الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الفاسق ضعيف الوازع الديني.. والتثبت من أخباره واجب

16 مارس 2017 23:07
أحمد محمد (القاهرة) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية، فلما سمع القوم به تلقوه تعظيما لله تعالى ولرسوله، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله فهابهم، فرجع من الطريق إلى رسول الله، وقال إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي، فغضب الرسول وهمّ أن يغزوهم، فبلغ القوم رجوعه، فأتوا رسول الله وقالوا سمعنا برسولك، فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من حق الله تعالى، فبدا له في الرجوع، فخشينا أن يكون إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك بغضب غضبته علينا، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله، فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، «سورة الحجرات: 6». الكبائر قال الطاهر بن عاشور في «التحرير والتنوير»، الفاسق هو المتصف بالفسوق، وهو فعل ما يحرمه الشرع من الكبائر، وفسر هنا بالكاذب، والخطاب يا أيها الذين آمنوا، مراد به النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه، والتبيين قوة الإبانة، أي تبينوا ما جاء به، والأمر بالتبيين أصل عظيم في وجوب التثبت في القضاء وأن لا يتتبع الحاكم القيل والقال ولا ينصاع إلى ما يجول في الخواطر من الظنون والأوهام، فتبينوا الحق، من غير جهة ذلك الفاسق، فخبر الفاسق يكون داعياً إلى التتبع والتثبت. الاستخفاف وإنما كان الفاسق معرضا خبره للريبة والاختلاق، لأنه ضعيف الوازع الديني في نفسه، وهذا يجرئه على الاستخفاف بالمحظور، وبما يخبر به في شهادة أو خبر يترتب عليهما إضرار بالغير أو بالصالح العام ويقوي جرأته على ذلك دوما إذا لم يتب ويندم على ما صدر منه ويقلع عن مثله. وتنكير كلمتي «فاسق»، و«نبأ»، في سياق الشرط يفيد العموم في الفساق بأي فسق اتصفوا، وفي الأنباء كيف كانت، كأنه قيل أي فاسق جاءكم بأي نبأ فتوقفوا فيه وتطلبوا بيان الأمر وانكشافه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «التثبت من الله والعجلة من الشيطان»، وهذا التحذير من جراء قبول خبر الكاذب يدل على تحذير من يخطر له اختلاق خبر مما يترتب على خبره الكاذب من إصابة الناس، والجهالة ضد العلم، وتطلق بمعنى ضد الحلم. تثبت وقال الشنقيطي في «أضواء البيان»، دلت هذه الآية على أن الفاسق إن جاء بنبأ ممكن معرفة حقيقته، وهل ما قاله فيه حق أو كذب، فإنه يجب فيه التثبت، وأما شهادة الفاسق فهي مردودة، وقوله أن تصيبوا قوما، أي لئلا تصيبوا أو كراهة أن تصيبوا قوما بجهالة، لظنكم النبأ الذي جاء به الفاسق حقاً، فتصبحوا على ما فعلتم من إصابتكم للقوم نادمين، لظهور كذب الفاسق فيما أنبأ به عنهم. وقال ابن عطية الأندلسي، الفسق هو الخروج عن نهج الحق، وهو مراتب متباينة، كلها مظنة للكذب وموضع تثبت وتبين، ويقتضي أن غير الفاسق إذا جاء بنبأ أن يعمل بحسبه، وقوله «فتبينوا» أبلغ من تثبتوا، لأنه قد يتثبت من لا يتبين، وليفكر الكاذب في أن الله يفضحه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©