الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراءة في صور.. أبو غريب

قراءة في صور.. أبو غريب
7 مايو 2009 00:43
كانت الصور واضحة بشكل مؤلم باللون والتفاصيل الدقيقة و»البكسلات» العديدة من آخر الدنيا من بلاد أخرى بعيدة من مكان وزمن آخرين كان لابد من إنكارها أو التملص منها، النظر إليها مؤلم وقبولها صعب. *** بعض الصور كانت لرجال عراة على رؤوسهم أغطية سوداء مرصوفين في أكوام على الأرضية، بينما كانت هناك فتاة أميركية تبتسم ابتسامة عريضة وهي تشير إلى أعضائهم التناسلية، كأنما وجدت فيهم نقصاً. يحتضنون بعضهم بعضاً بأيد مقيدة، جلد عار على جلد عار، في مجموعات مخلوطة من الأجساد، ممددين معاً في أكوام متداخلة مضطربة، ممددين عاجزين أمام الأميركيين. *** إحدى الصور أظهرت سجيناً مثل عثة عملاقة واقفاً فوق صناديق مع أقطاب كهربائية موصولة بأصابعه. صورة أخرى أظهرت رجلاً آخر مرعوباً يتراجع ويداه مقيدتان وينكمش ذلاً إلى الجدار في رعب رهيب من كلاب هائجة كانت تشد طوقها وتنبح للوصول إلى الفريسة. *** وأكثر الأمور إقلاقا في ذلك السجن الرهيب المعروف في العراق (بأبو غريب) صورة مجندة أميركية تبتسم وهي تنظر إلى الأسفل نحو سجين ممدد على الأرض مثل كلب وقد أمسكت برسن مربوط إلى رقبته، وقفت هناك بدون انفعال تتفرج على جائزتها المقبوض عليها من الرجولة العراقية، تنكمش مرتعدة على الإسمنت البارد، مستضعفة وعاجزة عن المقاومة غير قادرة على أن تفعل شيئاً.. أو حتى تتحرك، غير قادرة على التفكير أو الدفاع عن النفس، في أقصى درجات الإذلال و المهانة، تحت رحمة كاملة للحرب. *** هذه الصور هي استعارة تمثل وجهة نظر أميركية نحو العراق، وما تظنه في شعب العراق، وعن سيطرتنا وسطوتنا، عن قسوتنا ووحشيتنا، عن لا إنسانيتنا وصلفنا، واحتقارنا التام للشعوب الأخرى. فقط نحن وأولوياتنا الأنانية، حيث يسيء العسكر استخدام سلطتهم ويستعبد القوي الضعيف حيث الرؤساء خارج سطوة القانون خارج كل سلطة وملامة وبالنسبة لسجناء الحروب البائسين فيظهر أنهم يؤمنون أنهم غير مسؤولين أمام أي كان. *** وتبرز استعارة موازية عن حراس ومساجين، عن رسن وأغطية رأس، عن عدم اكتراث صلف بالمعاملة الوحشية لسجناء الحروب، إنه «شيني» الذي يمسك برسن كونجرس عقيم عار مغطى الرأس.. والوزير «رامسفيلد» يجر رسن العسكر الذين يتعثرون خلفه عميانا. *** والرئيس «بوش» يقود الثلاثة في هذا الطريق المنحدر من الأخير الأصفر، المعبد بالأكاذيب والتحريفات، بالخوف الكاذب، والرعب، والخداع، والأعداء الوهميين المتخيلين، ويسحب وراءه الجماهير الأميركية مغطاة الرأس.. العمياء العارية في هذا الطريق المنحدر القاتل من حرب ودمار نحن جميعاً، المشاركين دون رغبة في هذه الحرب نحن جميعاً.. في أميركا سجناء حرب! * كرتس بنت شاعر أميركي عمل طياراً حربياً في حرب فيتنام فوق رصيف الانتظار فوزي السعد * النهار الحزين من رصيف انتظاري يلمّ حقائبه ثم يمضي النهار! قلت في الليل تأتين هيّأت نومي لطيفٍ جميل يشق جدار المدى ويصبّك جنبي التفتُّ وجدت الكوابيس تلحس شرشف نومي وتسكبُ فوق سريري دخان الدوار!! الليالي على ذيلها تستديرُ الليالي تموء كهر عجوز بغير عشاء! هل ألف خيوط الأماني على مغزلٍ دائر عكس دورته؟! وأدير نواعير مسعاي فوق الذي يتساقطُ من قطرات الندى والبخار؟! أين أنت؟ تعالي على مقلتي هرم الانتظار!! * البصرة يُغادرون.. موزه عوض * كلما حدّثَ الوجع مرايا الأوطان تناوبت التساؤلات وظل اللامفهوم يخترق الإنسانية تعاقبت سنوات الظلم قهراً تبدلت أحوال البشر ضجة.. وارتعشت أطراف الليالي الراحلة لمنتصف الفكر وتناساها نيسان.. الحزنُ يشدُ رداء الخيبة وينظر لوقت ولوج الفجر وبضوء الأمل يتوه بين ارتفاع الموج وقلقلة الروح وبضفائرها رجاؤه... لهيب الغياب ترك للتفاصيلِ جرحا لم يُبرى بعد.. فما بين العتب والليل.. بات الأمر موصدا أبوابه وتوابيت البشر عالقة وسط القبور.. كتلك القهوة وفناجينها المنسية.. فكانوا يتساءلون.. ويتساءلون: أبين الفجر والعتمة علاقة؟ أكل البشر نيام؟ أأنتم موتى؟ رهبة جنون بعثرت الحلم البارد دكت حصون المدن الكبيرة في وقت ضنك تلامس الصدى تفاصيله خاصرة الموت ويُعاد السؤال حتى المغيب من الخوف.. ما زال كل شيء يتوجع مرارة البشر بمياه الدم تُنقع فيفلق الصخر مرتين عند التقاء الليل والنهار وأعينهم خلف الجدران تُفقع.. والموت بذاكرة الوجع يعود بعد غياب من سجن النبض ويترك شظايا البوح متناثرة على أرصفة التأمل.. يتساءلون.. يغادرون من حيث اللاشيء والكل شيء. يا أنتَ أتلملم الجراح الباقية وترحل بدوني؟ أم ذاك الامتلاء أخذك بعيداً؟ سألتكَ مرارا أن تقف وحدكَ وتتصور حالك من بعدي.. صريعا يعاني الحيرة والشرود قبيحا.. تناظر عابري السبيل متسولا.. تتنصل من التساؤلات وتهرب حيث مداراتك المعتوهة.. أيها المتربصون عند حافة الصمود لا تتركوا الخوف يعميكم ابعثوا مرسولكم وآخر الأنباء المملوءة بفتيلة الغضب وارموهم بقذائف الخوف... وأعيدوا كرامة الصمت من جديد.. تيقنوا أن..لأناملكم المتأرجحة خلف ضباب الغدر موشومة بالذل والانصياع وبرهبة جنون الغدر ولهفة أيادي الأوطان ابقوا هناك.. قد تبعثون الحياة للأرض وتتركون ثوبا يستر أجسادهم مهما نزف الجسد غضبكم وترامت الأشلاء بالشوارع.. لا تتساءلوا اعلموا أن الموت قادم لا محالة والحرف يبعث للمدى شهامة أوطانه.. فإلى متى ستبقيني تحت ركامك؟ وعند زاوية.. أحلامك؟ أدن مني حيث سأُعلمكَ بأنني ثورة أنثى وعروق الزهر على أغصان الزيتون.. هل من تساؤلات؟ فالمطر شح والرهبة تتسعني وأوردة السماء تقطر دما وبات الحلم صغيرا بي.. يختنق مع شرايين الأنفاس المتألمة وذاكرة الموت الأخير. لن استسلم ولن أعود غريبة.. ولي من التفاصيل ما يذكُرها تاريخي وأول ميلاد للذبول.. لن أعود فقد مات قلبي وذاكرتي وحديثي عند التقاء الأنهار.. مات نبضٌ بخطوط كفيه ورواية تفاصيلها غريبة ما بين منكبيه.. فما زال كل شيء صامت لا حراك له. الموت/ الجزع/ والشهقة الأخيرة أغلبها.. اشتعلت عند لهيب الانتظار والشروط التي دونتها بسجلات تاريخ الألم.. لا تتساءل أكثر من هذا وحدهم تركوا الماضي يخترقه الموت فركنوا بين الحاضر وخذلان الضمير ينتظرون الزيف من القادم والخطوات.. مات قلبي اليوم وعلى نعش الحرية ضجت المدن بارتشاف الغياب والفقد الأول لتاريخ لغتي العربية وحنان الأرض. لا تبك. لا تبك كثيرا لأني.. سأبتلع جمر الغياب.. * العين أرى وجهي بهيجة مصري إدلبي تلويحة في أربعينية الرحيل آخر ما رأى الشاعر محمود درويش وآخر ما رأى وجهي ظلالي في مرايا الماء ْ كأن الماء ينبئ بالرؤى قبلي متى أبكي متى أصحو متى أمحو بقايا الريح من صحراء ذاكرتي متى تختارني الأسرار في دوامة الأسماءْ كأن الماء رب الشعر والشعراءْ رأيت الآن وجهي في خفاياه سمعت قصيدتي الأولى وآخرَ ما كتبت الآن حين شهقت غصت في فمي الآه رأيت على جليد الصمت ما لم أروه يوما رأيت طفولتي تومي بسر الوقتْ تغشتني الرؤى أغمضت عن وجهِ الرؤى عينيْ وغبت على موانئ عتمتي فرأيت ماشاءت مشيئة رحلتي آنست في غيب الرؤى مطرا حملت قصائدي حجرا إلى مالا يرى الراؤون إلى حيث العمى لأرى *** فآخر ما رأيت الآن وجهي فوق غمر البحر يوقظ بي رؤى النسيان أغيب يغيب ينهض في دمي الماءُ أعيد إليه ما خبأته عنه كأني لم أكن فيه ولا منه أرى وجهي ظلالا في أثير الريح يمضي خلفه ألمي أرى وجهي أرى عدمي باريس طروادة أخيليوس الثكلى خالد محاميد ما الذي يهزمكْ يا عدوِّي اللقيط؟ *** جاءني في المنام الذي يستهلُّ الكُتُبْ عن ضحايا النبوءات أنَّ الجنودَ الذين استباحوا قرانا تسلّوا على ذبحِ طفلٍ وأمّ الصبايا بواديِ الحَجَلْ تحت ظل القمرْ. *** ما تقول العصا في يد الساحر المستقي من فم النار أخبارك الغامضةْ عن نقاطٍ بأسمائك المستحيلة تشلُّ الشرايين في قلبك المنكسر يا عدوّي؟ *** أخبرتني يمامات جدّي عنِ القتل في سوق يافا قبيل الصلاة القصيرة على روح شيخ ضريرٍ. كان خمسٌ وسبعون جندية تمتطي مركباتٍ على رأسها الموت أغوى رماحا لتسفيد رؤوسِ الحبالي بطنطورة البحر قرب حيفا. *** يا عدوي! بما أحيك الحبال التي سوف أختارها عندما أستضيف المشانق لتنفيذ حكم السماوات والأرض فيك... العدوة. *** حين كنا قد استَفْقَدَتْنا الجريمةْ داهمتنا بحقل البراري خيامُ اللجوء التي قايضتنا ببيتٍ على تلةٍ دمعها سال كالنهر عند اكتشاف *** الحقيقة كان لا بد لي أن أنادي كلام النبيِّ الذي قال للقوم الذي جاء يثرب: «فصوموا! لموسى كليم الإله الولاءُ». استَمِدُّ السياسةْ عليكمْ *** سوف أهزم عدوي بصوم النبي علني اقتفي أثر باني الأمم يا محمد. *** من يعادي الذي اختار سيفا لفصل المعاركْ ينادي لعكس اختيار العدو النقيض...هي الملحمة. سيفُ قتلٍ تعاديه بحِلْمِ العرب ...لا بسيف الجريمة! *** أنا باريس * في طروادة الثكلى يا عدوِّي! أعطني كيف أختار نبلا لآتي عليك المَنَى النهائيَّ! أين كعب أخيلس الجاثي على قمم الرماد العالية نتداول السهم السديد فيه؟ يا عدوي اللدود! * باريس بن بريام ملك طروادة، هو البطل الاسطوري الذي قتل أخيليوس في الإلياذة اليونانية ملحمة هوميروس بعد ان عرف أن كعب هذا هو نقطة ضعفه. شعر: كرتس بنت ترجمة: شهاب غانم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©