ديسمبر 2007 23:33
صادف أثناء دخولي مجلس جدي، أن مرّت أختي الصغرى تحمل كأساً من الماء، خطفتها من يدها وشربتها ثم حمدت الله تعالى على نعمته، وجلست إلى جوار جدي الذي تمتم بعبارات لم أفهمها! ولما لاحظ عدم فهمي، كرر ما قاله: ''كرطع الهجن الماي قبل صاحبه''· سألته عن معنى عبارته، فقال إنها مثل شعبي قديم جداً، وتعني ''الهجن شربت المَاي قبل صاحبها'' أي أن الجمل المشهود له بالصبر شرب الماء قبل أن يشرب مالكه أو راكبه· أدركتُ خطأي غير المقصود، فقد كنت عطِشاً لأن الماء نفد مني وأنا في البر قادماً إلى بيت جدي، ولم أسأل لمن كوب الماء، ولا قدّمتها قبلاً لجدي الأكبر سناً والذي قد لا يقوى الصبر على العطش نسبةً لسنه وظروف مرضه· بعد أن علمت بأن المثل يضرب للدلالة على الشح وتفضيل النفس على الآخرين المحتاجين، حتى لو لم يكن محتاجاً مثلهم وقادراً على الصبر، رغبت بمعرفة المزيد عن المثل، وما إذا كانت له قصة معروفة! كعادته، لم يبخل علي جدي بالمعلومة والمعرفة، فأخذني في أحضانه بعد أن اعتذرت عن أنانيتي وتسرعي غير المقصودين، ثم أجلسني إلى جواره وأخبرني حكاية المثل بقوله: كان لرجل شايب عشرة من الإبل، حدث أن نفقت كلها في لحظة تسمم من عشبة صحراوية، بينما ظلت ناقة صغيرة بمفردها لا تقوى على الحراك، فبدأ أحفاد الشايب يلقمونها عشب الصحارى، ويصحبونها إلى ''البئر'' لتعب الماء، ويمرّنوها قدر استطاعتهم على الوقوف والمشي والتحمل والصبر، رافضين أن يدعوا شأنها إلى جدهم الشايب لئلا يتعب بسببها، أو تنفق بسبب تردي صحته· ثم حدث ذات يوم أن مضى بها إلى البئر فلاحظ أنها سارعت تعب الماء دونه! كرر اصطحابها بعد يومين، وما إن وصلا الماء حتى شربت قبله، فأدرك أن أحفاده لم يمرنوها على الصبر وتحمّل العطش لذا ''كرطعت'' الماي قبل صاحبها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©