الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متابعات على طريق الصين

متابعات على طريق الصين
16 فبراير 2011 19:17
ينشغل كتاب “رحالة عرب ومسلمون ـ ابن بطوطة، الفضاء الآسيوي، الشرق أفقا” بالرحلات التي قام بها الرحالة العرب والمسلمين، وفي مقدمتهم شيخ الرحالة العرب ابن بطوطة إلى الفضاء الآسيوي بهدف اكتشاف هذا العالم والتعرف إلى ثقافاته وعمرانه وذلك عبر ثلاثة فصول، يتناول الفصل الأول منها علاقة الرحالة العرب بالفضاء الآسيوي، ويبحث القسم الثاني في رحلة ابن بطوطه شيخ الرحالين الشرقيين، في حين يهتم القسم الثالث بالرحلات المشرقية إلى اليابان والهند، ورحلات الموظفين العثمانيين إلى الخليج والجزيرة العربية. ولعل أهمية هذا الكتاب تكمن في أن الدراسات التي تتناول تلك الرحلات تقدم مقاربات جديدة، متعددة الرؤى والقراءات والمناهج في الأبحاث التي قدمها مجموعة من الباحثين العرب ومترجمي رحلة ابن بطوطة من تركيا والصين وإيران وألمانيا، ما يدل على الأهمية الخاصة التي تحظى بها تلك الرحلة في الثقافات الآسيوية والغربية، والتي تنبع من طبيعة المغامرة التي قام بها هذا الرحالة انطلاقا من مدينة طنجة في المغرب نحو جغرافيات شاسعة ومتباعدة، إضافة إلى سبقها في اكتشاف تلك العوالم والتعريف بثقافات شعوبها وغرائبها وعمرانها. العرب والفضاء الآسيوي تحاول الدراسات رسم مشاهد تفصيلية لحركة الرحالة العرب في البلاد التي زاروها بدءا من رحلة أبي دلف الأولى إلى خراسان وبلاد القوقاز وآسيا الوسطى وبعض الولايات الروسية ومن ثم بلاد الصين، ويقدم الباحث شاكر لعيبي تعريفا بتلك البلدان التي زارها أبو دلف وبحركة الرحلة في تلك الجغرافيات الواسعة والغريبة، والقبائل التي كانت تسكنها كما يقدم بعض الملاحظات حول البلدان التي زارها وأسمائها كما وردت في كتاب الرحلة لاسيما الأسماء الصينية التي وقع فيها بعض الخلط لدى نسّاخ الرحلة إضافة إلى ما تشير إليه المصادر السريانية والإسلامية المبكرة من تشابه بين هذه الرحلة ورحلة سلام الترجمان بالنسبة للعلاقة بين اليمن والصين. ويتناول الدكتور حاتم عبد الرحمن الطحاوي رئيس قسم التاريخ في جامعة الزقازيق بغداد في كتابات الجغرافيين الصينيين مشيرا إلى أن أول إشارة إلى الإسلام في المصادر الصينية وردت في عام 907 م ولدى المؤرخ شوجو في القرن الثالث عشر وقد ظهر من خلال المصادر أن هناك معرفة بحقيقة الإسلام. كذلك تؤكد تلك المصادر أن أول سفارة من قبل المسلمين قد وصلت إلى بلاد الصيني كانت في عهد الإمبراطور كاو تسونج عام 683 م، في حين يبرز اهتمام تلك المصادر بالتطورات السياسية في الدولة العربية الإسلامية من خلال رصدها لانهيار الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية، أما المؤرخ شوجو فتحدث عن بغداد وعن سبب بنائها في أكثر من مكان وكذلك عن خلفاء بني العباس وعن سبب انعزالهم عن الناس إضافة إلى حديثه عن الملابس و السكان والأحوال الاقتصادية والتجارية لمدينة بغداد. ويخصّ الدكتور عبد الرحيم مودن من المغرب أخبار الصين والهند في رحلة سليمان التاجر وأبي حسن السيرافي ببحث خاص يتناول فيه إشكالية التجنيس في أدب الرحلة عموما، وفي هذه الرحلة خصوصا باعتبارها تحمل في عنوانها تصريحا ينتمي إلى الخبر قبل انتمائه إلى جنس قولي آخر ثم يتلمس مكونات البنية الرحلية في النص، من خلال عدد من القرائن مثل حركية الانتقال من مكان إلى آخر ومن زمن إلى آخر والمزاوجة بين البصر والحواس والبصيرة فيها وقضية الراوي المحايد في هذه الرحلة التي تعتبر رحلة في رحلتين وهي رحلة الجسد والنص الذي يعدّ المصدر الأساس لكل رحلة. مع ابن بطوطة أهمية الأبحاث في هذا القسم الخاص بشيخ الرحالة العرب ابن بطوطه تأتي من كون الدارسين يمثلون جنسيات آسيوية وغربية مختلفة اهتموا برحلة ابن بطوطة وقاموا بترجمتها إلى لغاتهم المختلفة، ولعل الباحث والمترجم الصيني البروفيسور لي جوانغبين هو أهم تلك الأسماء، إذ اعتبر رحلة “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” لابن بطوطة من الأعمال البارزة في الأدب العالمي نظرا لما يحويه الكتاب من علوم تاريخية واثنولوجية ودينية وفكلورية واجتماعية. وقد عمد الباحث إلى تقسيم الدراسات التي تناولت هذه الرحلة إلى ثلاث حلقات متداخلة، هي حلقة الاكتشاف لهذه الرحلة وحلقة المراجعة والتدقيق والتفسير وإعادة الترتيب، ثم حلقة الترجمة والتعميم والصين في عيون ابن بطوطة من خلال الوصف الذي قدمه لأحوال تلك البلاد. ويركز الباحث والمترجم الإيراني الدكتور محمد علي موحد على موضوع ترجمة رحلة ابن بطوطه إلى الفارسية وعلى القيمة السردية المشوقة لتلك الحكاية التي تتضمنها الرحلة التي يكشف عن الوصف الذي يقدمه الرحالة فيها إلى المدارس العلمية والزوايا الصوفية التي عرفتها الثقافة الإسلامية. أما البحث العماني محمد الشحري فتشكل ظفار في رحلة ابن بطوطة محور دراسته انطلاقا من الاهتمام الذي بات يبديه الباحثون في مجال العلوم الإنسانية بتلك الرحلات عموما، ومن كونه أحد سكان ظفار خصوصا لكنه يحاول تقديم قراءة مختلفة في تلك الرحلة من خلال قراءة بعض العادات والتقاليد المعروفة هناك إضافة إلى القراءة الأنثربولوجية للتشابه بين سكان الجزيرة العربية وسكان شمال إفريقيا بالاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي، حيث يحتاج بعض ما كتبه ابن بطوطة إلى تحليل بعض الشواهد والملاحظات التي ذكرها. وبعد التعريف بإقليم ظفار جغرافيا ولغويا وتاريخيا يحاول التعرف إلى هذا الإقليم في التاريخ السياسي الذي تميزت الحياة السياسية فيه بعدم الاستقرار ثم يقدم وصفا لأنماط الحياة المختلفة فيه كما جاء في رحلة ابن بطوطه كمقدمة لإقامة نوع من المقارنة بين أهل ظفار وأهل المغرب على مستوى اللغة. وقدّم الطائع الحداوي من المغرب مقاربة نقدية لنص الرحلة كان محورها الخبر والخطاب في الرحلة تفرعت إلى محاور عديدة منها دراسة أشكال الخطاب والوصف والتسمية. أما الدكتور فؤاد أل العواد فقدّم شرحا لوجهة النظر الألمانية في رحلة ابن بطوطه تميزت بالتشكيك في حقيقة الأخبار التي ذكرها الرحالة ومدى مصداقيته في الحديث عن البلدان التي قال إنه زارها، كما يتحدث عن الترجمات الألمانية لتلك الرحلة والتي صدر آخرها قبل شهور. من جهته ركز الباحث والمترجم التركي عبد السعيد آيفوت على التعريف بتجربة في ترجمته لرحلة ابن بطوطة إلى التركية وما تطلبته من إرفاقها بالكثير من الهوامش كثيرة التي تتضمن تعليقاته على الأحداث والأخبار والتعريف بالأسماء الواردة فيها مما اضطره إلى مراجعة أكثر من مائة وخمسين كتابا في مختلف المجالات المتعلقة بالعصر الذي تحققت في تلك الرحلة. وكان لافتا البيبلوغرافيا التي قدَّمها الدكتور سليمان القرشي عن الكتابات التي كتبت حول تلك الرحلة وصاحبها بهدف المساهمة في تتبع مسارات الرحلة في الثقافة العربية إلى جانب وضع آليات حقيقية لرصد مكانة الرحلة في الثقافة العربية التي انتجتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©