الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

امرأة بعشرة رجال.. مدح أم ذم؟

امرأة بعشرة رجال.. مدح أم ذم؟
22 مارس 2010 21:16
عندما كانت خلود أحمد طالبة في الثانوية العامة في طريق عودتها إلي المنزل، تعرضت لمضايقات من الشبان في الشارع، فلم تتأثر هذه الشابة بذلك أو تبدي خوفها أو ارتباكها، بل واصلت طريقها بثبات دون خوف، وبعد بعض الوقت مل الشبان من صلابة هذه الفتاة، إذ لم ينجحوا في لفت انتباهها، فابتعدوا عنها عائدين، وحين دخلت إلي البيت شرحت لوالدها ما تعرضت له، فما كان منه إلا أن قال لابنته وهو مبتسماً: أشعر أنني أنجبت فتاة عن عشرة رجال. ليست خلود فقط التي لقبت بذلك، بل وصل ذلك إلى هيفاء أيضاً وهي سيدة أعمال ناجحة اليوم، فقد التصق بها هذا الوصف منذ شبابها، حيث كانت تتحمل مسؤوليات البيت أثناء سفر والدها باعتبارها البنت الكبرى، فنشأت حازمة لاتعرف اللون الرمادي، ولاتتراجع في كلمتها، لذلك كانت صديقاتها يصفنها»بالرجولة»، ولاحقاً كان بوسع زوجها أن يتباهى بها قائلاً: زوجتي بعشرة رجال. لا يقتصر الأمر على خلود وهيفاء وحدهما، إذ من الشائع أن نسمع تعبيرات كثيرة عن المرأة التي تكافىء عدداً لا يستهان به من الرجال. وهناك بين النساء من يبدين شعورهن بالفخر والاعتزاز على بنات جنسهن، وعلى الرجال أيضاً، عندما يتلقين وصفاً بأنَّهن «رجال». وهناك في الجانب الآخر نساء ورجال يرفضون بشدة هذا الوصف، ولايرون فيه احتراماً أو امتداحاً، بقدر ما يحسبونه انتقاصاً من قدر المرأة ومن أنوثتها، وهي أفضل ما لديها، لهذا لم يكن غريباً أن ترفض خلود هذا الوصف، لأنه يعني الخشونة في بعض جوانبه، ولن يكون بوسعها سوى أن تدافع عن أنوثتها، وإن اقتضى ذلك شيئاً من الضراوة الناعمة. أنت رجل يلفت محمد صالح إلى أن وصف المرأة بالرجولة فيه تقليل من شأنها، حيث لايرى في ذلك أي احترام أو مديح لها، بل «هو انتقاص من قدرها، فعندما أقول لامرأة أنت رجل، لا أعني أبدًا إنها امرأة جيدة، لأنَّها إذا فقدت أنوثتها وضعفها فقدت ذاتها ولن تنال احترام الجميع. يضيف محمد ويتحدث بهدوء، ويقول:»ليس عليها أن تحارب لتفوز بالمساواة متجاهلة دورها الأساسي كربة بيت وأم، وبالنسبة للذين يدفعونها إلى المطالبة بأن تتصرف كرجل، انما يدفعونها إلى إلغاء دورها الأساسي، فتفقد شخصيتها وتكون خليطاً من الرجل والمرأة». الشعور بالدونية ترى بعض النساء أن وصف المرأة بالرجولة فيه انتقاص كبير من شخصيتها وكيانها، تقول شادية عبدالرزاق(ربة بيت): «أغضب جداً إذا وصفني أحد بأنني رجل، فأنا متمسكة ومعتزة بكوني أنثى، والمرأة ليست كائناً ناقصاً حتى تمتدح بأنها رجل، إذ لا فرق بين إمرأة ورجل في العقل ولا الشخصية، أما إطلاق لفظ رجل على امرأة فهو رواسب لمراحل سابقة، والرجل حين يغفل عن أن يقول للمرأة المسؤولة والشجاعة والناضجة، ويختصر هذه الصفات في كلمة «رجل» ليخلعها على امرأة، إنما ينقل إليها معنى أنه أحسن منها. كما يتأسف عادل عبدالله لهذا الوصف، ويقول: «للأسف المرأة تساعد وتدعم هذا الوضع، فنجد من النساء من تقول عن نفسها: «أنا امرأة ولا عشرة رجال». مما يعكس إحساسها بالدونية، لذلك لابد أن تتمسك بأوصافها وأنوثتها، لأنها لا تستطيع أن تحمل من خلالها العديد من الصفات الحسنة، من دون التمسح برداء الرجولة الوهمي. أرفض الرجولة من جانبها ترفض لبنى خميس أن يصفها أحد بالرجولة، تقول عن ذلك:»لا أحب أن أوصف بأنني رجل ولو علي سبيل المدح والثناء، فأنا أحب أن أوصف بأنني امرأة بمعني الكلمة أو انني امرأة خلوقة وبنت أصول ، أو أي صفة شرط أن تسبقها صفتي الأساسية كامرأة.إذ كيف تقترن كل الصفات الجيدة بالرجولة؟ تتابع لبني وترد بكل صراحة ودون مبالغة، وتقول:»ما المانع من أن تكون هناك امرأة متفوقة وخدومة تقدر المسؤولية من دون أن تتخلى عن أنوثتها؟ هل يجب أن يصبح صوتي خشناً، إن كانت المرأة جادة ومسؤولة، إنني أرفض وصف المجتمع للمرأة الجادة بأنها رجل، وكأن كلمة «رجل»رتبة، أو تكريم تناله المرأة بعد طول عناء، وتجتهد لتثبت للجميع أنها رجل. وفاة الزوج بوفاة الزوج، فقدت هالة شعبان من يعيلها على تربية أطفالها، ففقدت معه الركن الرئيسي لبيتها، تقول بكل هدوء: «لم أجد أمامي سوى أن أغير من طبيعتي الأنثوية، لعل ذلك يجعلني عن عشرة رجال ولأضع لنفسي مكانا في المجتمع». تبدأ حديثها هالة، وهي مترددة وتقول عن ذلك: «لم أتردد لحظة واحدة في قبول وظيفة «خادمة»في المدرسة التي تتطلب جهدا وصبرا كبيرين، خاصة أنني أعيل أسرة تنتظر كل مساء كسرة خبز ولقمة عيش ليستمروا في هذه الحياة. وبأمل تنتظره هالة تقول: «كثيرات هن الأرامل اللواتي يلجأن إلى أعمال رجالية لسد رمق أبنائهن بغية تربيتهم تربية حسنة، تماما كما لو أنَّ أباهم كان موجودا». ضعف الزوج لكن في المقابل، ومن جانب آخر حين يتخلى الزوج عن وظيفته كرجل، ورب البيت وقوام على الزوجة والأسرة، فإن هذه الزوجة تجد نفسها مجبرة على أن تصبح هي الرجل الحقيقي في البيت وخارجه. تقول لمياء هارون: «هناك نساء عديدات أصبحن مثل الرجال وعن عشرة رجال، ونزعن عنهن «ثوب الأنثى»، لأن أزواجهن ضعيفو الشخصية وعديمو الإرادة والقوامة، فكم من امرأة ارتبطت بزوج فاجأها بأنه لا يملك من الرجولة إلا الاسم، أو بأنه يفضل المكوث في البيت بلا شغل، مما يحتم عليها وهي مرغمة أن تلعب دور الرجل خارج البيت بالعمل المنهك، وأحيانا المجحف في حقها، وتقوم بدور الرجل أيضا داخل البيت من حيث تسيير شؤونه ومراقبة الأبناء ومتابعتهم والحرص على سلوكهم وتوجيههم». إن سعادة بعض بوصفهن بالرجولة قد يرجع، كما تقول الاخصائية النفسية فاطمة المرزوقي :»إلى ضعف القدرة على التكيف الاجتماعي وتفكك العلاقة الزوجية». تضيف المرزوقي: «أن هذه المرأة قد تتفوق لديها مشاعر السلطة الذكورية في نفسها، وقد تشعر أنها أقوى من الرجال وأكثر قدرة على العمل مثلهم، وقد تكون هناك ظروف وعوامل قد سببت لها هذه الحالة، ودفعت بها إلى أحضان السلوكيات المنافية للطبيعة الأنثوية وسماتها، ولعل أهم الأسباب تلك المتصلة بالأسرة التي تعيش تهميشاً للمرأة والنظرة الدونية التعسفية لمكانتها، فترفض الأم وضع الأنثى مع ولادتها وتتهرب من هذا الواقع، بتنشئتها تنشئة ذكورية خوفاً عليها من المكانة الوضيعة، التعنيف الواقع بها استلابها الجنسية ضمن صورة القوة لدى الذكورة، الرفض للصورة الأنثى الضعيفة اجتماعياً بتعزيز ميول الفتاة الذكورية في ألفاظها، ممارساتها، لباسها، ألعابها الصبيانية، ولعل جمودها ضمن أسرتها كفتاة وحيدة تساعد على بناء هذه الميول الذكورية لديها، وتنشئتها بصورة مماثلة لأخوتها الذكور بحكم تشابه التربية التي تتلقاها». لكن المرزوقي ترى هناك أسباب أخرى أيضا، تقول عن ذلك :»هذا التغير في طبيعة المرأة من الأنوثة الفياضة المسالمة إلى الاسترجال والاستخشان يفرضه أساساً واقع المجتمع وميولاته الذكورية الواضحة، حيث إن المرأة إذا لم تسترجل وتقف ندا للند أمام الرجل في معترك الحياة، لن تفلح وستظل ذلك الكائن الضعيف الرقيق، فاسترجالها يحميها من استصغار الرجل لها أومن نظرة المجتمع إليها».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©