الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«سكراب» تعرض جنون الواقع والتباسه في حياة رجل متقاعد

«سكراب» تعرض جنون الواقع والتباسه في حياة رجل متقاعد
22 مارس 2010 21:34
تواصلت مساء أمس الأول بقصر الثقافة بالشارقة عروض الدورة العشرين من مهرجان أيام الشارقة المسرحية التي تنظمها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ففي خامس أيام المهرجان قدمت فرقة مسرح دبي الشعبي عرضها المسرحي “سكراب” من تأليف عبدالله صالح، وإخراج محمد سعيد السلطي وتمثيل عبدالله صالح، وصوغة، وسعيد عبدالعزيز وحمد الحمادي والريم. تتلخص أجواء المسرحية في كلمة المؤلف التي أوردها في كتيب العرض وأتت على شكل قصيدة شعبية تقول: على نيتك يا ابن آدم سرو بك في ليلة كفنها دمعات ثوبك خذو من لحظة أيامك شبابك وعلى مرسى الألم تالي رمو بك قصيدة سوف نراها تتمظهر وتتوسع في مدارات وفضاءات الخشبة لتعبّر عن قسوة الحال، وعن عنف المصائر التي تقود الأشخاص المسالمين الذين لا يعرفون التسلق والنفاق واستجداء الآخرين إلى نهايات مأساوية تصل بهم لحد العوز والفاقة والعزلة القصوى. تتشكل الملامح الأولى للعرض اعتمادا على عنوانه “السكراب” الذي يشير لكل ما هو متهالك وصدئ ومهمل، سواء كان ذلك على مستوى المجاز أو على مستوى المعيش اليومي والواقعي لشخص يعاني من آثار التقاعد القسري والمبكر الذي جعله مركونا على هامش الحياة، ومحاصرا بأشباح الماضي التي ما زال يستحضرها ويخاطبها وكأنها بدائل جديدة وزاهية تعوض بؤسه الحاضر وتخفف من جروحه العميقة وألمه الناجز. وللوصول لهذه الحالة مشهديا استعان المخرج بديكورات بسيطة ومتحركة تتماشى مع التنويع والقطع الزمني بين الحاضر والماضي، تلك التنويعات المشهدية التي تدخل (سالم بن علي) ــ الشخصية المحورية التي يؤديها الفنان عبدالله صالح ــ في متاهة وجودية لا فكاك من تبعاتها الحالمة والكابوسية في ذات الوقت. توزعت الديكورات على سرير متهالك وشماعة لملابس الوظيفة التي شغلها (سالم بن على)، بجانب مولد الديزل الكهربائي المعطل، كما شملت الديكورات بعض الاكسسوارات الموحية مثل زجاجات وعلب الدواء، وحقيبة مهترئة وألبوم صور. هذه السينوغرافيا التي تبدو ثابتة، سوف نراها طوال العرض وهي تتحرك بنسق ديناميكي مشبع بالدلالات واللحظات المؤلمة، والأخرى المفرحة التي مرت على حياة (سالم)، بدءا من عمله في شركات التنقيب عن النفط، وسفره إلى بريطانيا في دورة تدريبية ثم عودته بحماس كبير إلى الوطن وتميزه الملاحظ في وظيفة الميكانيكي التي كان يشغلها في الشركة، وهي الوظيفة ذاتها التي سوف تعيقه لأنه لا يتقن غيرها، وكذلك بسبب تغير الظروف وطغيان التكنولوجيا والعولمة الرقمية على الوظائف الجديدة. يجبر سالم على التقاعد وتموت زوجته، التي أدت دورها الفنانة صوغه، والتي لم يستطع أن يوفر لها ثمن العلاج في الخارج، ويهجره أبناؤه وأصدقاؤه، ويتحول منزله الذاوي والذابل إلى مرتع للأوهام والخطابات الذاتية (المونولوج) الذي يكشف جنون الواقع والتباسه أكثر مما يكشف جنون الشخصية ودماراتها. استطاعت الإضاءة التي نفذها الفنان محمد جمال أن تتناغم مع الإيقاع العام للعرض، وساهمت لحظات الإعتام في عمق الخشبة أن تنقلنا من أرض التخيلات إلى أرض الحقيقة برشاقة وسلاسة بحيث لم نلحظ الفوارق الكبيرة بين الحالات والأزمنة العديدة والمتداخلة التي احتواها العرض، وكان أداء عبدالله صالح متماسكا ومعبرا بقوة عن تمزقات الشخصية واختلال معالمها الداخلية وانتقالاتها الشاقة بين رهافة الحلم والذاكرة، وبين عنف الواقع وصرامته. وبعد انتهاء العرض التقت “الاتحاد” بمخرج العمل محمد سعيد السلطي الذي أشار إلى أن المسرحية صيغت أساسا كي تكون عملا “مونودراميا” خالصا وتعتمد على شخصية واحدة يؤديها عبدالله صالح، وقال السلطي “ولكنني ارتأيت أن أحول الشخصيات التي يستدعيها (سالم) من الذاكرة إلى شخصيات حية وحاضرة من أجل تفعيل الممثلين في الفرقة وإشراكهم في اللعبة الدرامية على الخشبة “ أما الممثل والمؤلف عبدالله صالح فأشار ل”الاتحاد”إلى أن العمل كان مكرسا لإحياء ذكرى الكاتب والمؤلف المسرحي الراحل سالم الحتاوي، والذي كما قال صالح “ كنا نشعر بوجوده أثناء البروفات وأثناء كتابتي للنص، خصوصا وأنه في حياته كان مقربا مني وألهمني الكثير من الأفكار والرؤى المسرحية، وهذا العمل أعتبره ثمرة ونتاجا لهذه الصحبة الطويلة ولهذا البصمة الإبداعية للراحل والتي لن تنمحي أبدا من ذاكرة المسرح الإماراتي”.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©