السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التايلانديون··· ومستقبل بلادهم السياسي

التايلانديون··· ومستقبل بلادهم السياسي
24 ديسمبر 2007 01:14
حسب الوعد الذي قطعوه على أنفسهم، أجرى الجنرالات التايلانديون الذين استولوا على زمام السلطة في البلاد منذ 15 شهرا، انتخابــات أمس الأحد لتسليم تايلانــد إلى حكومــة مدنية· ولكــن بدلا من أن يترك هؤلاء الجنرالات للأمة ديمقراطية مستقرة، فإنهم يتركون بلدا منقسما، يشعر بالخوف بسبــب عودتــه مرة أخرى إلى منــاخ المواجهات السياسيــة الــذي كــان سببــا فــي حـدوث الانقــلاب العسكري· يقول المحللون إن البلاد سوف تشهد حتما فترة من التوتر المتواصل لأن أي طرف من الأطراف المتنافسة لن يقر بالهزيمة في الصراع الأكثر جوهرية وعمقا الذي سيدور خلال تلك الفترة حول الشكل الذي سيتخذه مستقبل البلاد، يتمحور هذا الصراع حول رجل غير موجود حاليا في البلاد ومحظور ظهور صورته في الملصقات الانتخابية وهو رئيس الوزراء السابق ''تاكسين شيناواترا'' البالغ من العمر 58 سنة والذي أطيح به بواسطة الجنرالات في سبتمبر·2006 تشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب الذي يعد الآن بإعادته من المنفى في بريطانيا، قد يكسب معظم الأصوات -ولكن ربما قد لا يكسب الأغلبية التي تؤهله لتشكيل حكومة منفردا- وذلك على الرغم من الجهود الحثيثة التي قام بها مجلس قيادة الثورة الحاكم لتشويه سمعة الرجل، وإضعاف حلفائه وإعاقة حملة الحزب الذي سيدعمه· ويتوقع على نطاق واسع أن يعمد الجنرالات الذين أطاحوا به إلى استغلال عضلاتهم السياسية للحيلولة بين أنصاره وبين العودة إلى السلطة· ''لقد جعلوا منه شهيدا'' هذا ما يقوله ''كريس بيكر'' -المؤرخ البريطاني المتخصص في تاريخ تايلاند وكاتب سيرة السيد ''تاكسين''- مشيرا إلى أعضــاء المجلس العسكــري الحاكم· ويرى ''بيكر'' أن هذا المجلس بتحويله ''تاكسين'' إلى شهيد هو وحزبــه قــد ساهــم في زيــادة درجة شعبيتـــه بنسبـــــة تتــراوح مــــا بيـــن 10 إلى 15 في المائة''· والقاعدة الشعبية للسيد ''تاكسين'' تؤشر على التحولات السياسية والاقتصادية العميقة وطبيعة الصراعات في تايلاند، وهي تتمثل في الفقراء، أو أبناء الطبقة الوسطى والدنيا، وهم في معظمهم من الناخبين الزراعيين الذين عمل ''تاكسين'' دوما على اجتذابهم من خلال السياسات الشعبوية مثل نظام الرعاية الصحية المنخفض التكلفة، والإعفاء من الديون، وتوزيع مخصصات صناديق الدعم في القرى· وعملت أحزاب أخرى على تقديم وعود مماثلة لحزب ''تاكسين'' لدرجة أصبحت معها الحملة تعج بوعود المساعــدة في كــل شيء تقريبــا، بدءا من التعليم وحتى الري، بل إن أحد الأحزاب قد ذهــب إلى حد تقديم حزمــة من الوعــود أسماهــا ''خطة عمليــات عاجلة قابلة للتنفيــذ خلال 99 يومــا''· إن الانقـــلاب العسكري الذي وقـــع في البلاد -كما يقول محللون كثيرون- كان إلى حد كبير رد فعل على هذا التحدي خصوصا عندما اختار السيد ''تاكسين'' الخروج من المؤسسة الحكومية التايلاندية، وقام بتعزيز سلطته بحيث يصبح'' مديرا تنفيذا لتايلاند'' وهو اللقب الذي يقول إنه يحب أن يطلقه الآخرون عليه· ''لقد تم إيقاظ الفلاحين الذين يشكلون أغلبية السكان من سباتهم، ولن يذهبوا إلى النوم ثانيــة'' هذا ما قاله ''تيتينان بونجسودهيراك'' مدير معهد الأمن والدراسات الدولية في جامعة ''شولالونجكورن'' في بانكوك الذي يضيف إلى ما سبق قوله: ''إن تايلاند تتغير، وتمر بمرحلة من التحول، وقوى التغيير في الوقت الراهن تقف إلى جانب تاكسين''، ويؤكد'' بونجسودهيراك'' أن الفترة التي تلت الانقلاب قد أظهرت أن المؤسسة الرسمية لم تتمكن من تكييف نفسهــا وفقــا للظروف المتغيرة، والأزمنة الجديدة، والمطالب الجديدة، والتوقعــات الجديــدة''· وينظر إلى حكم المجلس العسكري على نطاق واسع على أنه حكم باهت حيث ساهم في تردي الاقتصاد كما أن الحكومة المدنية التي عينها واجهت العديد من المتاعب بسبب الفساد والعثرات السياسية؛ وكان الجنرالات قد حاولوا تبرير انقلابهم من خلال رفع قضايا فساد ضد السيد ''تاكسين'' وعائلته، ولكنهم لم يحققوا تقدما كبيرا في المحاكم، وبدلا من أن يحاول المجلس العسكري الحاكم علاج الانقسامات في البلد، انشغل تماما بحماية نفسه من أي تمرد يشنه ضده أنصار السيد ''تاكسين'' وأعضاء حزبه المحظور ''تاي راك تاي''· لقد عقدت الانتخابات في هذا الجو الانقسامي المتوتر، حيث لا تزال الأحكام العرفية سارية في 31 مقاطعة من مقاطعات البلاد البالغ عددها 76 مقاطعة، ومعظم هذه المقاطعات -التي تطبق فيها الأحكام العرفية- تقع في المعاقل الانتخابية المؤيدة للسيد ''تاكسين'' والتي تتركز في شمــال البــلاد وشمالهــا الشرقي· ويتوقع أن يلي الانتخابات فترة من المساومات الصعبة بغرض تشكيل حكومــة ائتلافيــة يترأسهــا إمــا حزب موال لحزب تاكسين يطلق عليه الآن ''حزب القوى الشعبية'' أو ''حزب الديمقراطيين''، وهو حزب معارضة سابق كــان يحاول جاهــدا الاستفادة من النكسات التي تعرض لــها تاكسين في توسيع قاعدتــه الشعبية· هناك سياسيان مختلفان تعتبر فرص فوزهما بمنصب رئيس الوزراء هي الأعلى وهما'' ابهيسيت فيجاجيفا''، 43 عاما ويقود ''حزب الديمقراطيين''، و''ساماك سندارافيج'' 72 سنة، وهو يؤكد أن حزبه ''حزب القوى الشعبية'' سوف يمحو اسم السيد ''تاكسين'' من الخريطة فيما لو تم انتخابه؛ وهناك سياسي ثالث ينتمي الى المدرسة القديمة هو ''بانهارن سيلبا أرشا'' ،75 يقدم نفسه باعتباره مرشحا توافقيا محتملا وهو سياسي مشهور بقدرته على عقد الصفقات، وسبق له شغل منصب رئيس الوزراء في البلاد لمدة 16 شهرا عامي 1995- ·1996 ويقول المحللون إن المجلس العسكري الحاكم أو وكلاءه قد يلجؤون في سبيل منع أنصار ''تاكسين'' من الاستيلاء على الحكومة، إلى محاولات لحرمان بعض المرشحين من المشاركة بتهمة انتهاكهم للقوانين السائدة، أو قد يلجؤون بدلا من ذلك إلى الضغط على الأحزاب الأصغر حجما لمنعها من الانضمام إلى حزب الديمقراطيين وتكوين حكومة ائتلافية· ومهما كان الشكل الذي تتخذه الحكومة الجديدة، فإن هذه الحكومة بحسب المحللين سوف تسودها النزاعات، وستواجه صعوبات في الحكم، علاوة على أن فترة بقائها في السلطة ستكون قصيرة وهو ما يعني أن صراع السلطة في البلاد سوف يتواصل· ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
المصدر: بانكوك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©