السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفضيلة والقناعة

29 ديسمبر 2007 02:22
يُعد لاو ـ تزي 604 ـ 517 ق· م أحدُ حكماء الصين القدامى ذوي النزعة التجريدية والباطنية في النظر إلى الأشياء، وهو من أوائل الفلاسفة الذين شرحوا الفلسفة على أساس التعمية والتمويه، وكان ''لاو ـ تزي'' يروم من خلال عمله في الفلسفة إلى تعليم الناس كيفية الوصول إلى السعادة، وذلك بإرشادهم إلى طريق الفضيلة والقناعة، وهذا الطريق أو التاو باللغة الصينية القديمة، والذي يؤدي بالإنسان الى تحقيق السعادة مع نفسه ومع المجتمع المحيط به يتمُّ بلوغه من خلال مجموعة من التعاليم التي نادى بها ''لاو ـ تزي''، ومن أهمها (العودة إلى حالة البراءة والبساطة والانسجام مع الطبيعة ـ تجنُّب الحرب ـ احتقار الترف ـ عدم التدخُّل فيما لا يعني من أمور الناس)· ويرى فيلسوفنا أن تحرُّر الإنسان من العبودية والخوف من أحداث الدهر ونوائبه يتحقق بزيادة قدرته على التصدي للأسى والألم وهذا يكون من خلال تقبله لجميع الأشياء التي تحدث باطمئنان، وتحمّله تبعات الأحداث في سلام، وهو ما يوفر للمرء الهدوء والتوازن النفسي· هذا النزوع إلى السلبية الذي نلمحه عند ''لاو ـ تزي''، قد يرجع إلى القلاقل السياسية والمآسي الرهيبة التي شهدتها الصين في الفترة التي سبقت مولده وفي حياته؛ ففي نحو 240 عام شهدت الصين مقتل ستة وثلاثين من ملوكها، قُتل أكثر من نصفهم على أيدي أبنائهم، وهذا يدل على مدى انتشار الفوضى والفساد في البلاد آنذاك· وأرجع ''لاو ـ تزي'' ذلك الى أن السبب الرئيسي لهذه الفوضى هو وجود رغبة عارمة لدى الأفراد للحيازة والتملك، وأن هذه الرغبة يمكن تطويعها والسيطرة عليها من خلال ما أسماه بتثقيف الذات، وعملية التثقيف تلك تتم بواسطة مجموعة من الأساليب، منها: أولاً: معرفة الذات باعتبارها الضياء الذي يحقِّق الصفاء الداخلي للإنسان· ثانياً: البساطة، لأنها تُبعد الإنسان عن الميول والنزوات، وبالتالي تبعدهُ عن رغبات البشر الشريرة· ثالثاً: ضبط النفس والتزام القناعة بما يضع حداً لتطلُّعات الإنسان ورغبته في مزيد من الثراء والجاه· ومن المفاهيم الأخلاقية التي شدَّد ''لاو ـ تزي'' على ضرورة إعلائها لتحقيق الحياة الأقل توتراً للأفراد (التواضع ـ الشَّفقة والتعاطف ـ حُسن التدبير)، وكذلك يجب على الفرد أن يُدرك الواقع الذي يعيش فيه جيداً، بحيث لا يتطلَّع إلى ما يتجاوز قدراته، وبصفة عامَّة يمكننا القول بأن فلسفة ''لاو ـ تزي'' تقوم على تجنُّب القلق، وتحقيق التوازن النفسي والطمأنينة للأفراد، لأنها السبيل لتجنُّب الوقوع في الخطأ وتؤدي بالمرء إلى الحياة الخالية من أي متاعب· Ahmed_alsadawye@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©