الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان وأميركا··· شراكة تتأرجح

اليابان وأميركا··· شراكة تتأرجح
26 ديسمبر 2007 23:43
تتفاعل يوماً بعد يوم في المحافل العالمية مسألة انخراط اليابان في عمليات ذات طابع عسكري لمساعدة الولايات المتحدة في ما تسميه ''الحرب على الإرهاب'' أكان في العراق أم في أفغانستان، حيث عمدت في الأولى إلى إرسال قوة يابانية إلى ''السماوة'' جنوب البلاد قالت إنها للمساعدة على البناء والاعمار وتقديم المساعدات الطبية للأهالي، في حين قامت من جهة ثانية باقرار مشروع قانون في مجلس النواب يرمي لاستئناف مهمة تزويد سفن التحالف بقيادة الولايات المتحدة في المحيط الهندي بالوقود للقضاء على حركة ''طالبان''· الغريب في الأمر أن الجميع يعلم أن الولايات المتحدة، وعلى أثر الحرب العالمية الثانية، أمرت بحل الجيش الياباني ووضعت دستوراً جديداً لليابان يمنعها من تكوين جيش قتالي ويسمح لها فقط بتشكيل قوات ضعيفة دفاعية يبلغ تعدادها الآن 155 ألف جندي فقط، كما وقعت آنذاك اتفاقية بين الجانبين تقضي بالسماح بوجود قواعد أميركية دائمة في اليابان وجزر الجوار، ولا سيما في أوكيناوا· ومع ذلك، بدأت اليابان في السنوات الأخيرة، تنفيذاً لرغبات واشنطن، بإرسال عينات من قواتها الدفاعية للاشتراك في قوات حفظ السلام في أعقاب الحروب· ولكن الحكومة اليابانية خرقت هذا الاستخدام (السلمي) للجيش الياباني حين عمدت إلى إرسال قوات منه إلى العراق· في يوليو 2006 انسحب آخر عنصر من عناصر القوات اليابانية الدفاعية المتمركزة في مدينة ''السماوة''، ما أدخل السياسات المستقبلية للحكومة اليابانية في غياهب مظلمة خصوصاً وأنها لم ترد أن يُفسر هذا الانسحاب، أميركياً، على أنه تخل عن الولايات المتحدة التي بدأت تعاني وطأة حربها على العراق· لهذا السبب ارتأى المسؤولون في بلاد الشمس التعويض عن هذا الانسحاب من خلال المساعدات والقروض اليابانية إلى الحكومة العراقية عبر حلفاء أميركيين وكان أن أعلنت اليابان عن مساعدات مادية بقيمة 5 مليارات دولار تم إلى الآن توزيع 1,5 مليار منها، فيما اتخذت الـ3,5 مليار المتبقية صفة القروض الميسرة· علماً ان الكثير من اليابانيين ينتقدون ''دبلوماسية الشيكات'' التي تمارسها حكوماتهم· حتى أن واشنطن تعتبر أن تقديم الأموال أمر جيد ولكن على طوكيو ان تبقي لنفسها موقعاً على الارض، وهو ما يفسر سبب إرسال القوة اليابانية العينية إلى العراق في بادىء الأمر· وتقتضي الإشارة إلى أن الإدارة الأميركية مارست ضغوطات عدة على اليابان لإرسال قوات إضافية لا سيما إلى منطقة البصرة وذلك عبر وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، إلا أن انفجار الوضع الأمني في البصرة حال دون ذلك، وسمح لطوكيو بمقاومة الرغبة الأميركية وبالتفكير بطرق فيها أقل مخاطرة وأكثر منفعة للحصول على الرضا الأميركي· من هذه الطرق كان تعزيزها للقوات الجوية اليابانية في الكويت والعراق، وهي قوات ظلت بعيدة عن الإعلام حتى أن الكثيرين من أفراد الشعب الياباني لا علم لهم بها على عكس القوات التي كانت موجودة في السماوة· ورغم أن مهمة هذه القوات لا تزال غامضة إلا أن معلومات كثيرة تحدثت عن أنها تنقل على متنها الذخيرة للقوات الأميركية عند الحاجة· ويكتنف الغموض أيضاً مهمة القوات البحرية اليابانية الموجودة في المحيط الهندي التي تزعم أنها موجودة هناك لمساندة الأمم المتحدة في ضبط الوضع في أفغانستان وفي تزويد سفن الائتلاف بالوقود، ولكن معلومات كثيرة تدور حول ضلوع هذه القوات في مساعدة القوات الأميركية في العراق، مما يشكل انتهاكاً واضحاً للدستور الياباني، علماً بأنه ثبت بشكل قاطع انخراطها بتزويد الوقود خلال العمليات العسكرية في حرب الخليج· وربما تكون هذه المهمات قد حققت الرغبة الأميركية بالوجود الياباني على أرض المعارك وإن بطريقة غير مباشرة، خصوصاً وأن وزير الدفاع الاميركي السابق سبق أن قال:''من غير الممكن أن تجلس ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم مكتوفة الأيدي في ظل عدم الاستقرار العالمي بينما المنظمات العالمية (الأمم المتحدة) تعاني من الضعف''· بعد النصر الكاسح الذي حققه ''الحزب الديمقراطي'' في الولايات المتحدة في مجلس النواب والشيوخ، بدأت الشكوك تساور اليابان حول مستقبل السياسة الأميركية في المنطقة، مما دفع وزير الدفاع الياباني إلى زلات لسان عدة تحدث فيها عن ''تفهم'' اليابان للحرب الأميركية على العراق وليس ''دعمها''، ومن ثم أعلن أن غزو العراق للاعتقاد بوجود أسلحة دمار شامل هو أمر خاطىء، ولكنه سرعان ما سحب تصريحاته بعد تململ الجانب الأميركي وقول أحد المسؤولين في البيت الأبيض إن هذا الكلام من شأنه أن يهدم العلاقات الثنائية بين البلدين· بعد أسبوعين من هذه التصريحات لم يتمالك رئيس الوزراء الياباني آنذاك ''شينزو آبي'' أعصابه وأفلت منه تصريح يقول :''إن إدارة بوش قد انطلقت في عمليات غير ناضجة لم تنجح، ولذلك نجد الآن أن هناك مشاكل عدة''· بعد هذا الكلام كان لدى الإدارة الأميركية القناعة بأن طوكيو ستسحب دعمها للحرب وللسياسات الأميركية في المنطقة، خصوصا بعد زيارة وزير الخارجية الياباني للعراق وتحدثه عن ''شراكة استراتيجية'' بين البلدين وتركيزه على كم المساعدات التي قدمتها بلاده لإعمار العراق، ولكن بعد تمكن إدارة بوش من استعادة المبادرة وتقسيم المعارضة من الحزب ''الديمقراطي''، بدأت اليابان تعود تدريجياً إلى كنف هذه الإدارة· وللإعراب عن حسن نيتها أرادت الحكومة اليابانية برئاسة ''شينزو آبي'' تمديد مهمة بحرية لليابان تساند العمليات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان· وقال ''آبي'' في كلمة له أمام البرلمان متوجها إلى أحزاب المعارضة التي كانت تعارض مهمة تزويد سفن الائتلاف بالوقود في المحيط الهندي ''إن قواتنا التي تؤدي مهمتها في صمت في المحيط الهندي تمثل مساهمة اليابان الدولية التي يطلبها العالم، هل يمكننا بحق الانسحاب الآن والتخلي عن مسؤولياتنا تجاه المجتمع الدولي''· ورغم استقالة ''آبي'' إلا أن مجلس النواب أقر مشروع قانون مكافحة الارهاب الجديد وتزويد سفن الائتلاف بالوقود، فى جلسة مكتملة النصاب، وجاءت أغلبية الأصوات من الحزب ''الليبرالي الديمقراطي'' وحزب ''كوميه'' الحاكمين· وقد تم إرسال مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ الذي تسيطر عليه المعارضة· وحسب الدستور الياباني فإن مشروع القانون يعاد إلى مجلس النواب لتصويت ثان اذا ما امتنع مجلس الشيوخ عن التصويت ضده أو اقراره في غضون 60 يوماً، وهو يصبح قانوناً إذا ما حصل على أغلبية ثلثي أصوات مجلس النواب· علماً بأن مفعوله يسري لعام واحد فقط· أورينت برس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©