السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السرطان يقتل 50 جزائرياً يومياً والأطباء يدقون ناقوس الخطر

السرطان يقتل 50 جزائرياً يومياً والأطباء يدقون ناقوس الخطر
22 مارس 2010 21:18
كشف المعهد الجزائري للصحة العمومية منذ أيام أرقاماً مهولة تتعلق بمرض السرطان في الجزائر، حيث ارتفعت وتيرة الإصابة به من 30 ألف حالة سنوياً في التسعينيات إلى 35 ألف حالة سنوياً في الألفية الجديدة، بل إنه بلغ قرابة 40 ألف حالة في عام 2009، منها 20800 خاصة بالنساء مقابل 18600 للرجال. وأضاف المعهد أن الإصابات بالسرطان انتقلت من 80 حالة لكل مائة ألف جزائري في التسعينيات، إلى 120 حالة لكل 120 ألف مواطن في الألفية الجديدة، مع تسجيل هذه الزيادة لدى النساء، حيث باتت سرطانات الثدي والمبيض وعنق الرحم الأكثر فتكاً بالنساء، مقابل سرطانات الرئة والقولون والبروتستات والجهاز الهضمي لدى الرجال. وأكد المعهد أن 130 ألف جزائري يُعالجون حالياً من مختلف أنواع السرطان بعد أن أصيبوا به في السنوات الأخيرة. من جهتها، كشفت جمعية “الأمل” لمكافحة السرطان أن هذا المرض الفتاك بات يقتل 50 جزائرياً يومياً، ما يعني هلاك أزيد من نصف المصابين سنوياً، ومنهم 10 سيدات يفتك بهن سرطانُ الثدي (قرابة 3700 حالة سنوياً)، وبررت رئيسة الجمعية، حميدة كتَّاب، ذلك بنقص الفحص الدوري والمبكِّر لدى السيدات. تغيُّر نمط الحياة وتأتي هذه الأرقام المهولة التي تؤكد أن السرطان أصبح من أبرز أسباب الموت في الجزائر، لتطرح العديد من الأسئلة حول عوامل تفاقمه، وهل للأمر علاقة فقط بزيادة عدد السكان الذين يبلغون حالياً اكثر من 35 مليون جزائري، أم أن هناك أسباباً أخرى؟ يُرجع البروفيسور بن ديب، رئيس مصلحة العلاج بالأشعة بمركز علاج السرطان بالجزائر العاصمة، السبب الرئيس إلى “تغير النمط الغذائي للجزائريين” وأوضح بن ديب لـ”دنيا الاتحاد” أن المواطنين عزفوا عن الأكلات التقليدية الصحية التي كانوا معروفين بها وأصبحوا يُفرطون في تناول المعلبات والمصبَّرات والعصائر الاصطناعية وغيرها من المواد المعلبة التي تشكل المواد الكيماوية الحافظة لها من التلف، أحد أبرز أسباب إصابة المستهلكين بالسرطان. ويعتقد باحثون آخرون بالجزائر أن تفاقم التلوث وكذا التدخين والقلق والعصبية وضغوط الحياة... تشكل عوامل أخرى لإثارة ما يُسمى “الخلايا المتمردة” في جسم الإنسان وبالتالي الإصابة بأنواع مختلفة من المرض الفتاك. التجارب النووية أما في الجنوب أو الصحراء الجزائرية، فإن السبب الرئيس للإصابة بالسرطان هو الإشعاعات الذرية الناجمة عن التجارب النووية الفرنسية بالجزائر، ومعروف أن فرنسا أجرت 17 تجربة نووية، حيث فجَّرت 4 قنابل ذرية فوق سطح الأرض و13 في جوفها، وذلك بالصحراء بين عام 1961 وعام 1966، وقد خلفت تلك التجارب آلاف الضحايا الذين فتك بهم السرطان منذ إجراء التجارب إلى يومنا هذا، حيث لا يزال السكان المقيمون بالمنطقة والولايات المجاورة لها يتعرضون لجرعات عالية من الإشعاعات النووية بسبب إحجام فرنسا عن القيام بأي أعمال تنظيف لمنطقة التجارب برغم الضغوط المستمرة للحكومة الجزائرية، فضلاً عن ترك نفاياتها النووية فوق سطح الأرض بعد نقل معداتها إلى “بولينزيا” سنة 1966، وهو ما يعرِّض صحة آلاف السكان وبخاصة “الطوارق” إلى الخطر لأنهم يسكنون غير بعيد عن مناطق التجارب، لاسيما وأن عمر الإشعاعات يصل إلى ملايين السنين. وبهذا الصدد أكد الباحث العراقي عبد الكاظم عبودي، أستاذ الفيزياء بجامعة وهران، غرب الجزائر، في لقاءٍ سابق مع”الاتحاد” أن عدد الإصابات بالسرطان في جنوب الجزائر يفوق عدد الإصابات في شمالها بـ20 مرة، وهذا بسبب الإشعاعات النووية الفرنسية التي لا تزال “تسبح” في سماء المنطقة بكل حرية، وطالب عبودي فرنسا بتنظيف المنطقة وبناء مستشفى لمعالجة الضحايا وكذا التعويض لهم. مستشفيات قليلة ولعل ما يضاعف معاناة مرضى السرطان بالجزائر، فضلاً عن خطورة المرض والإرهاق والضعف البدني الذي يسببه العلاج الكيميائي المكثف، هو قلة المستشفيات والمراكز المختصة في علاج هذا المرض الفتاك، حيث لا تتوفر في الجزائر سوى على أربعة منها، ما يشكِّل ضغطاً رهيباً عليها، وقد لاحظنا بهذا الصدد ونحن نقوم بزيارة لـ”المركز الوطني لمكافحة السرطان، ماري كوري” بقلب الجزائر العاصمة، طوابير كبيرة للراغبين بالفحص والذين ينتظرون العلاج في مختلف المصالح، وقد عبَّر الأطباء ورؤساء الأقسام عن قلقهم من هذه الوضعية، يقول البروفيسور بن ديب: “كما ترون، الضغوط كبيرة، وهياكل الاستقبال قليلة، مما يرغمنا على العمل أكثر من 8 ساعات للكشف ولعلاج أكبر عدد ممكن من المرضى، وفي مصلحتنا الخاصة بالعلاج بالأشعة، قررتُ شخصياً ألا نتجاوز 12 ساعة عمل، بعد أن تعطلت العديد من الآلات لأنها تعمل أكثر من طاقتها”. وطالب بن ديب بفتح مراكز علاج ومستشفيات أخرى لتخفيف الضغط عن هذا المركز الوطني الذي يؤمّه المرضى من مختلف أنحاء الجزائر لاسيما وان المراكز الجهوية الثلاثة الأخرى تفتقر إلى المعدَّات والوسائل العصرية للعلاج. وقد رفع الأطباء وجمعيات مرضى السرطان منذ سنوات عديدة هذا المطلب وألحوا عليه، وتوِّجت نداءاتُهم بإعلان وزارة الصحة الجزائرية افتتاح 10 مراكز علاج للسرطان قبل نهاية السنة الجارية في مدنٍ عديدة، وهذا في إطار مخطط وطني لمكافحة المرض يقضي ببناء مستشفى واحد في كل ولاية من الولايات الجزائرية الـ48 في آفاق عام 2014، وهو ما سيجعل المرضى يتنفسون الصعداء ويكفيهم شر التنقل مئات، وحتى آلاف الكيلومترات إلى العاصمة الجزائر للعلاج كل مرة، وهو الأمر الذي ضاعف من حجم معاناتهم وأرهق ميزانيات العائلات محدودة الدخل وكان أحد أسباب ارتفاع حالات الوفيات لدى المصابين بهذا المرض الفتاك.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©