الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«اقتصاد الخوف» يرسم ملامح المستقبل في إسبانيا

«اقتصاد الخوف» يرسم ملامح المستقبل في إسبانيا
16 فبراير 2012
مدريد (د ب أ) - وصل معدل البطالة في إسبانيا إلى أعلى مستوى له على مستوى الاتحاد الأوروبي، فأوجد واقعاً جديداً في المجتمع الإسباني سيكون من الصعب تغييره في المدى المنظور. ورغم أن التوقعات تشير إلى بدء تراجع معدل البطالة المرتفع في إسبانيا ابتداء من العام المقبل، فإن تداعيات هذا الارتفاع الصاروخي لأعداد العاطلين عن العمل بما في ذلك التداعيات النفسية يمكن أن تشكل المجتمع في المستقبل. ويقول محللون إن معدل البطالة المرتفع والمستمر في إسبانيا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي أوجد مناخاً عاماً من الخوف وهو ما يمكن أن يغير التوجهات نحو العمل وأسواق العمل في القارة الأوروبية. ويقول المحلل الاقتصادي فرناندو لوينجو إن الناس أصبحت تخشى من فقدان وظائفها إلى درجة تجعلها مستعدة لقبول ظروف العمل حتى لو تدهورت. وأضاف أن “الشعور بالخوف من فقدان ما لدينا” ينتشر بقوة في مختلف أنحاء أوروبا. ويبلغ معدل البطالة في إسبانيا حوالي 23% وهو أعلى معدل بين دول الاتحاد الأوروبي. ويقدر معدل البطالة بين الشباب الأقل من 25 عاماً بحوالي 50% من إجمالي هذه الفئة. وفي كل صباح يسمع الإسبان المزيد من الأنباء السيئة عن ركود الاقتصاد وخفض النفقات والعجز المتزايد في الميزانية وارتفاع سعر الفائدة على الاقتراض وغير ذلك من الأمور الاقتصادية التي تجعلهم يشعرون بأن “كل شيء حولنا مخيف للغاية”، بحسب ما كتبه خوسيه مانويل أتينسيا المعلق في صحيفة “البايس” الإسبانية اليومية. ووفقاً لدراسة أجريت عام 2010، فإن حوالي 45% من القوة العاملة في إسبانيا يخافون من البطالة. وفي حين أن بعض هؤلاء لا زالوا يعملون حتى الآن فإنهم يشعرون بالخوف من احتمالات تسريحهم من أعمالهم إلى درجة أنهم لم يحصلوا على عطلتهم السنوية. وذكرت صحيفة “فارو دي فيجو” الأسبانية أن حالات الإجهاض بين النساء الحوامل في إقليم جالاسيا شمال غرب أسبانيا زادت بنسبة 24% خلال 2009 وهو ما أرجعته منظمات نسائية ونقابات عمالية إلى خوف النساء من البطالة. في الوقت نفسه انخفض عدد العمال الأسبان الذين حصلوا على إجازات مرضية، ففي عام 2010 سدد 24 من بين كل 1000 عامل في إسبانيا حصتهم في التأمينات الاجتماعية على أساس أنهم حصلوا على إجازات مرضية. وكانت النسبة عام 2007 تبلغ 30 عاملاً من بين كل 1000 عامل بحسب إحصاءات التأمينات الاجتماعية. وفي الظروف الطبيعية فإن هذه الأرقام تشير إلى تزايد الرغبة في العمل. ولكن في ظل أجواء الخوف من المستقبل فإن هذه التصرفات تكون على حساب الإبداع والابتكار في العمل الذي تريده الشركات من العاملين لديها بحسب بيلار خريكو، مؤلف كتاب عن “الخوف وبيئة العمل”. أما بيب فونت، خبير علم نفس العمل، فيقول إن “الخوف يؤدي إلى الشلل ويزيد الأخطاء”. وفي إحدى شركات الإضاءة بالقرب من برشلونة فإن 43 عاملاً من بين 220 عاملاً تم فصلهم بحسب صحيفة “البايس”. ويقول باكو لوبيز، أحد العاملين في الشركة، إنه “من الصعب فعلاً العمل مع الشعور بأنك قد تكون التالي” الذي يتم الاستغناء عنه “فهذا يخلق جواً من القلق والخوف والغضب”. ووفقاً لأرقام شبكة مكافحة الفقر الأوروبية، فإن ارتفاع معدل البطالة في إسبانيا جعل حوالي 12 مليون إسباني يصنفون كفقراء أو عرضة لخطر الفقر. ويبلغ إجمالي عدد سكان إسبانيا 45 مليون نسمة. في المقابل بدأت بعض الشركات تستغل هذه الأجواء لكي تجبر العمال على العمل لساعات أطول بدون أي زيادة في الأجر تحت وطأة تهديدهم الدائم بنقل النشاط إلى دولة أخرى العمالة فيها أرخص، بحسب لوينجو. ويقول لوينجو إنه بعد دراسة أوضاع 8 شركات في إسبانيا اتضح أن ستة شركات منها تربط الأجر بالإنتاجية الآن. ورغم ذلك فإن الاتجاه السائد بين خبراء الاقتصاد هو أن تحرير سوق العمل سوف يعطي الشركات سيطرة أكبر على ظروف العمل وفي نفس الوقت فإنه يبدو المخرج من دائرة “اقتصاد الخوف”. في ظل هذه الأجواء، أقرت الحكومة الإسبانية الجمعة الماضية حزمة إصلاحات تهدف إلى زيادة مرونة سوق العمل في محاولة من جانبها لخفض معدل البطالة القياسي في البلاد بحسب سورايا سانيز دي سانتاماريا نائب رئيس وزراء إسبانيا. وتشمل الإصلاحات خفض مكافأة إنهاء الخدمة من 45 يوماً عن كل عام إلى 33 يوماً عن كل عام للعامل الذي يتم الاستغناء عنه. ومن المحتمل أن يشجع ذلك الشركات على التوسع في توظيف عمال جدد حيث أن الاستغناء عنهم عند الضرورة سيكون أقل تكلفة. كما تستهدف الإصلاحات تقليل اعتماد الشركات على عقود العمل قصيرة الأجل المتجددة وإيجاد نوع من عقود العمل غير محددة المدة إلى جانب تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الصغيرة والمتوسطة التي توظف شباباً أقل من 30 عاماً. وتستهدف الإصلاحات أيضا الحد من انتشار عقود العمل المؤقتة و”تصلب السوق”، بحسب وزيرة العمل فاتيما بانيز. اعتبر وزير الاقتصاد لويس دي جويندز هذه الإصلاحات “قوية للغاية”. ولكن الإصلاحات تضمنت أيضاً بعض الحقوق الجديدة للعمال مثل الحق في الحصول على تدريب لمدة 20 يوماً سنوياً على نفقة صاحب العمل. وقد صدرت هذه الإصلاحات كمرسوم قانون بحيث تدخل حيز التطبيق دون المرور على البرلمان. وكانت الحكومة الاشتراكية السابقة قد أدخلت إصلاحات على سوق العمل لكنها فشلت في كبح جماح البطالة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©