الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لغة الإشارة تحطم حاجز الصوت وتنقل الصم إلى دائرة التفاعل المجتمعي

لغة الإشارة تحطم حاجز الصوت وتنقل الصم إلى دائرة التفاعل المجتمعي
31 ديسمبر 2013 21:04
تمثل لغة الإشارة لذوي الإعاقات الخاصة من الصم والبكم أهمية قصوى في محيط تعاملهم مع الآخرين في البيت، والمدرسة، والمسجد، والمصالح الحكومية والشارع، وفي كل مناحي الحياة، وهذه اللغة، التي تتقنها هذه الفئة سهلت عليهم التواصل مع بعضهم بعضا، أصبحت من الأهمية بمكان في الحياة الاجتماعية، وهو ما يضع هذه اللغة في أولويات بعض الهيئات، التي سعت بالفعل إلى تدريب موظفيها على لغة الإشارة من أجل ألا يشعر ذوو الإعاقات الخاصة بأنهم غرباء في مجتمعاتهم. لا تزال الجهود تبذل في ربوع الإمارات من أجل دمج الصم والبكم في المجتمع عبر المبادرات، التي تبث عبير الأمل في قلوب هذه الفئة التي تتمتع بمواهب خاصة، وقدرات فردية عالية، في إطار الاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله للمعاقين سمعياً وذوي الإعاقة بوجه عام، والذي تبلور في تقديم الدعم لهم على المستويات كافة. واللافت أن مبادرة «مجتمعي مكان للجميع»، التي تحظى برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، تلقى اهتماماً كبيراً من الجهات الحكومية في دبي من أجل تدريب الموظفين على لغة الإشارة لتسهل التواصل مع فئة الصم والبكم، غير أن العديد من خبراء لغة الإشارة ومديري المراكز المتخصصة في رعاية ذوى الإعاقات الخاصة والإعلاميين يرون أن المجتمع الإماراتي في حاجة ماسة لمبادرة كبرى لجعل لغة الإشارة ركيزة أساسية في المصالح والدوائر التي تتعامل مع الجمهور بصورة مباشرة. حقوق ووجبات حول أهمية تعلم بعض الموظفين في المؤسسات العامة للدولة للغة الإشارة، وضرورة تعميم التدريب على هذه اللغة، يقول مدير مركز وزارة الداخلية لتأهيل وتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة ناصر بن عزيز ”لدينا قسم معني بتدريب الموظفين في الهيئات كافة على لغة الإشارة المعتمدة في دولة الإمارات والأكثر تداولاً بين الصم والبكم”، مشيرا إلى أهمية دمج ذوي الإعاقات السمعية في المجتمع، ووضع برامج عالية المستوى من أجل أن تشعر هذه الفئة بأنها فاعلة في المجتمع، وتحظى بكل أشكال الدعم والرعاية فهم جزء أصيل من المجتمع، ولهم من الحقوق والوجبات المفروضة، غير أن ظروف إعاقتهم هي التي جعلت ثمة حواجز بينهم وبين أفراد المجتمع. ويبين بن عزيز أنه من متطلبات الحياة العصرية أن يوجد على الأقل في المؤسسات الخدمية بالدولة بعض المختصين في لغة الإشارة لمساعدة ذوى الإعاقات، بخاصة فئة الصم والبكم. ويوضح ”في إطار سعي العديد من المؤسسات الحكومية في أبوظبي لدعم ذوي الإعاقات الخاصة طلب منا أن نقدم دورات تدريبية لموظفي هذه المؤسسات من أجل أن يتعلموا لغة الإشارة، واللافت أنه في أثناء إجرائها لمسنا رغبة حثيثة لدى بعض الموظفين في إتقان لغة الإشارة، فضلاً عن أننا اكتشفنا بالمصادفة أن منهم من لديه بعض الأقارب الذين لديهم إعاقات سمعية وهو ما حفزهم على مواصلة الدورات التدريبية التي لا تستغرق أكثر من أسبوعين. ويؤكد بن عزيز ”نحتاج إلى مبادرة على مستوى الدولة من أجل أن تكون لغة الإشارة ضمن أولويات القطاعات الخدمية الرئيسية وحتى في المؤسسات العامة من أجل أن ندمج فئة الصم والبكم في مجتمعنا، ومن ثم نقدرهم ونشعرهم بأنهم لا يعانون مشكلة في التواصل مع الآخرين”. مقومات الحياة العصرية ويلفت إلى أن مراكز وزارة الداخلية لتأهيل وتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة على أتم الاستعداد لتقديم دورات تدريبية متقدمة في لغة الإشارة لأي مؤسسة، موضحا أن الدولة أخذت بكل مقومات الحياة العصرية وليس مستغرباً عليها أن تضع أصحاب الإعاقات السمعية في أولوياتها، وهو ما يترجم على أرض الواقع بالاهتمام المطلق بهذه الفئة التي يتعاطف معها الجميع. ترابط اجتماعي بخصوص وجود مترجم ينقل اللغة العربية إلى لغة إشارة في بعض البرامج الإخبارية، يرى مدير قناة أبوظبي الإمارات عيسى الميل أن هذا المنحى له دلالة قوية على أن المعاقين سمعياً يحظون باهتمام وسائل الإعلام، إذ إنه ليس من المنطقي أن يسأل فرد في هذه الفئة واحد من أسرته عما يقول مقدم النشرة، لذا فإن وجود مترجم للغة الإشارة يسهم في إضفاء البهجة والسعادة على الصم والبكم. ولا يخفي الميل أن المبادرات اللماحة، التي تعزز دمج المعاقين سمعياً في المجتمع بالوسائل كافة لها مردود إيجابي على كل أفراده، مضيفا ”الصم والبكم هم أولادنا ومجرد التعاطف معهم يؤكد الترابط المجتمعي، فلا فرق بين أحد في منظومة الحياة فضلاً أننا نكتشف أن العديد من ذوي مثل هذه الإعاقات يمتلكون مواهب جديرة بالالتفات إليها”. ويؤكد الميل ”على الرغم من أن وجود متحدث بلغة الإشارة في البرامج التليفزيونية إلا أنني أتمنى أن يكون في كل برنامج مترجم للغة الإشارة”. ويكشف الميل أن فكرة وجود برنامج يقدمه ذوو الإعاقات السمعية موجودة، وتحظى باهتمام خاص لكن لم يتم تضمين برنامج من هذا النوع ضمن الخريطة البرامجية لكنه سيتم تنفيذه في وقت لاحق، لكي يظل الإعلام متفاعلا مع نبض الشارع، ويكمل دوره البناء والتواصل مع فئات المجتمع كافة، كما إن تقديم برنامج بهذه الكيفية سيكتب له النجاح نظراً لأن الصم والبكم هم الأقدر على التعامل مع ذوي الإعاقات السمعية، مضيفا ”نحلم جميعاً بأن تتسع دائرة المبادرات وأن تشمل كل القطاعات بحيث تكون لغة الإشارة مدرجة لدى الجميع كحق أصيل في دمج المعاقين في الحياة، وبما يشكل جزءاً من علاجهم”. ولا تجد مديرة مركز تنمية القدرات لذوي الاحتياجات الخاصة سميرة سالم غضاضة في أن يتبلور الاهتمام بذوي الإعاقات السمعية لينتقل من المراكز الخاصة والحكومية إلى آفاق أرحب داخل المجتمع، بحيث يتم دمجهم بطريقة عصرية تستند للعلم وتخضع للدراسات المعمقة في هذا المجال خاصة أن لغة الإشارة لم تعد صعبة التعلم في ظل وجود كفاءات كثيرة تتقنها، ولديها القدرة على إكسابها للراغبين في تعلمها. وترى سميرة أن أعداد المعاقين في المجتمع هي الفيصل في إلزام المؤسسات الخدمية بتعليم موظفيها لغة الإشارة، جازمة بأن الدوافع الإنسانية هي أكبر البواعث التي من الممكن أن تؤثر في محيط أفراد المجتمع ومؤسساته من أجل تخفيف العبء النفسي عن ذوي الإعاقات السمعية. نقلة نوعية منذ ثلاث سنوات تقريباً ينقل رجا مطيع مفردات نشرة علوم الدار إلى لغة الإشارة المتعارف عليها بين الصم والبكم. إلى ذلك، يقول ”في العادة أنقل المعنى أو أترجم لهم حرفياً وذلك وفق طبيعة الخبر، ومما لا شك فيه أن قطاعاً كبيراً من فئة الصم والبكم يحرصون على متابعة النشرات الإخبارية لأن العائق اللغوي لم يعد له وجود”، مضيفا ”من خلال خبرتي في هذا المجال أستطيع أن أجزم بأن هناك نقلة نوعية حدثت في محيط هذه الفئة على المستوى الثقافي والإنساني، لكننا في حاجة ماسة إلى الاعتناء بهم أكثر، ومن ثم إضافة برامج تعتني بهم وتهتم بقضاياهم، وتقدم في الوقت نفسه بلغتهم خاصة أن تجربة التفافهم حول نشرات الأخبار كانت ناجحة جداً وأطلعتهم على العديد من الأحداث الجارية”. ورقة بيضاء من بين الذين كانوا يجدون صعوبة في التعامل مع بعض الموظفين في المؤسسات العامة والخاصة فيصل المنصوري، الذي يلفت إلى إن إعاقته السمعية اضطرته إلى الكتابة للموظفين على ورقة لكي يعرفهم ما الذي يحتاجه بالضبط، وعلى الرغم من أنه على قناعة بأن الجميع كان يتعاون معه ويحاول مساعدته، إلا إنه دائما ما يشعر بأنه ليس مثل باقي أفراد المجتمع، ويتمنى أن يجد في مثل هذه المؤسسات من يجيد لغة الإشارة، ويتواصل معه بشكل مباشر. ولا يخفي أنه التقى بعض الموظفين بالمصادفة الذين تحدثوا إليه بلغة الإشارة، وفي هذه المرة كان يشعر بسعادة بالغة، مؤكدا أن يرجو أن يهتم الإعلام المرئي أكثر بالصم والبكم وأن يوجه برامج خاصة لهم. أول خطبة للصم والبكم في نهاية شهر أكتوبر الماضي شهد مسجد أحمد بن حنبل في ميدان الثقافة بالشارقة، أول خطبة لصلاة الجمعة في الدولة مترجمة إلى لغة الإشارة بحضور نحو 50 فرداً من ذوي الإعاقة السمعية، وحضرها الشيخ صقر بن محمد القاسمي، رئيس دائرة الشؤون الإسلامية والأوقاف، وترجمها صلاح عودة خبير ومترجم لغة الإشارة في مدينة الخدمات الإنسانية بالإمارة. وخصصت الدائرة جزءا في زاوية من المسجد لهذه الفئة، حيث نقل المترجم الخطبة بلغة الإشارة إليهم، مع وجود عدد من ذوي الإعاقات السمعية الذين حرصوا على متابعة الخطبة من إمارات الدولة، وبدت السعادة على وجوههم نظراً لاستفادتهم ما جاء فيها، إذ تناولت الخطبة غزوة أحد والدروس المستفادة منها مع بداية انتشار الإسلام، والطريف أن هذه الفئة كانت في السابق تحضر إلى المسجد وقت إقامة الصلاة فقط لعدم استفادتهم من خطبة الجمعة. لغة ومفردات يورد اختصاصي النطق واللغة بمجلس أبوظبي للتعليم أيمن عبد اللطيف أن الإشارة مثل أي لغة لها مفرداتها وما يقابلها في اللغات جميعاً، وهي وسيلة يتعامل بها أصحاب الإعاقات السمعية فهي تصور خلجات أنفسهم، وتعبر عن مكنون دواخلهم تجاه أي شيء والأسر التي لديها أبناء من هذه الفئة تتعلم مع الأيام لغة الإشارة منهم، مضيفا ”ما لا يعلمه الكثير أن المعاق سمعياً يشعر بآلام نفسية عندما يعجز عن التواصل مع الآخرين، وهو ما يولد لديه مشاعر إحباط”. ويلفت أيمن إلى أن الأبجدية الإشارية كما يطلق عليها اصطلاحاً ليست موحدة على مستوى العالم؛ فكل دولة لديها لغة إشارية مختلفة عن الأخرى ، كما إن اللغة الإشارية في الدول العربية نفسها غير موحدة نظراً لاختلاف اللهجات الدراجة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©