الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حق العودة··· حق مصون

24 ديسمبر 2007 22:49
منذ ستين عاما تقريبا، كان أجدادي يعيشون في قرية ''بيت داراس الجميلة'' التي تقع على بعد كيلومترات قليلة من قطاع غزة، حيث كانوا يمتلكون مئات الدونمات ويعملون في الزراعة· وفي الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام ،1948 فقد الكثيرون من أهل قريتي حياتهم دفاعا عن تلك القرية ضد هجمات العصابات الصهيونية، ولم يكن أمامهم في نهاية المطاف وبعد أن احترقت منازلهم ومحاصيلهم، سوى الفرار طلبا للنجاة ليستقر بهم الحال في آخر الأمر في مخيم خان يونس للاجئين في قطاع غزة· وفي المخيم، عشنا حياة الفقر والفاقة والمهانة والمرض، وأصبحنا لاجئين بمعنى الكلمة نقف في الطوابير للحصول على الخيام والطعام والعون، في الوقت الذي كانت إسرائيل تنشئ دولتها على أطلال أملاك عائلتي، وأطلال مئات القرى الفلسطينية الأخرى· ربما يكون بعض الناس قد ملوا سماع تلك القصص عن الماضي، بيد أن النسيان وإزالة الخط الفاصل بين الماضي والحاضر ليس بالأمر اليسير، وكما أنها تساعدني على نقل الإحساس العميق بالخوف الذي يعاني منه اللاجئون الفلسطينيون في الوقت الراهن لمجرد تفكيرهم في احتمال أنه قد يطلب منهم في نطاق تلك العملية أن يكافئوا إسرائيل على أفعالها، وأن يتخلوا عن حقهم في العودة لديارهم التي طردوا منها· إن مثل هذا الشيء - الحرمان من حق العودة- أمر لا يمكن السماح بحدوثه، لأن جميع اللاجئين بلا استثناء من حقهم العودة لديارهم، لأن هذا الحق معترف به منذ مدة طويلة في القوانين الدولية وغير قابل للمساومة· واللاجئون الفلسطينيون الذين يبلغ عددهم اليوم قرابة الأربعة ملايين لاجئ مسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة، لهم الحق في العودة، مثلهم في ذلك تماما مثل اللاجئين الكوسوفوين أو الراونديين· ندرك تماما أن معظم القرى الفلسطينية التي كانت موجودة يوما داخل ما يعرف الآن بإسرائيل، لم تعد قائمة، وأن عددا صغيرا من الفلسطينيين هو الذي سيختار العودة إذا ما اعترف المجتمع الدولي بحقهم، ولكن على الرغم من ذلك، فإن هذا الخيار يجب أن يظل مفتوحا، ولا يحول شيء دون تحقيقه، وأي بديل أقل من ذلك سيكون غير مقبول للفلسطينيين، الذين يعتبر ثلثاهم على الأقل في عداد اللاجئين؛ أما بالنسبة للذين سيختارون عدم العودة منهم، فإنه يجب في هذه الحالة أن يتم تعويضهم بشكل عادل ومنصف عما خسروه· وكل ما أخشاه أن تؤدي الضغوط المالية والسياسية الهائلة التي ستتم ممارستها على قيادتنا الهشة والممزقة، إلى دفعها إلى التنازل عن حق العودة· ففي عام ،2000 تم حصار ياسر عرفات دوليا بسبب رفضه لما أطلق عليه زورا ''العرض السخي'' الذي قدمه له رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت ''إيهود باراك''، على الرغم من أن هذا العرض ''السخي'' لم يتضمن أي مادة من أي نوع عن حق الفلسطينيين في العودة· في ذلك الوقت استقبل الفلسطينيون عرفات استقبال الأبطال بسبب رفضه المبدئي إضفاء شرعية على عملية التطهير العرقي التي قامت بها إسرائيل ضد الفلسطينيين من خلال قبوله بذلك العرض· وبعد مرور سبع سنوات على هذا التاريخ، قد نواجه الآن بعرض سخي آخر يهدف إلى إضفاء الشرعية على عملية نزع ممتلكات الفلسطينيين وحرمانهم منها، غير أن المؤسف للغاية بشأن هذا الأمر أنه لو حدث بالفعل، فإن أحدا قد لا يتصدى له، لأن المجتمع الدولي لم تعد لديه القدرة الكافية على مواجهة إسرائيل بسبب ما يرون أنها حكايات قديمة انقضت ومضى عهدها· إنه لأمر غير عادل في جوهره أن يوافق العالم بعد كل تلك السنوات على القرار الإسرائيلي بنزع ملكية أسرتي وشعبي، وكما أن القرار الخاص بذلك يجب ألا يأتي في صورة إملاءات من الطرف القوي للطرف الضعيف، وإنما من خلال المساواة بين الشعبين اللذين عانيا طويلا طوال العقود الماضية· غادة عقيل أستاذة سياسات الشرق الأوسط في جامعة أكستر في بريطانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©