الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تسونامي··· ثلاث سنوات بعد الكارثة

تسونامي··· ثلاث سنوات بعد الكارثة
26 ديسمبر 2007 01:49
قبل ثلاث سنوات اكتسحت موجة عاتية منزل عائلة ''ماتوما'' في إحدى الولايات الهندية المطلة على المحيط الهندي وسرقت منها أطفالها الثلاثة· ومنذ ذلك الوقت قررت العائلة، التي تعتمد على صيد السمك، الابتعاد عن البحر والبحث عن مورد رزق آخر· وبعد مرور سنتين قضتها الأسرة في أحد معسكرات إيواء اللاجئين انتقل الزوجان إلى ولاية ''مدراس''، حيث عمل الزوج كسائق عربة· ومع أن ذكريات الماضي مازالت تثير مشاعر عائلة ''ماتوما'' وتستدر دموع الأم الملتاعة على فقدان أطفالها، فإن آلام الماضي ومرارته بدأت تفسح المجال أمام الأمل في غد أفضل· وكما عبرت عن ذلك الأم بنفسها ''الجروح غائرة، لكن الحياة لا تتوقف عند هذا الحد''· فعلى امتداد المحيط الهندي، حيث ضرب ''تسونامي'' المناطق الساحلية في 26 ديسمبر 2004 وتسبب في نزوح 12 مليون شخص في أكثر من 12 دولة، ساهمت جهود الإغاثة غير المسبوقة في التغلب على الخسائر المادية ومساعدة اللاجئين· فقد أثبت العالم سخاءه في معالجة الأزمة الناتجة عن ''تسونامي'' وتعهد بتخصيص 13,6 مليار دولار لإيواء ضحايا المد البحري الذين بقوا على قيد الحياة بعدما قضى أكثر من 230 ألف شخص نحبهم جراء الكارثة· وفيما ساهمت تلك الأموال في توفير المسكن والغذاء والعمل للمنكوبين، اهتمت الحكومات والمنظمات الإنسانية ببناء المدارس والبيوت وإقامة المستشفيات، فضلاً عن ترميم الموانئ والمزارع التي غمرتها المياه· والنتيجة أن بعض الدول التي عانت من تبعات المد البحري الزلزالي، بدأت تستعيد عافيتها وتستأنف مسيرتها، حيث رجعت حشود السياح إلى المنتجعات السياحية في تايلاند وانتعش الاقتصاد في إقليم ''آتشيه'' الإندونيسي· كما تنشط في ولاية ''تاميل نادو'' الجنوبية بالهند أكثر من 1800 مجموعة تختص في توفير القروض الصغيرة لضحايا ''تسونامي'' وتساعدهم على الاستفادة من التعليم والرعاية الصحية وإيجاد فرص عمل، وفي بعض الأحيان تستفيد الطبقات المحرومة لأول مرة من تلك الامتيازات· وفي بلدان أخرى استطاعت الحكومات التعامل مع بعض المشاكل التي سبقت ''تسونامي''، ونجحت إلى حد كبير في توظيف المساعدات الخارجية للتوصل إلى حل ملائم· وفي هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى المتمردين في إقليم ''آتشي'' الإندونيسي، على حافة جزيرة سومطرة، الذين وقعوا مع الحكومة على اتفاقية سلام ونجحوا في إدارة شؤون الإقليم· لكن في سريلانكا مازالت الحكومة تقاتل متمردي ''التاميل'' بعد رفضهم إلقاء السلاح والمشاركة في الحياة السياسية، وهو ما يعيق جهود إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من البلاد· ورغم المعاناة التي تكبدها الناجون والصعوبات التي واجهوها، فإن المساعدات الدولية وجدت طريقها فعلاً إلى النازحين، مخالفة بذلك شكوك بعض الجهات الدولية من أن المساعدات قد تصرف في غير مكانها، لا سيما في دول نامية يتفشى فيها الفساد· ويعتقد المسؤولون الحكوميون وعمال الإغاثة أن التحدي القادم هو تفادي الانعكاسات السلبية على السكان بعد انتهاء عمليات إعادة الإعمار في المناطق المنكوبة· فالخوف أن تتراجع اقتصاديات الدول التي استفادت من الدعم الخارجي بعد توقف المساعدات ورحيل المنظمات الإنسانية· فقد حذر المسؤولون الإندونيسيون من تسريح عدد كبير من العمال في إقليم ''آتشي'' خلال العام 2009 عندما تنهي وكالات إعادة الإعمار أعمالها بعدما أظهر مسح حكومي أنه ما لا يقل عن 40 ألف عامل قد يفقدون عملهم في حال تراجع المساعدات الدولية التي تنعش الاقتصاد المحلي وتوفر الفرص للسكان· ويتساءل ''يوسف إيروان''، أحد أهالي الإقليم ''ماذا سيحل بنا بعد توقف الأموال عن الوصول إلى آتشي؟''· ويضاف إلى ذلك تحد آخر يتمثل في إشعار سكان المناطق الساحلية بأي كارثة طبيعية محتملة في المستقبل بوقت كاف يمكنهم من إخلاء منازلهم واتخاذ الاحتياطات اللازمة· وفي هذا السياق تقود الأمم المتحدة الجهود الدولية لوضع نظام إنذار مبكر في المحيط الهندي مماثل للنظام الموجود في المحيط الهادي يشمل تركيب أجهزة الاستشعار في قعر البحر مرتبطة بمراكز وطنية قادرة على إصدار تحذيرات وتقاسم البيانات مع البلدان الأخرى· فلو توفرت الدول المطلة على المحيط الهندي على أجهزة إنذار لتمكنت من إخلاء الأهالي في المناطق الساحلية، ولأنقذت الكثير من الأرواح· واليوم يقول المسؤولون في الأمم المتحدة، المشرفون على تركيب أجهزة الإنذار المبكر، إن الدول المنكوبة أصبحت قادرة على تحذير سكانها بفضل المعدات المتوفرة لديها· فقد تمكنت السلطات الإندونيسية في شهر سبتمبر الماضي من إنذار سكان المناطق الساحلية باحتمال تعرض المنطقة لموجة مد بحري بعد خمس دقائق فقط على وقوع زلزال وسط البحر، وهو ما سمح للأهالي بإخلاء قراهم والابتعاد عن الشريط الساحلي· ولتفادي أزمة اقتصادية قد تنشأ عن توقف المساعدات الخارجية، يخطط المسؤولون في إقليم ''آتشي'' لاجتذاب المستثمرين لإنعاش الاقتصاد المحلي الذي كان يعتمد في السابق على الزراعة والصيد وعائدات استغلال أحد حقول الغاز الطبيعي في المنطقة من قبل شركة ''إكسون موبيل'' الأميركية· لكن المستثمرين ينتظرون نجاح اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة مع ''حركة تحرير آتشي'' في العام 2005 قبل الاندفاع إلى ضخ أموالهم في المنطقة· وفي بلدان أخرى- مثل تايلاند التي تضررت هي الأخرى من ''تسوناني''- عاد السياح الأجانب إلى منتجعاتهم المفضلة، رغم أن عدد القتلى وصل في صفوفهم إلى ثمانية آلاف شخص· ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
المصدر: بانكوك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©