الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل... والقلق من حركة سلمية فلسطينية

إسرائيل... والقلق من حركة سلمية فلسطينية
16 فبراير 2011 21:27
على امتداد الشهر الأخير الذي قضيته في الشرق الأوسط انغمست في دراسة حركات الاحتجاج الفلسطينية غير العنيفة ونشطاء المقاومة الشعبية السلمية التي كان عناصرها يراقبون باهتمام ما يجري في الإقليم من انتفاضات أطاحت بالنظامين في تونس ومصر. هذا التفاعل بين التطورات في المنطقة والداخل الفلسطيني عبر عنه، مصطفى البرغوثي، المرشح السابق في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية وصاحب المبادرة الفلسطينية الذي حصلت كتلته المستقلة على 20 في المئة من أصوات الناخبين خلال الانتخابات الأخيرة، قائلاً :"إننا نشهد ثورة ديمقراطية في الشرق الأوسط، والأمر لم يبلغ نهايته بعد، بل نحن في البداية". ولعل ما يؤكد هذا التفاعل ما شعرت به السلطة الفلسطينية من ضغط في أعقاب الثورة المصرية دفعها يوم السبت الماضي إلى الإعلان عن نيتها في عقد انتخابات بحلول شهر سبتمبر المقبل ليتلو ذلك استقالة حكومة سلام فياض يوم الإثنين الماضي بطلب من عباس. وفي الأسبوع الماضي سعى نائب حاكم مدينة الخليل إلى الربط بين أحداث مصر وما يجري داخل الأراضي الفلسطينية قائلًا: "ما يحدث في المنطقة من تطورات لا يمكن فصله عن مجريات القضية الفلسطينية، وعلى إسرائيل إعادة تقييم سياساتها لأن حلفاءها العرب يتساقطون". وفي الوقت الذي اجتاح فيه المحتجون الشوارع المصرية احتفالًا بتنحي مبارك، لم تعد إسرائيل قادرة على الاستمرار في سياسة خنق الحركة الفلسطينية السلمية، والوقوف في وجه المقاومة غير العنيفة، فتلك الجماعات تحمل رسالة مهمة في منطقة تتنازعها العديد من الصراعات وقد تنتج حلولاً مبتكرة، لكن عناصرها تشعر بالإحباط بسبب التضييق الإسرائيلي، علماً أن البديل لن يكون سلمياً أو مناهضاً لأساليب العنف. فعلى إسرائيل أن تخشى من فشل الحركات الاحتجاجية الفلسطينية ذات التوجهات السلمية أكثر من تواجدها في الشارع وتعبيرها عن قطاعات واسعة من أفراد الشعب الفلسطيني الذين يجلسون اليوم في المطاعم والمقاهي بالضفة الغربية لمتابعة ما تحمله شاشات التلفزيون من أخبار عن تونس ومصر والأردن واليمن، التي تهزها جميعاً مظاهرات سلمية تطالب بالحرية والكرامة، ويتابع الفلسطينيون بكثير من الترقب ما حققته تلك الانتفاضات السلمية وبأقل الخسائر الممكنة عندما أطاحت بالأنظمة المستبدة فيما هم لم يحققوا الكثير من انتفاضاتهم التي قُتل فيها الآلاف من دون التحرر من الاحتلال، وقد عبر العديد من المواطنين الفلسطينيين عن فرحتهم لما يمكن أن تحس به إسرائيل في هذه اللحظة بعد سقوط بعض حلفائها التقليديين في المنطقة من تخوف. ومع أن أحداً لم يتحدث بعد عن انتفاضة ثالثة في الشارع الفلسطيني، إلا أن جميع الظروف صارت مواتية لانطلاق انتفاضة فلسطينية في ظل معدلات البطالة المرتفعة وتعطل المفاوضات واستمرار عنف المستوطنين ضد الأهالي في القرى الفلسطينية، حيث قتُل فلسطينيان خلال الأسبوع الماضي على يد المستوطنين المتشددين، وهو ما يحذر منه مصطفى البرغوثي الذي يقول إنه إذا لم يرَ الفلسطينيون ضوءاً في آخر النفق، فإنهم سيلجأون إلى العنف. لكن مع ذلك عبر ثلثا الفلسطينيين في الضفة الغربية عن تأييدهم للمقاومة السلمية حسب ما أفاد به "سامي عواد"، رئيس صندوق الأرض المقدسة التي تنشط في مدينة بيت لحم وتركز على نبذ العنف، ومازالت الاحتجاجات الفلسطينية ضد الاحتلال في القرى والبلدات مستمرة، وإن كان سرعان ما يتم تفريقها عندما تتدخل القوات الإسرائيلية مستخدمة القنابل الصوتية والرصاص المطاطي. وفي إحدى المظاهرات التي شهدتها شخصياً في إحدى البلدات الفلسطينية فوجئت بالعدد القليل للمتظاهرين الذين لا يتعدى عددهم ثلاثين شخصاً، معظمهم من "منظمات السلام" الإسرائيلية والأجانب، وعندما استفسرت من أحد الفلسطينيين المشرفين على المظاهرة عن سر المشاركة المتواضعة قال "لقد فقد الناس الأمل، في الماضي كانت المظاهرات أكبر لكنها لم تحقق شيئاً لذا بدأ الناس يفقدون الأمل". والحقيقة أنه على إسرائيل أن تقلق كثيراً من حالة انعدام الأمل لدى الفلسطينيين أكثر من تسيير مظاهرات ضد الاحتلال لأنه عندما يستمر الخنق وتختفي البدائل ولا يستطيع الناس التعبير السلمي عن مطالبهم فإنهم غالباً ما يلجأون إلى العنف. وقد أذهلني النشطاء الفلسطينيون الذين قالوا إنهم يريدون تهدئة مخاوف الإسرائيليين، وأنهم مستعدون لمعالجة ما خلفته التجربة اليهودية في أوروبا من مآسٍ من خلال مبادرات لبناء الثقة بين الشعبين الفلسطيني واليهودي، وهو الخطاب الذي يصعب سماعه في أوساط أخرى لما قد يجره من غضب الفلسطينيين أنفسهم الذين يعانون من الاحتلال الإسرائيلي. لذا فإنه بدلاً من تهميش أصوات الفلسطينيين الذين يطالبون بحقوقهم بطرق سلمية ويبدون استعداداً لتتواصل مع الدولة العبرية يتعين على إسرائيل تقويتهم وعدم التخوف منهم لأن البديل سيكون المزيد من الإحباط والتشدد، وربما الرجوع إلى العنف والصدامات الدموية، لا سيما في ظل ما يشهده الشرق الأوسط من تغيرات كاسحة يتعين على الجميع في المنطقة، وعلى رأسهم إسرائيل، التعامل معها بحذر واستباق تداعياتها. جنيسا جانز ويلدر محللة سابقة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©