تماماً كما يحدث للعديد من الرحلات الجوية فإن استخدام هاتف الموبايل في الطائرة ظل يخضع لتأخيرات غير متوقعة، ولكن بعض المسافرين على الأقل ما زال بإمكانهم حتى الآن بعث الرسائل النصية والالكترونية من على هواتفهم بينما تستعد إحدى طائرات شركة ايرفرانس اتخاذ الخطوة التي طال انتظارها في موعد قريب، فبمجرد أن تصل الطائرة إلى ارتفاع التحليق وتختفي إشارة ''اربط حزام مقعدك'' سرعان ما تضيء مكانها لافتة تسمح باستخدام الهواتف ويصبح بإمكان المسافرين فتح أطقمهم اليدوية والانهماك مباشرة في إجراء واستقبال المكالمات·
وحسبما ورد في مجلة الايكونوميست اللندنية مؤخراً فإن شركات الخطوط الجوية ما زالت غير متأكدة من المدى الذي سيمضي إليه المسافرون في الاستفادة من هذه المبادرة، ففي الوقت الذي أعرب فيه العديد من الأشخاص عن معارضتهم الشديدة للفكرة حسبما كشفت الدراسات إلا أن البعض رحب بفرصة إمكانية بعث الرسائل والدخول إلى الانترنت واجراء المكالمات، لذا فقد عكفت شركات الطيران على دراسة السوق قبل أن تقرر متى وكيف تسمح باستخدام الهواتف في الأجواء·
وفي هذا الأسبوع أطلقت شركة ''جيت بلو'' الناقلة المنخفضة التكلفة في نيويورك خدمات مجانية ولكنها محدودة لبيانات تكنولوجيا الواي فاي في احدى طائراتها من نوع ايرباص A023 في شراكة مع مؤسسة ياهو عملاقة الانترنت وشركة بريسيرش ان موشن المصنعة لجهاز بلاك بيري، وبذلك سوف يتمكن المسافرون المستخدمون لأجهزة الكمبيوتر المحمولة المزودة بالواي فاي من استغلال خدمة ياهو للبريد والرسائل اللحظية، أما أولئك الذين لديهم أجهزة البلاك بيري فسوف يصبح بوسعهم تصفح البريد الالكتروني (حيث يستخدم النظام شبكة وطنية لديها محطات أرضية خاصة توفر الاتصال)·
ولكن الخدمة تخلو من أي دعم للمكالمات الصوتية بسبب القرار الذي اتخذته لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية في مارس الماضي بعدم السماح باستخدام هواتف الموبايل أثناء الرحلات الجوية· بيد أن المكالمات الصوتية ما زال مسموحاً بها في أجزاء أخرى من العالم حيث ستشرع شركة ايرفرانس في اجراء الاختبارات على الخدمة في احدى طائرات ايرباص A813 في الأسابيع القليلة القادمة، وعوضاً عن الاعتماد على تكنولوجيا الواي فاي فإن الشركة سوف تتبنى محطات قاعدية صغيرة الحكم لهاتف الموبايل يتم تركيبها على البدن الخارجي للطائرة· وبصورة مبدئية فسوف يتم السماح فقط بالدخول إلى بيانات التليفون المحمول والرسائل النصية على أن يتم إطلاق الخدمة الصوتية بعد ثلاثة أشهر لاحقاً، وكما تقول مارينا تايمن في شركة ايرفرانس: ''سوف تقدم استبياناً لكل مسافر حتى تتمكن من قراءة أفكارهم قبل اتخاذ أي قرار بتزويد المزيد من الطائرات بالخدمة· واذا ما رغب الأشخاص في البيانات دون وجود المكالمات فلن تكون لدينا مشكلة''·
على أن البيانات يمكن أن تبرهن على شعبية جارفة بسبب أنها أقل ازعاجاً وانتهاكاً لخصوصية الآخرين مقارنة بالمكالمات الصوتية·
يذكر أن شركة كانتاس الناقلة الوطنية الاسترالية توفر الآن خدمة تقتصر على البيانات فقط في احدى طائراتها من طراز بوينج ،767 ومنذ توفير الخدمة في ابريل الماضي تمكن حوالى 19 ألف مسافر من استخدام أجهزة الموبايل لإرسال الرسائل والبريد الالكتروني كما تشير شركة ابروموبايل البريطانية التي تزود الخدمة·
أما شركة يريانير فقد تم تزويد طائراتها بهذه الأنظمة بواسطة شركة ''أون آير'' المنافسة في تزويد التكنولوجيا والتي قامت أصلاً بتركيب المعدات في طائرة ايرفرانس وتتلقى الدعم والإسناد عن شركة ايرباص، وتعتقد شركة بريانير المنخفضة التكلفة الأكثر استخداماً في أوروبا أن الركاب في رحلاتها القصيرة سوف لا يهتمون بإرسال الرسائل واجراء المكالمات نسبة لحرصهم على دفع أسعار متدنية مقابل الرحلة علماً بأن الركاب الذين سيعمدون إلى اجراء الاتصالات سوف يدفعون بأسعار التجوال العالمية على أن تحتفظ الشركة لنفسها بحصة من الايرادات، لذا فإن الشركة تخطط لتزويد جميع طائراتها البالغ اجماليها 150 طائرة بهذه الخدمة·
وإلى ذلك فما يزال يتعين على جموع المسافرين الحفاظ على هواتفهم مغلقة أثناء فترتي الاقلاع والهبوط بهدف تقليل مخاطر التداخل مع إشارات أجهزة الطائرة - على الرغم من أن السبب الرئيسي لمنع استخدام التليفون المحمول حتى الآن في الطائرات كان في حقيقة الأمر يتعلق بتجنب الإرباك والتعطيل في الشبكات الأرضية جراء مرور إشارات الهواتف بشكل عمودي وبسرعة شديدة فوق هذه الشبكات·
إلا أن هنالك العديد من الأنظمة الجديدة التي باستطاعتها الالتفاف حول هذه المشكلة عبر العمل مع إعاقة الاشارات الأرضية إلى داخل الطائرة بحيث يتم توصيل الهواتف فقط إلى المحطة الفرعية في الطائرة التي ترتبط بالشبكات الأرضية عبر قمر اصطناعي، ولقد برهنت الارتباطات بالأقمار الاصطناعية على تمكنها من العمل بصورة جيدة حتى فوق المحيطات·
وكذلك فإن النظام بأكمله يتسم بخفة الوزن وأرخص ثمناً بكثير مما كان معروفاً في الجيل الأول من تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية والتي وفرت الدخول إلى الواي فاي في بعض الطائرات إلا أنها لم تشهد ترحيباً متسعاً من قبل شركات الطيران، أما الآن وفي ظل نجاح التكنولوجيا الجديدة فقد أصبح يتعين على المسافرين وشركات الطيران التقرير بشأن القوانين التي تحكم استخداماتها وعما اذا كان من المناسب الشروع فوراً في إجراء المكالمات أم قصر هذه المبادرة على الرحلات الطويلة فقط والاكتفاء باستخدام البيانات في المرحلة الأولى على الأقل·
عدد اليوم
