الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«اليابان تعود»... فهل يواصل «آبي» التقدم؟

22 فبراير 2014 00:07
في سبتمبر 2007، لابد أن “شينزو آبي” قد اعتقد أنه أضاع فرصته في تغيير مسار السياسة اليابانية في حقبة ما بعد الحرب، فاضطر للاستقالة. وقبل ذلك بعام كان قد أصبح أصغر رئيس للوزراء وأول من يتولى المنصب ممن ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية. وها هو “آبي” قد حظي بفرصة ثانية ليتولى أرفع منصب في البلاد وينسب إليه الفضل في بث حياة جديدة في الاقتصاد الياباني. لكن أول عام لـ”آبي” بعد عودته للمنصب يثير الحيرة، فهو يطمح لتغيير دستور البلاد ويُتهم بأنه يضع اليابان في طريق الصدام مع الصين بشأن نزاع على جزر في بحر الصين الشرقي وأنه يثير التوترات في المنطقة بزيارة مثيرة للخلاف لضريح ضحايا الحرب. وتصريحاته الشهر الماضي بأن الصين واليابان يشبهان ألمانيا وبريطانيا قبل الحرب العالمية الأولى أثارت مخاوف من دق طبول الحرب في المنطقة. وغالباً ما يوصف “آبي” بأنه قومي ومحافظ ويميني وداعية حرب. لكن هذه الأوصاف لاتوضح كثيراً فلسفته بحسب ما يقول الذين تابعوا عن كثب مشواره السياسي من مدير في شركة “كوبي ستيل” إلى سياسي ثم إلى رئيس حكومة. ويقولون إن “آبي” نتاج فترة ما بعد الحرب من النمو والتفاؤل، وقد جاءت ساعته بعد بداية متعثرة قبل سبع سنوات، وإن قائمة أولوياته يحركها رغبة في اغتنام روح الكبرياء الوطني التي حفزت البلاد من قبل على التحول من دولة منبوذة إلى قوة اقتصادية عالمية. ويقولون إن هدفه ليس عودة الأيام السود لثلاثينيات القرن الماضي، بل إن تنضم اليابان أخيراً إلى نادي الدول الديمقراطية «العادية» القادرة على الدفاع عن مصالحها في الداخل والخارج بالقوة إذا لزم الأمر. وعندما ترك “آبي” المنصب متذرعاً بأسباب صحية عام 2007، كان الناخبون اليابانيون قد سئموا فيما يبدو من هيمنة حزب “آبي” الليبرالي الديمقراطي على السياسة لفترة ما بعد الحرب. وبعد ذلك بعامين صعد الحزب “الديمقراطي” الياباني من “يسار الوسط” إلى السلطة في انتصار كبير لينهى ما يقرب من 50 عاماً متواصلة من حكم الحزب الليبرالي الديمقراطي. لكن السنوات الست التي مرت بين أول وثاني فترة ولاية في منصب رئيس الوزراء أفادت “آبي” كثيراً. فقد انطلق في رحلة حول اليابان وتناول عقاقير جديدة يتعالج بها. وتبخر تقريباً “حماس” الجمهور لوصول الحزب “الديمقراطي” الياباني إلى السلطة. وأصبحت الظروف سانحة ليعود آبي الذي ربط بين تجديد نشاطه ونشاط البلاد ليجتذب الناخبين الذين تزايد ضجرهم من ضعف الاقتصاد والخوف من تهميش دور بلادهم الإقليمي إلى جانب الصين. وقال “آبي” إن اليابانيين بعد أن تحملوا سنوات من المشقة والفشل مؤهلون تماماً لأن ينهضوا ثانية، فإنهم يستحقون فرصة ثانية مثله. وبعد عقدين من الركود نهض ثالث أكبر اقتصاد في العالم مرة ثانية مما دفع “آبي” إلى أن يعلن أثناء زيارة إلى واشنطن أن «اليابان عادت». وينسب إلى “آبي” الفضل في فوز بلاده بتنظيم دورة الألعاب الأولمبية 2020 في طوكيو وقال للجنة الأولمبية الدولية في سبتمبر الماضي أنه مازال يتذكر انبهاره بأول دورة ألعاب صيفية تستضيفها العاصمة عام 1964 بينما كان في العاشرة من عمره. فقد ولد “آبي” عام 1954 ونشأ بينما كانت اليابان تتحول من دولة مهزومة ومنبوذة إلى قوة اقتصادية دولية. وعاش بينما كانت اليابان تترك تقشف زمن الحرب إلى التحسن الكبير في مستويات المعيشة وعززت البلاد قوات الجيش لكن مع تعهد في الدستور بعدم استخدام وسائل القوة أبداً في تسوية النزاعات الدولية. فمع دورة الألعاب الأولمبية عام 1964، كانت إعادة تأهيل اليابان الدولية قد اكتملت. وليس من الصعب معرفة سبب تعرض “آبي” لانتقادات من الذين يحملون ذكريات أليمة من التاريخ العسكري للبلاد، فكثيرون منهم يرون في زيارته لضريح “ياسوكوني” في طوكيو الذي يُكرم فيه 14 يابانياً من مجرمي الحرب بين 2.5 من قتلى الحروب باعتبارها إسرافا من رجل مصر على أن يؤكد توجهاته القومية لزملائه الذين يشبهونه في الحزب الذين ساعدوه في الفوز برئاسة الحزب عام 2012. ويزعم منتقدوه أن اليابان أصبح لديها زعيم متحفز للقتال في ظل الصين المعادية بالمثل مستغلين في نقدهم هذا توجهات “آبي” والكشف في الآونة الأخيرة عن خطة دفاعية مدتها خمس سنوات تتضمن طائرات مقاتلة جديدة ومركبات برمائية مقاتلة وطائرات تجسس بلا طيار. ولطالما وعد “آبي” بأن يعيد النظر في الدستور الذي كتبه الأميركيون ليسمح لقوات الدفاع الذاتي بأن تلعب دوراً أكثر حيوية في الخارج بما في ذلك مساعدة الحلفاء عند تعرضهم لهجمات، ويريد أن تعلم المدارس التلاميذ الحس الوطني والاحتفاء الصادق بالتاريخ العسكري الياباني. لكن البعض يقول إن وصف “آبي” بأنه قومي صرف ينم عن إدارك للفروق المهمة في تفكيره ومرونته البراجماتية. فحماس “آبي” لتعديل الدستور لا يفتر، لكنه يشعر بقوة بالعقبات الداخلية، التي تقف في طريقه، ويقول مقربون منه إنه يتفهم ضرورة تكوين إجماع داخلي لتعديل المادة التاسعة «الاستسلامية». وتفادى أيضاً المزيد من الانتقادات الداخلية بشأن نظرته للتاريخ بتقديره لاعتذارات الحكومة السابقة عن سلوك اليابان في الحرب. ومازال علينا أن ننتظر لنرى إلى أي مدى يستطيع “آبي” أن يكبح قناعاته الأيديولوجية. فكلما استطال أمد التوتر مع الصين بشأن الجزر، كان من الصعب عليه التراجع إذا حولت حادثة أو سوء تقدير النزاع الدبلوماسي إلى أمر أكثر سوءاً. جوستين ماكيري طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة “كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©