الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

وَوَصَّيْنَا ?الإِنسَانَ ?بِوَالِدَيْهِ

وَوَصَّيْنَا ?الإِنسَانَ ?بِوَالِدَيْهِ
16 مارس 2017 23:08
الحمد لله، له أسلمت، وبه آمنت، وعليه توكلت، والصلاة والسلام على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (سورة لقمان الآية (14-15). من المعلوم أن بِرَّ الوالدين له شأن عظيم عند الله عز وجل، فهو من الأعمال الصالحة الجليلة والفروض الدينية الأكيدة التي شرعها الله سبحانه وتعالى وأوجب على عباده رعايتها والقيام بها، فهو يأتي في طليعة الأعمال الصالحة، وجملة الفروض التي يحبها الله عز وجل والتي يدخرها الإنسان لِغَده، كما جاء في الحديث (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ: «أَحَيٌّ ?وَالِدَاكَ؟»?، ?قَالَ: ?نَعَمْ، ?قَالَ: «فَفِيهِمَا ?فَجَاهِدْ») (أخرجه الشيخان)?، ?واستأذنه ?آخر ?في ?الجهاد، ?فقال: (?هَلْ ?لَكَ ?مِنْ ?أُمٍّ?، ?قَالَ: ?نَعَمْ ?، ?قَالَ: ?فَالْزَمْهَا?، ?فَإِنَّ ?الْجَنَّةَ ?تَحْتَ ?رِجْلَيْهَا) (?أخرجه النسائي). فأيّ حق لهذه الأم التي جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – الجنة تحت رِجْليها، فلن يستطيع أحدٌ دخول الجنة إلا عن طريق برِّه بأُمِّه، كما جعل – صلى الله عليه وسلم – برّ الوالد سبيلاً إلى وسط أبواب الجنة، كما جاء في الحديث: (‏الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوْ احْفَظْهُ) (أخرجه الترمذي). فضل بِرّ الوالدين إن برَّ الوالدين‏? ?والإحسان ?إليهما ?من ?أعظم ?الأعمال ?وأحبها ?إلى ?الله ?سبحانه ?وتعالى، ?كما ?رُوي ?عن ?عبد ?الله ?بن ?مسعود – ?رضي ?الله ?عنه- ?قال?: (?سألتُ ?النَّبيَّ ?- صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ -: ?أَيُّ ?الْعَمَلِ ?أَحَبُّ ?إِلَى ?اللَّهِ؟ ?قَالَ: ?الصَّلاةُ ?عَلَى ?وَقْتِهَا، ?قَالَ: ?ثُمَّ ?أَيٌّ؟ ?قَالَ: ?ثُمَّ ?برُّ ?الْوَالِدَيْنِ، ?قَالَ: ?ثُمَّ ?أَيٌّ؟ ?قَالَ: الْجِهَادُ ?فِي ?سَبيلِ ?اللَّهِ) (?أخرجه البخاري)?. كما أن برَّ الوالدين  ?سبب ?لمرضاة الله ?سبحانه ?وتعالى، ?فعنْ ?عبدِ ?اللَّهِ ?بنِ ?عمرو ?- ?رَضِيَ ?اللَّهُ ?عَنْهُما - ?عن ?النبيِّ ?- ?صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ- ?قالَ: (?رِضَى? الرَّبِّ فِي رِضَى الْوَالِدِ، ?وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي ?سَخَطِ ?الْوَالِدِ) (أخرجه الترمذي) ?. كما أنَّ من فضل برِّ الوالدين طول العمر وزيادة الرزق والبركة فيهما، كما جاء في الحديث عَنْ أَنَسِ‏? ?بْنِ? ?مَالِكٍ? ?-? ?رضي? ?الله? ?عنه-? ?، ?قَالَ?: (?قَالَ ?رَسُولُ ?اللَّهِ ?- صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ -:? ?مَنْ ?سَرَّهُ ?أَنْ ?يُمَدَّ ?لَهُ ?فِي ?عُمْرِهِ، ?وَيُزَادَ ?لَهُ ?فِي ?رِزْقِهِ، ?فَلْيَبَرَّ ?وَالِدَيْهِ، ?وَلْيَصِلْ ?رَحِمَهُ. (أخرجه أحمد). عقوق الوالدين لقد حذَّر رسولنا – صلى الله عليه وسلم – من عقوق الوالدين وجعله من أكبر الكبائر، وقرنه بالشِّرك بالله سبحانه وتعالى، فَعَنْ عَبْدِ ?الرَّحْمَنِ ?بْنِ ?أَبِي ?بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ ?اللَّهُ ?عَنْهُ- ?قَالَ: (قَالَ ?رَسُولُ ?اللَّهِ ?- صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ -: «?أَلا ?أُنَبِّئُكُمْ ?بأَكْبَرِ ?الْكَبَائِرِ؟» ?قُلْنَا: ?بَلَى ?يَا ?رَسُولَ ?اللَّهِ، ?قال ?ثلاثاً: ?قَالَ: «?الإِشْرَاكُ ?باللَّهِ، ?وَعُقُوقُ ?الْوَالِدَيْنِ»...) ?الحديث (?أخرجه البخاري)?. ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى يُعَجِّل العقوبة في الدنيا لمن عقَّ والديه، وهذا بخلاف عقوبة الآخرة، كما جاء في الحديث: (كُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللَّهُ مِنْهَا مَا شَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلا عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ،  فَإِنَّ ?اللَّهَ ?يُعَجِّلُهُ ?لِصَاحِبِهِ ?فِي ?الْحَيَاةِ ?قَبْلَ ?الْمَمَاتِ) (?أخرجه الحاكم)، ?وقد ?نهى ?الله ?سبحانه ?وتعالى ?عن ?عقوق ?الوالدين ?ولوْ ?بأقلّ ?الألفاظ?، ?فقال ?سبحانه ?وتعالى: {?فَلاَ ?تَقُل ?لَّهُمَآ ?أُفٍّ ?وَلاَ ?تَنْهَرْهُمَا ?وَقُل ?لَّهُمَا ?قَوْلاً ?كَرِيمًا* ?وَاخْفِضْ ?لَهُمَا ?جَنَاحَ ?الذُّلِّ ?مِنَ ?الرَّحْمَةِ ?وَقُل ?رَّبِّ ?ارْحَمْهُمَا ?كَمَا ?رَبَّيَانِي ?صَغِيراً} (سورة الإسراء الآية (23-24)?، ?يقول ?العلماء: ?لو ?وُجِدَتْ ?كلمة ?أقلَّ ?من ?كلمة {?أُفٍّ} ?لنهى ?عنها ?ربنا ?سبحانه ?وتعالى ?وحذَّرنا ?منها. إن ?حقوق ?الوالدين ?أمانة ?في ?أعناق ?الأبناء ?واجبة ?الأداء، ?ولا ?يمكن ?للأبناء ?أن ?يفوا ?والديهم ?حقهم ?مهما ?فعلوا ?وبذلوا ?ومهما ?ضحوا ?وقدموا، ?فكيف ?بأولئك ?العاقين ?الشاردين ?عن ?طريق ?الحق?، ?البعيدين ?عن ?الجادة?، ?الويل ?لهؤلاء، ?لقد ?ضلوا ?ضلالاً ?مبيناً، ?وخسروا ?الدنيا ?والآخرة، ?وذلك ?هو ?الخسران ?المبين، ?فرضى ?الله ?من ?رضى ?الوالدين، ?وسخطه ?من ?سخطهما?. فما أحوج المجتمعات البشرية إلى الوقوف على مبادئ الإسلام القوية التي تشدّ من عزم الأسرة المسلمة أفراداً وجماعات، أبناء وبنات، فإنها عندما تتمسك بتلك المبادئ الإسلامية ستفوز برضوان من الله، وذلك هو الفوز العظيم. أيها القارئ الكريم: فلنكن بَارِّين بوالدينا، لأن برَّ الوالدين ليس من الدين فقط ولكنه من الإنسانية أيضاً، ومن الوفاء والصلة الحسنة أن تُطيعهما وتُحسن إليهما كما رَبَّيَاك وَأَحْسَنَا إليك حتى كبرت، ولن توفيهما حقهما مهما عملت، لذلك يجب علينا أن نُرَدِّد دائماً قول الله تعالى: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (سورة الأحقاف (15).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©