الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب الأفيون العالمية

22 فبراير 2014 00:08
في فيلم «حرب تشارلي ويلسون» لعب الممثل «فيليب سيمور هوفمان» دورَ ضابط استخبارات أميركي مصمم على مساعدة الأفغان على استعادة بلدهم من الاحتلال السوفييتي خلال عقد الثمانينيات. وكانت الصواريخ المضادة للطائرات التي روجت لها شخصية «هوفمان» بين المقاتلين المجاهدين – والتي وفرها دعم تشارلي ويلسون في الكونجرس – حاسمةً في تغيير مجرى الحرب ضد الجيش الأحمر السوفييتي. غير أن موت «هوفمان»، الذي كان مدمناً جراء جرعة زائدة من الهيروين مؤخراً ينطوي على بعض السخرية، وذلك لأن معظم الهيروين الموجود في العالم – حوالي 80 في المئة – يتم إنتاجه حالياً في البلاد التي خاضت فيها الولايات المتحدة أطول حرب: أفغانستان. حرب أميركا في أفغانستان تشارف على نهايتها، ولكن حرب المخدرات طويلة المدى مع ذلك البلد بدأت للتو مرحلة الإحماء، وذلك لأن الكثير من ضحايا حرب الأفيون العالمية سيكونون مئات الآلاف من الأميركيين في شرائح المجتمع المختلفة، أغنياء وفقراء، ومشاهير أو مجهولين. والواقع أن السخرية تبدو في صميم هذا الموضوع. فمعظم الهيروين الذي يتم إنتاجه في العالم هذه الأيام مصدره حقول الخشخاش في أفغانستان؛ غير أنه خلال فترة الهجمات التي استهدفت البرجين التوأم في الحادي عشر من سبتمبر، كانت «طالبان» قد انتهت تقريباً من القضاء على زراعة الخشخاش في أفغانستان، وذلك لأن هذه الحركة الدينية المتطرفة والمناهضة للحداثة، كانت معادية أيضاً للمخدرات بشكل متشدد. وهكذا، عمل زعيم «طالبان» الملا عمر مع الأمم المتحدة على حظر زراعة الخشخاش؛ وشمل تطبيقُ الحظر في عهد «طالبان» عقاباً عاماً قاسياً للمخالفين. غير أنه عندما قام الأفغان، الذين كان الكثير منهم مجاهدين سابقين، بإسقاط «طالبان» بمساعدة من القوات الأميركية، رحلت القوة التي كانت تحظر زراعة «الأفيون»، وفجأة، استأنفت سوق الهيروين المدرَّة للأرباح والموجَّهة للتصدير نشاطها. وعقب إسقاط «طالبان»، دخل لاعبون جدد لعبة المخدرات المربحة جداً - والعديد منهم مرتبطون بحليف أميركا، الرئيس حامد كرزاي، على ما يقال. كرزاي شخصية متقلبة يصعب التنبؤ بأفعالها. فبينما دخلت قوات الأمن والمساعدة الدولية بزعامة الولايات المتحدة المرحلة النهائية لحرب أفغانستان، انقلب كرزاي على أميركا على ما يبدو – حيث روج لاتهامات بأن إدارة أوباما تشن هجمات على المدنيين، ورهن حلًا متفاوضا بشأنه حول انسحاب القوات الأميركية. كما أنه رفض توقيع اتفاقية أمنية ثنائية بين الولايات المتحدة وأفغانستان كان مؤتمر «اللويا جيرغا» قد وافق عليه، آملاً في البقاء في انتخابات أبريل الرئاسية. وإذا لم يكن التهديد للجنود الأميركيين في أفغانستان غير كاف، فإن كرزاي مسؤول، جزئيا على الأقل، عن الزيادة المضطردة في تجارة الأفيون في بلاده. ولأن السخرية تيمة أفغانية بامتياز، فإن «طالبان»، التي استعملت ذات يوم مقاربة تعود للقرون الوسطى للقضاء على حقول الخشخاش، باتت اليوم تعتمد على زراعة الخشخاش لمساعدتها على تمويل معارضتها المسلحة لنظام كرزاي. ولكن الحقيقة المرة هي أن أفغانستان، سواء بوجود أمني أميركي أو بدونه (وسواء باتفاق مع طالبان أو بدونه) ستظل مصدِّرة للهيروين، وذلك لأنه إذا كانت الاتجاهات الحالية تمثل مؤشراً مفيداً، فإن ماكينة تصدير الهيروين ستستمر في النمو: وعلى سبيل المثال، في 2013 نما إنتاج الأفيون الأفغاني بـ36 في المئة مقارنة بالسنة التي قبلها، وفق شهادة أدلي بها في جلسة استماع لمجلس الشيوخ الأميركي. وحسب جون سوبكو، المفتش العام لإعادة الإعمار في أفغانستان، فإن قيمة الهيروين الأفغاني التي أُنتجت في 2013 بلغت حوالي 3 مليارات دولار – وذلك بعد أن تم إنفاق ملياري دولار على جهود لمحاربة المخدرات من قبل البنتاجون. وعلى الصعيد العالمي، هناك ما يقدر بـ9?3 مليون مستعمل للهيروين، حسب مؤسسة «عالم خالٍ من الهيروين». وبينما أخذت الجهود الأميركية لمحاربة الإرهاب والتمرد والمخدرات في أفغانستان تنتهي تدريجياً، أخذت تلوح في الأفق حرب أخرى أكثر ضراوة وتدميراً يفوق عدد الإصابات فيها إصابات الحروب الساخنة الأخيرة. وربما تكون أفغانستان متجهة نحو مراتب أدنى على سلم أولويات الولايات المتحدة بعد انسحاب الجنود الأميركيين، غير أنها ستستمر في دخول شراييننا. ذلك أنه إذا كانت أفغانستان قد آوت تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن قبل 2001، فإنها أخذت من جديد تزرع الإرهاب – ولكنه إرهاب على شكل حقنة هذه المرة. ماركوس كونالاكيس زميل مؤسسة هوفر التابعة لجامعة ستانفورد الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©