الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السلام وحل الدولتين

26 ديسمبر 2007 23:44
كإنسان ساند لعقود عديدة حل الدولتين والكفاح اللاعنفي من أجل الحقوق الفلسطينية، أنظرُ إلى مؤتمر أنابوليس الأخير بمزيد من الشك والتشاؤم، وببصيص من الأمل· غياب المفاوضات خلال السبع سنوات الماضية كانت محصلته أعداداً متزايدة من المستوطنين الإسرائيليين وحصارا اقتصاديا في غزة وشبكة معقدة من الحواجز ونقاط التفتيش التي تخنق حركة التنقل في الضفة الغربية· على صعيد آخر، يتوجب على الفلسطينيين علاج خلافاتهم الداخلية، وإجراء إصلاحات مؤسسية لاجتثاث الفساد ومحاباة الأقارب، والخطوة الأولى في تلك العملية هي الانتخابات الديمقراطية على كافة مستويات الحكم· علينا أن نخلص أنفسنا من الثنائية الزائفة بين ''فتح'' و''حماس''، ليست هذه هي الخيارات الوحيدة· الحركة التي أسستها قبل سنوات، ''المبادرة الوطنية الفلسطينية'' تقدم بديلاً، مؤكدة على أهمية الانتخابات الديمقراطية والحكومة التي تتمتع بالشفافية وبناء المؤسسات· يمكن رؤية التزام حركتنا الراسخ بالديمقراطية واللاعنف، على سبيل المثال، في تظاهراتنا السلمية ضد جدار الفصل العنصري الإسرائيلي· ونحن نساند منذ سنتين النضال الشعبي الناجح حتى الآن في قرية ''بلعين'' بالضفة الغربية لإزالة الجدار من أراضي القرية· ونقوم بتكرار هذه النشاطات اللاعنفية بدعم من مجموعات التضامن العالمية في مدن وقرى مختلفة عبر الضفة الغربية· ولكن الديمقراطية والوحدة والإصلاح الكاملة التي يستحقها شعبنا لا يمكن أن تزدهر تحت ظروف الاحتلال· لقد انهارت حكومة الوحدة الوطنية هذه السنة عندما لم تتمكن الحكومة من دفع رواتب العاملين وأجورهم بعد أن منعت إسرائيل دفع مئات الملايين من الدولارات التي تشكل العائدات الضريبية المستحقة للسلطة الفلسطينية· وعانى العديد من المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين الأبرياء وقتلوا بسبب الاحتلال العسكري الإسرائيلي المتواصل لأراضينا· وتزداد تجاربنا اليومية سوءاً بينما يجري حشرنا بشكل متواصل في مناطق صغيرة مغلقة، وتستمر إسرائيل في ضرب طوق حول القدس بمستوطنات غير قانونية تفصلها عن الضفة الغربية· لقد نما عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة من 268 ألفا إلى أكثر من 420 ألف مستوطن منذ التوقيع على معاهدات أوسلو· وما تزال إسرائيل حتى يومنا هذا تخالف التزاماتها ضمن ''خريطة الطريق'' التي ترعاها الولايات المتحدة والتي تضمن تجميد كافة النشاطات الاستيطانية· لقد شارك الفلسطينيون في أنابوليس بنيّة حسنة، ولكننا لا نستطيع أن نستغني ببساطة عن حقوق مواطنينا، بمن فيهم اللاجئون· نحن لا نطلب لهم أكثر مما يستحقونه حسب القانون الدولي، ويجب إيجاد طريقة للتعامل مع هذه الحقوق التي لا يمكن التنازل عنها· لقد قدمنا أكثر عروضنا كرماً عندما وافقنا على إنشاء دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي تشكل بمجملها 23 بالمائة فقط من فلسطين التاريخية· وهذا يشكل نصف ما خصصته الأمم المتحدة قبل ستين سنة· لقد قدمنا حلّنا الوسط مع إسرائيل· تقديم حل وسط آخر لحل الوسط هذا سوف لا يترك لنا سوى غلاف أجوف لشبه دولة لا معنى لها أساساً، غلاف لا يُبنى عليه سلام مستقل حقيقي· لن تكون دولة بالاسم فقط كافية، فالدولة تحتاج للسيادة وإمكانية التحرك بحرية واقتصاد حر مستقل· الدولة تحتاج لحكومة منتخبة ديمقراطياً تستطيع الحكم بشكل مستقل، دون تدخل من قبل إسرائيل· لقد شكلت أنابوليس فرصة، ربما الأخيرة قبل أن تتبخر احتمالات حل الدولتين· وسيوافق الشعب الفلسطيني على الدولتين إذا سحبت إسرائيل مستوطناتها وأزالت الجدار وأنهت احتلالها العسكري الوحشي للمناطق الفلسطينية التي اجتاحتها عام 1967 واعترفت بحقوق اللاجئين ووافقت على التشارك بالقدس عاصمة للدولتين· إلا أنه إذا أصبح حل الدولتين مستحيلاً، فقد يضطر القادة الفلسطينيون المستقبليون إلى المطالبة بحقوق متساوية داخل دولة واحدة، لذا من الأفضل لإسرائيل الإسراع نحو حل الدولتين· والسؤال الأساسي الذي يوجهه الفلسطينيون إلى الإسرائيليين هو: هل سيجري التعامل معنا كبشر متساوين لهم حقوق متساوية وكرامة متساوية؟ إذا كان الجواب نعم فستكون هناك دولتان، وسيكون هناك سلام· د· مصطفى البرغوثي عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني ووزير سابق للإعلام خدمة كومون جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©