الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تلاحم شعْبَي وادي النيل

16 فبراير 2011 21:28
لفترة زمنية قد تطول، ستظل ثورة الغضب التي أشعل شرارتها الشباب المصري في بؤرة الاهتمام الدولي والإقليمي والعربي، وستبقي أخبارها والتعليقات وردود الأفعال حولها "خبراً رئيساً" في أجهزة الإعلام المختلفة، خاصة في تلك الدول التي تأثرت وستتأثر بالحدث الثوري الذي جرى في مصر لما تربطها بمصر الدولة والشعب علاقات خاصة. وستنهال الصفات والتسميات على ثورة الغضب التي ستخلد بثورة الخامس والعشرين من يناير. كثير من المعلقين والمحللين أعربوا بصورة واضحة عن اندهاشهم واستغرابهم عن صمود المصريين ووقفتهم الرائعة. فالشعب المصري الصبور يذخر بالطاقات الثورية وتفيض قلوبه بحب الوطن. ليس فقط الوطن المصري، بل الوطن العربي الكبير الذي جاد كثير من أبنائه بدمائهم وأرواحهم دفاعاً عن قضاياه القومية، وفي مقدمتها فلسطين. لذلك لم يكن مستغرباً عندنا عندما انفجرت جماهير السودانيين ليلة جمعة النصر وزحفت من كل حدب وصوب تجاه شارع أفريقيا وسط الخرطوم، تهلل وتهتف وتنادي بحياة مصر وشعبها الباسل. خرجوا من دون دعوة من حزب أو جماعة أو تنظيم وتفجرت مشاعر الأخوة الحقيقية، التي لاتحدهـا حدود، وتكـاد ترى على وجـوه الجميـع رونـق الفرح كأنمـا الانتصـار، الذي تحقـق في القاهـرة هو انتصارهـم والفرح هو فرحهم أيضـاً. وحقيقة الأمر أن مشاعر الأخوة تجاه مصر العزيزة تعبر عن نفسها كلما ألمت بمصر ملمة، وحدث ذلك مرات عديدة قبل يوم "جمعة النصر". والسحب المظلمة التي تظلل سماء العلاقات المصرية - السودانية أحياناً كانت دائماً وعلى مر عهود أنظمة الحكم التي توالت في مصر والسودان، هي من أخطاء الحكومات التي لم تفهم عمق المشاعر بين شعبي وادي النيل مدفوعة أحياناً كثيرة بالحسابات الخاطئة من قبل الأجهزة الأمنية. مصداقاً لذلك رأينا وقفة السودانيين جميعاً يوم وقع العدوان الثلاثي البريطاني- الفرنسي- الإسرائيلي على مصر. فقد كان المتطوعون السودانيون أول من تقدم الصفوف دفاعاً عن مصر في وجه المعتدين الاستعماريين، وقد كان وزير خارجية السودان آنذاك هو لسان حال مصر وكل العرب في الأمم المتحدة، وكانت حكومة الائتلاف القائمة آنذاك أول من أعلن قطع علاقتها مع بريطانيا وفرنسا. وشهدنا ذلك عندما وقعت "النكسة " عام 1967 . وكانت الحكومة الديمقراطية السودانية هي المبادر بالدعوة لجمع القمة العربية في الخرطوم تلك القمة التي وضعت الأساس والإمكانات المالية لإزالة آثار العدوان الإسرائيلي عن مصر. وعبدالناصر عندما جاء إلى تلك القمة التاريخية قد استقبله الشعب السوداني استقبال الأبطال وحملت الجماهير سيارته ولم تفلح جهود رجال الأمن والحراسة السودانية المصرية في منعها من ذلك. وكثيرة هي المواقف التاريخية التي تأكد عمق وصدق المشاعر الاخوية.. وأيام ثورة الغضب الشعبية المصرية، لم يتردد الشعب السوداني في التعبير عن مساندته ودعمه للثورة التاريخية بقلوب صادقة. الآن الحكومة والمعارضة السودانية يعلمان أن ما حدث يوم "جمعة النصر" في القاهرة هو حقيقة مؤكدة مفادها أن مصر ما بعد الثورة الشعبية لم ولن تعود مصر الأمس... وأن صفحة مؤلمة من تاريخ مصر قد انطوت ويعلمون ما سيتبع الميلاد الجديد سيغير الكثير في السياسات المصرية داخلياً وخارجياً. وعلى ضوء ذلك يجب أن تشكل علاقات مصرية- سودانية جديدة تحل محل تلك العلاقات التي لم تكن محل رضا الشعبين. مصر التي وُلدت من جديد، لابد لها أن تطبق علاقاتها مع العالم ومعنا وفقا لما أراده الشعب المصري لنفسه، وبذلك يكسب احترام وتقدير العالم وفي مقدمته الشعب السوداني الشقيق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©