الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تايلاند وكمبوديا... هل يجدي التدخل الدولي؟

16 فبراير 2011 21:27
دعا مجلس الأمن الدولي كلاً من كمبوديا وتايلاند إلى إظهار "أكبر قدر من ضبط النفس"، بعد اندلاع مواجهات دامية على الحدود بين البلدين. لكن من غير المرجح أن تساهم دعوة الأمم المتحدة في حلحلة التوتر القائم، والذي تطور مؤخراً إلى صدامات عنيفة وتبادل للاتهامات، فيما يحشد البلدان قواتهما العسكرية بالقرب من الأراضي الحدودية المتنازع عليها. ويتمحور الصراع حول معبد "باريا فيهير" الذي يعود بناؤه إلى القرن الحادي عشر الميلادي، وتحديداً بالقرب من أرض يتنازعها الطرفان، غير أن الصراع القديم والمستمر دائماً يتعدى الأرض المحيطة بالمعبد إلى مناطق حدودية أخرى يرى كل من البلدين أنها تعود إلى ملكيتهما. وفي إطار الصراع أدانت محكمة كمبودية قياديين تايلانديين ينتميان إلى حركة "القمصان الصفر" الاحتجاجية بتهم التجسس، كما أصدرت أحكاماً بالسجن على مواطنين تايلانديين دخلوا "بصورة غير قانونية" إلى البلاد مع تعليق عقوبة الحبس. وكانت الجماعة التي صدر في حقها حكم بالسجن قد اجتازت الحدود ودخلت الأراضي الكمبودية في وقت يسعى فيه الجانبان إلى ترسيم مناطق حدودية. وأفادت وسائل الإعلام الكمبودية يوم الثلاثاء الماضي أن العائلات في المدن والمناطق الساحلية بمحافظة "كوه كونج"، بدأت في النزوح إلى مناطق آمنة بعد ما أذيع من أنباء عن نشر تايلاند لأسطولها البحري بمقربة من المناطق المتنازع عليها، وهي الأماكن البحرية الغنية بالنفط. لكن مصادر عسكرية وحكومية نفت أن يكون لديها علم بأي تحرك عسكري من تايلاند قريب من الحدود المائية. وكانت كمبوديا في مسعى لحل المشكلة الحدودية العالقة مع جارتها تايلاند، قد طلبت الوساطة الدولية وعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي للنظر في الموضوع، بل ذهبت إلى حد المطالبة بنشر قوات حفظ سلام أممية، بينما تفضل تايلاند المباحثات الثنائية. لكن يبدو أن البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي يميل إلى الموقف التايلاندي، وهو ما قد يحبط السلطات الكمبودية الساعية إلى وساطة دولية، حيث جاء في البيان الذي صدر بعد مخاطبة وزيري خارجية البلدين لمجلس الأمن في 14 فبراير الجاري أن "أعضاء مجلس الأمن يحثون الأطراف على وقف دائم لإطلاق النار والالتزام التام بتطبيقه وتسوية المشكلة بطرق سلمية ومن خلال الحوار الفعال". ونقلت وسائل الإعلام التايلاندية تعقيب رئيس الوزراء، "أبسيت فيجاجيفا" قائلاً: "إن البيان الأممي يوضح أن المجتمع الدولي يريد من الجانبين الانخراط في مباحثات ثنائية لإنهاء الصراع". لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الكمبودية، "كوي كونج"، قال إن المباحثات الثائية فشلت لحد الآن في تسوية النزاع الحدودي ولم تفض إلى أية نتيجة. وتابع المتحدث الكمبودي قائلاً: "إن الدافع الذي ألجأنا أصلاً إلى مجلس الأمن هو فشل الحوار الثنائي، فقد استخدمنا آلية المباحثات لأكثر من ثلاث سنوات ولم نتوصل إلى شيء". وقد ظل الصراع مستمراً لعقود، مع تفجر دورات من العنف أحياناً، كان آخرها في 4 فبراير الجاري عندما اشتبكت قوات البلدين في معارك استخدمت فيها المدفعية والأسلحة، حيث سقط سبعة جنود من الجانبين، فضلاً عن مقتل وجرح المدنيين. وترجع المشكلة إلى قطعة من الأرض لا تتجاوز مساحتها خمسة كيلومترات مربعة أسفل المعبد. وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت في عام 1962 قراراً بتبعية المعبد إلى كمبوديا، فيما تُركت ملكية الأرض المحيطة به إلى الطرفين لحلها. ومنذ ذلك الوقت وتايلاند تؤكد قبولها بقرار المحكمة، لكن القوميين التايلانديين يتهمون الحكومة بالتخلي عن الأرض لصالح كمبوديا، كما تحول المعبد إلى مصدر غضب خلال فترات الاضطراب السياسي الداخلي في تايلاند. فعلى سبيل المثال تجمع محتجون تايلانديون يوم الاثنين الماضي وسط العاصمة بانكوك داعين إلى استقالة الحكومة لتعاملها السيئ مع قضية الحدود. ويعتقد العديد من المحللين أن المشاكل السياسة الداخلية في تايلاند هي السبب الرئيسي لاشتعال الاضطرابات على الحدود، فحركة "القمصان الصفر" ذات التوجه القومي، والتي ساعدت رئيس الوزراء الحالي في الوصول إلى الحكم، تطالبه اليوم بالرحيل. هذا في الوقت الذي سعى فيه رئيس الحكومة "أبسيت" إلى النأي بنفسه عن القوميين المتشددين والعناصر الراديكالية، في محاولة لكسب الدعم الدولي. لكن تلك العناصر القومية لعبت على مشاعر المواطنين لشن حملة ضد الحكومة لدى الرأي العام. ورغم مناشدة مجلس الأمن الدولي للطرفين بتسوية المشاكل العالقة بينهما من خلال الحوار الثنائي، إلا أنه من غير المرجح أن تختفي المشاكل في ظل عدم استقرار الوضع السياسي داخل تايلاند، والذي يؤثر على ما يحصل في الحدود، ويدفع السياسيين إلى تبني مواقف متصلبة أحياناً. وفي أثناء ذلك قام البلدان بحشد قواتهما العسكرية على جانبي الحدود، حيث من المتوقع أن يستمر الصراع لعقود قادمة على غرار ما كان في السابق، مع ما يتخلل ذلك من صدامات دموية بين الفينة والأخرى. جاريد فيري كمبوديا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©