الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوسف إدريس بدأ رحلة القمة يوم الخروج من السجن

يوسف إدريس بدأ رحلة القمة يوم الخروج من السجن
7 مايو 2009 00:57
81 عاماً مرت على ميلاد الأديب الراحل يوسف إدريس (مايو 1927 ـ أغسطس 1991) فهو أحد عباقرة القصة والأدب العربي الحديث ومن رواده الكبار، وبهذه المناسبة نتذكر يوما من حياته ومشهدا من سيرته الذاتية، لحظة يعتبرها كثيرون مفصلية في مسيرته وحالة ثقافية فريدة وشاملة: وهو يوم خروجه من السجن في شهر أغسطس 1955، ذلك اليوم والذي انتقل بعده من خانة أعداء ثورة يوليو الى واحد من اشد والمع الكتاب والمثقفين المؤمنين والمتحمسين لتوجهاتها وقراراتها. في ذلك الوقت كان يوسف ادريس شابا يافعا في الثامنة والعشرين من عمره، وكانت له مجموعة قصصية واحدة هي «أرخص ليالي» التي تعتبر سبب مأساته او سجنه، وكانت علاقته برجال ثورة يوليو قد بلغت ذروة التوتر والصدام، ووجد نفسه في ليلة وضحاها متهما بالانتماء الى تنظيم شيوعي للتخطيط لقلب نظام الحكم ونشر مطبوعات ترمز وتندد بالقمع والتعذيب في العهد الجديد. معروف ان علاقة يوسف ادريس بثورة يوليو مرت بتوترات حادة انتهت، بعد ذلك اليوم، الى توافق تام، فعندما قامت ثورة يوليو 1952 كان يوسف ادريس طبيبا شابا، حديث التخرج، وأعلن انحيازه وحماسه لها فور قيامها، ووجد في شعاراتها ومشاريعها المتوالية تحقيقا لاحلامه كمثقف وفنان متمرد، وقيل ان خبر قيامها وصله اثناء استعداده لإجراء أول عملية جراحية في حياته، فما كان منه إلا ان نزع «معطف» الطبيب واندفع للانضمام للثوار الجدد، وأحس بأن مشروعا وطنيا ثوريا يتحقق، ولكن اقترابه من المثقفين الشيوعيين بدأ يباعد بينه وبين رجال الثورة، وبعد عامين وقع الصدام، بسبب تمرد الفن وجنونه، ووجد يوسف ادريس نفسه يصنف ضمن أعداء الثورة ويحاكم ويسجن بسبب قصة قصيرة كتبها، وهي قصة «الهجانة» التي نشرت في مجموعته الاولى «ارخص ليالي»، فعلى الرغم من انها صادرة في سلسلة حكومية هي الكتاب الذهبي وكان يشرف عليها يوسف السباعي فإنها اتهمت مع كاتبها يوسف ادريس بالتنديد بالثورة، وتصوير رجالها في صورة الغاصب المستبد، خصوصا انها نشرت في اعقاب ازمة مارس 1954 الشهيرة، وهي حسب مدلول اسمها تصور كتيبة من جنود الهجانة تسطو على قرية وتحتلها وتعيث فيها فسادا، وبسببها اعتقل يوسف ادريس وقضى في السجن حوالي عاما ونصف العام، وكان مقررا له ان يستمر طويلا رهن الاعتقال، ولكن ذات صباح من شهر أغسطس 1955 افرج عنه لانجاز مهمة وطنية، والغريب انه دخل السجن في الشهر الذي صادف ميلاده وخرج منه في الشهر الذي صادف رحيله. فبسبب علاقته بالشيوعيين اختير في مهمة وطنية سرية وهي دفع زعماء الحزب الشيوعي السوداني للتوسط لدى اقطاب الحزب الشيوعي السوفييتي لتمرير صفقة سلاح الى مصر في ذلك الوقت، وقيل انه في يوم خروجه كان منهكا يعاني آثار التعذيب، ولكنه انجز المهمة على اكمل وجه وسافر ضمن وفد يرأسه صلاح سالم الى الخرطوم وبالفعل تمت الصفقة، ومن يومها توثقت علاقة يوسف ادريس بثورة يوليو وتصالح مع رجالها، واصبح من اشد المؤيدين لها والمبشرين باصلاحاتها، ولكنه لم يفرط ابدا في استقلاليته، فعلى الرغم من أن هذه العلاقة أو المصالحة اثرت كثيرا في كتابات يوسف ادريس ومواقفه فإنها لم تحل من دون تمرده واستقلاليته كفنان فذ حتى وفاته
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©