الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«من الذات إلى التخييل».. تفتح باب الدخول إلى مغامرة الكتابة

«من الذات إلى التخييل».. تفتح باب الدخول إلى مغامرة الكتابة
22 فبراير 2014 00:09
محمد وردي (دبي)- «أشكال الكتابة السردية.. من الذات إلى التخييل»، ورشة جمعت ثمانية عشر شابا وشابة ممن يطمحون لتعلم «تكنيك السرد» والاطلاع على أجناس الأدب المختلفة، حيث تواصلت الورشة الأسبوع الماضي على مدى ثلاثة أيام بمقر ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وناقشت في اليوم الأول الفروق بين اليوميات والسيرة الذاتية الشخصية، والسيرة الذاتية الروائية، وفي اليوم الثاني ناقشت اليوميات التي أعدها المشاركون في ضوء ما تعلموه في اليوم السابق، وفي اليوم الثالث ناقشت الانتقال من الذاتي إلى التخييلي، عن طريقة محاولة كل منتسب استبطان شخصية من المنتسبين. وقد تشعبت النقاشات داخل الورشة التي نظمتها «دار ورق للنشر»، بالتعاون مع ندوة الثقافة والعلوم وأشرف عليها الروائي والناقد كمال الرياحي، حيث دارت في بعض الأحيان حول فنون الكتابة بأجناسها المختلفة. وكان الرياحي بحكم خبرته الطويلة ومعارفه الغزيرة يستعرض أسماء المشاهير في ميادين الكتابة، ويرشدهم إلى أسماء أهم الكتب بهذا الخصوص. إمكانية تعلم الكتابة «الاتحاد» زارت الورشة، وتابعت بعض تفاصيلها والتقت مع المشرف عليها والفريق المشارك فيها، حيث قال كمال الرياحي عن جدوى تعليم الكتابة، وإذا ما كان ذلك ممكناً؟: «بالإمكان تعلُم القراءة، وأن الورشات يمكن أن تعلم المشاركين كيف يقرؤون الكتب، وهذه المعارف بالضرورة مفيدة للكتاب، وللمقبلين على الكتابة كمبتدئين. كما توفر أرضية خصبة للمواهب الأدبية، لكي تنمو وتترعرع بشكل صحي، في ظل تراجع أداء الوسائل التقليدية لتقديم المعرفة مثل التلفزيون والراديو والصحف والمجلات، التي كانت تشكل المصادر الأساسية لتكوين المبدع في الواقع العربي قبل سنوات». وأضاف الرياحي: «أن مثل هذه الورشات كانت ومازالت تقليداً غربياً بالأساس، ولكنها خرجت من الفضاءات العامة إلى المناخات الأكاديمية، بحيث أصبح هناك أساتذة لتعليم الكتابة الإبداعية في الجامعات الغربية عموماً في الوقت الراهن. ولا أظن أن هناك من يقوم بتعليم الكتابة في الجامعات العربية باستثناء الجامعة الأميركية في بيروت، حسب ظني». ورشة ماركيز وعما إذا كان تعليم الكتابة يُغني عن الموهبة والمَلَكات الأخرى؟ قال الرياحي: «إن الموهبة لوحدها لا تكفي أيضاً. ولعل تجربة ماركيز بهذا الخصوص مفيدة، فهو أنشأ ورشتين لتعليم كتابة القصة والسيناريو. وهو يقول بهذا الصدد ما معناه: نعم إن القصة تولد، ولكنها بحاجة إلى قابلة، لكي تكون الولادة سليمة، ولا تحدث تشوهات للمولود. هذا التشبيه مهم، لأنه يمكن للقصة أن تكون موجودة لدى الآخرين، ولكنهم لا يعرفون كيف يقدمونها. من دون شك كل الناس لديهم قصصهم وحكاياتهم، ولكن الكاتب يحتاج إلى هذه الخبرات السردية التي تقدمها الورشة». ويقول عما سماه «الخبرات السردية»: «إن للسرد آليات واستراتيجيات تنتزع من كاتب إلى آخر، ولكنها في الآن عينه، هي علامات عامة وثابتة، ولا تختلف إلا في التفاصيل، كما أن الأجناس الأدبية مهما تعددت أنواعها وأشكالها، فإن عليها أن تبقى رواية. وهذا ما يؤكده الناقد عبد الفتاح كليطو عندما يقول إن الأجناس الأدبية عليها أن تلتزم بشروطها مثل الألعاب. فلعبة الشطرنج مثلاً مهما تغيرت أساليب اللعب فيها، لن تتحول إلى لعبة كرة القدم. وهذا الكلام يعني أن هناك ثوابت في الكتابة الإبداعية وهذا بالتحديد ما يمكن تعليمه للكتاب الناشئين. فمثلاً يمكن تعليمهم، نسبة الوصف من نسبة السرد. أشكال السرد وأنواعه في علاقته بالأزمنة والفضاءات، إيقاع الحوار. كل هذه التقنيات في الكتابة، تشبه تقنيات صناعة السينما، أو تقنيات الفنون التشكيلية، من معرفة بالألوان ومزجها واستخراجها من بعضها البعض. ومن المؤكد أنه بإمكان الكاتب أن يصل إلى تلك التقنيات بالخبرة والتدريب والمران ومحاولات الكتابة المتواصلة. ولكنه يحتاج إلى وقت طويل، فحينها يمكن للورش أن تقوم بهذا الدور، وتوفر عليه الكثير من الوقت والجهد». المشاركون أما بالنسبة للمشاركين والمشاركات في الورشة، فأجمعوا على أهميتها وعلى استفادتهم من خبرات المشرف على الورشة الروائي كمال الرياحي. تقول الطالبة الجامعية شيخة الشامسي إنها شاركت في الورشة لأنها كانت بحاجة لمعرفة كيف تبدأ الكتابة، واكتشفت من خلال الورشة أن الجميع لهم الحق بالكتابة، واكتشفت أن التدريب والمران يمكن أن يرتقيا بالكتابة. وأن الأساليب هي زخرفة، ولذلك ساعدتها الورشة على التخلص من التردد. من جهتها، تقول الطبيبة عبير الحميري: «أتيت إلى الورشة لمجرد الفضول في البداية، لأن آخر محاولاتي بالكتابة كانت في المدرسة والتعليم، ولكنني في الآونة الأخيرة وجدت أن لدي رغبة بالكتابة، فقمت بمحاولة كتابة مقالة قبل شهرين، ولقيت تشجيعاً من أحد الصحفيين، فكلها عوامل قادتني إلى الورشة. ولكني الآن اكتسبت قدرة التمييز بين الأجناس الأدبية وأساليب الكتابة. والحقيقة أن الورشة فتحت لي أبواباً كنت أجهلها، ولا أعرف كيف أصل إليها». كذلك تقول الطبيبة سكينة المياد بأنها اكتشفت أن لها الحق بالكتابة والتعبير عن نفسها بالطريقة التي تريحها، وأنها تعرفت على الأجناس الأدبية، وأن الورشة فتحت عينيها على عوالم لم تسمع بها من قبل، وخصوصاً أسماء بعض مشاهير الكتاب المبدعين، الذين لم تكن تعلم بهم أو بإنتاجهم من قبل. بدورها، تقول التربوية مهرة المطيوعي إنها كانت تمارس بعض الكتابة من دون معرفة، وانقطعت عن ذلك منذ فترة طويلة، لذلك ترى أن الورشة قدمت لها الكثير من المعارف التي لم تكن على علم بها. مثل تعدد الأجناس الأدبية والأساليب السردية، مؤكدة باختصار أن الورشة قدمت الكثير من المعلومات المفيدة، وأزالت الكثير من تصوراتها الخاطئة عن الكتابة. من جهتها، تقول جيهان محمد صفار المعالجة النفسية بمهارات القراءة، إنها بحكم علاقاتها مع كاتبات معروفات مثل أحلام مستغانمي ورجاء عالم وأخريات مازالت تتواصل معهن للاطلاع على الإبداعات الجديدة والمميزة، فإن الورشة ساعدتها على تنظيم أفكارها واختياراتها للكتب، وأعطتها ما يمكن أن تسميه المهارة باختياراتها للنصوص، التي كما تقول: «سأستخدمها في الفترة المقبلة». أما أصغر المشاركات في لورشة فكانت الطالبة في المرحلة الثانوية خولة الزرعوني، التي أعدت يومية بموجب متطلبات الورشة، فنالت الاستحسان والتشجيع من جميع الحضور، بمن فيهم مشرف الورشة، فقالت إنها اكتشفت نوعا جديدا من الكتابة اسمه «اليومية» الذي لم تسمع به من قبل. وتقول: «وهذا ما شجعني على الكتابة، التي أرغب بالاستمرار فيها، كذلك اطلعت على أسماء بعض الكتب التي أنا بأمس الحاجة لقراءتها فيما أظن، وخصوصاً من الروايات». اللافت للنظر أن المشاركات الرجالية اقتصرت على أربعة شباب، هم عمر الخميس، الذي يقول إنه يكتب بمدونة خاصة باسمه، ولكنه لم يكن يعرف شيئاً عن الأجناس والأساليب الأدبية، لذلك يظن أن الورشة مفيدة للغاية له. بدوره، يقول الشاب أحمد سعيد إن الورشة في غاية الأهمية ويرى أنها قدمت له فوائد كبيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©