الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سباق روسي - غربي على الغاز في آسيا الوسطى

سباق روسي - غربي على الغاز في آسيا الوسطى
21 ديسمبر 2007 23:41
على طول الصحراء الى الجنوب من مدينة بخارى التاريخية في طريق الحرير القديم بدأت المنصات الخرسانية الحديثة تتخذ مواقعها فوق رؤوس آبار الغاز الطبيعي تندفع بشكل طبيعي فلا حاجة لوجود المضخات التي تعمل على رفعه الى السطح، ولكن المشكلة أصبحت تكمن فيما يبدو في الوجهة التي سيذهب إليها الغاز بعيد استخراجه، ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي بدأت الولايات المتحدة وأوروبا الغربية تبحث السبل الكفيلة بضمان تدفق الثروة الهائلة للنفط والغاز في آسيا الوسطى الى داخل أراضيها عبر خطوط للأنابيب بحيث تتجاوز الدولة الروسية، فيما اعتبر آخر نسخة من الصراع الذي امتد لمعظم القرن التاسع عشر بين بريطانيا الامبريالية وروسيا القيصرية للهيمنة على المنطقة· إلا أن الغرب أصبح هو الخاسر فيما يبدو في هذه الجولة الجديدة· وكما ورد في صحيفة انترناشيونال هيرالد تريبيون مؤخراً فقد حضر التنفيذيون في شركة لوك أويل عملاقة النفط في روسيا وبمعيتهم بعض المسؤولين الحكوميين في موسكو الى أوزبكستان مؤخراً لافتتاح حقل خوزاك الأخير من نوعه في سلسلة حقول الغاز الطبيعي المنتجة في آسيا الوسطى· وهذا الحقل الذي طورته شركة لوك أويل يحتوي على كمية تقدر بنحو 400 مليار متر مكعب، أي 14 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي الذي تمكنت لوك أويل من بيعه مقدماً لفترة الـ 32 عاماً القادمة لشركة جاز بروم الروسية الأخرى العملاقة في مجال الغاز الطبيعي· وتأتي هذه الخطوة وسط تطورات سياسية أحيت آمال الشركات الغربية بتفعيل أعمالها التجارية في آسيا الوسطى، إلا أن احتفالية التاسع والعشرين من نوفمبر قد جاءت لتذكر العالم فيما يبدو بالريادة والهيمنة الروسية على اللعبة الكبرى الجديدة· ولطالما كانت إدارة بوش بالتضامن مع العديد من الدول الأوروبية تصنف آسيا الوسطى كبديل واعد للنفط والغاز القادم من منطقة الشرق الأوسط المتقلبة وظلوا يبذلون كل ما في وسعهم لإغراء وفتح آسيا الوسطى أمام استثمارات النفط الغربية· ولكن روسيا ردت بسرعة وقفزت باستثماراتها الى داخل حقول وخطوط أنابيب آسيا الوسطى· ولما كانت روسيا المنتج الأكبر في العالم والمزود الرئيسي لأوروبا بالغاز الطبيعي فقد أخذت على عاتقها أن تعتمد وتهيمن في نفس الوقت الى إمدادات آسيا الوسطى حتى تستطيع المضي قدماً في تعهداتها· وكما يقول جوناثان ستيرن المتخصص في الغاز الطبيعي في معهد أوكفسورد لدراسات الطاقة: ''إن روسيا حريصة جداً على كسب معركتها في آسيا الوسطى، وهي لم تلجأ فقط الى كسب مودة الزعماء الأتوقراطيين في آسيا الوسطى بل ان الشركات الروسية سارعت لوضع أموالها في أقرب مكان لأفواهها''· وفي ظل وفرة الأموال التي استدرتها من الازدهار النفطي المستمر الشركات الروسية في الاستثمار بكثافة في التطوير الجديدة بالمنطقة وهي تمثل تحدياً سافراً للشركات الغربية من أمثال أكسون موبيل وشيفرون وكونوكو فيليبس الحريصة على توسعة عملياتها في آسيا الوسطى· وبعد استثمار مبلغ 3,5 مليار دولار فإن مشروع شركة لوك أويل سوف يعمل على ربط ثلاثة من حقول الغاز الطبيعي وتكثيف الغاز الى بعضها البعض بحلول عام 2011من أجل إنتاج 11 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الجاهز للتصدير في كل عام· وفي خلال فترة السنوات الثلاث منذ أن وقعت لوك أويل على اتفاقية مشاركة الإنتاج مع الحكومة الأوزبكستانية عمد السياسيون الأوزبك أيضاً لاتخاذ خطوة فاصلة لمصلحة الروس عندما قاموا بطرد كبريات شركات النفط الغربية من أوزبكستان، وهو الأمر الذي أتاح لشركة لوك أويل في عام 2006 لتعزيز حضورها في هذه الدولة بتعاون في كونسيرتيوم مع المؤسسة الوطنية للبترول الصينية وشركة بتروناس الماليزية والمؤسسة الوطنية الكورية للتنقيب في أحد المكامن تحت مياه بحر أورال والذي من المقدر أن يحتوي على تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي· أما في دولة تركمانستان المجاورة فقد نجح الرئيس بوتين في تأمين اتفاقية في مايو الماضي تهدف الى توسعة حجم الصادرات من الغاز الطبيعي عبر فرع من خط أنابيب آسيا الوسطى المركزي للغاز الطبيعي والذي يمتد على طول الساحل الشرقي لبحر قزوين قبل أن يتجه شمالاً الى روسيا في أكبر صفقة للطاقة في تلك الدولة في هذا العام· وعلى الجانب الآخر فقد تمكنت الشركات الأوروبية والأميركية من تحقيق مكاسب عظيمة في كازاخستان المجاورة استطاعت هذه الدولة لاحقاً البروز كقوة تجارية رائدة في منطقة آسيا الوسطى· وأكبر هذه المكاسب تمثل في حقل كاشقان أكبر اكتشاف نفطي من نوعه في العالم منذ اكتشاف احتياجات النفط في خليج برودهو في ألاسكا في حقبة السبعينيات· إلا أن هذه الصفقة سرعان ما انتهى بها المطاف الى نزاع بعد أن طالبت السلطات في كازاخستان بضرورة مراجعة التفاوض على الشروط مع الشركاء في الكونستيرتيوم الذي يتألف من شركة إيني الإيطالية واكسون موبيل وكونوكو فيليبس الأميركيتين وشركة رويال دوتش / شل البريطانية بالإضافة الى شركة انبيكس اليابانية· ولكن كازاخستان نفسها قد حولت اهتمامها نحو الشرق وهي تخطط لإنشاء خط للأنابيب يعبر جبال تيان شان الى ولاية اكزينجيانج الصينية المجاورة فيما اعتبر لطمة للشركات والحكومات الأوروبية والأميركية وهو الأمر الذي يتناقض بشدة مع الرؤية الغربية التي تدعم مسار غربي يمر عبر بحر قزوين الى آذربيجان وجورجيا فتركيا ثم الى الأسواق الغربية· ولكن هذه المبادرة آخذة في الاتجاه الى فشل محتوم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©