د· صلاح القاسم: نحاول الحفاظ على هويتنا في إطار تفاعل الثقافات

يعتبر مجلس دبي الثقافي المؤسسة الأولى المكلفة بشؤون الثقافة في دبي، وهو برئيسه محمد المري وأمينه العام الدكتور صلاح القاسم، وطاقمه من المشتغلين في التشكيل والمسرح والسينما وسواها، يظل حاضرا بقوة من خلال الأنشطة التي ينظمها بالتعاون مع المؤسسات الرسمية والأهلية، ويمتد نشاطه إلى بقية إمارات الدولة، كما يساهم في دعم الأنشطة المحلية والعربية والدولية، ومن هنا كان لقاؤنا هذا مع الأمين العام للمجلس الدكتور صلاح القاسم· * مجلس دبي الثقافي كمؤسسة تتبع حكومة دبي، ماذا عن منطلقاته وأهدافه وإنجازاته بعد سنوات من انطلاقته؟ ** الدور الأساسي للمجلس هو تقديم الاستشارة للحكومة بخصوص العمل الثقافي والأنشطة الثقافية، والتنسيق بين المؤسسات الثقافية المنتشرة في دبي، ووضع الاستراتيجيات والخطط ودراسة الاحتياجات الضرورية في هذا المجال، نهتم بتشجيع المبدعين والمثقفين ونعمل على إشراكهم في الأنشطة الثقافية المختلفة· غياب المسرح *وماذا عن المسرح الذي يكاد يكون غائباً تماما؟ **بالنسبة للمسرح فقد كان غائبا فعلا حين أنشأنا المجلس، وكانت هناك مشاركات قليلة، ثم بدأنا التعاون مع مسرح دبي الشعبي ومسرح دبي الأهلي، وقد حصل مسرح دبي الشعبي على استقلاله عن جمعية الفنون وصار له مجلس إدارة وميزانية خاصة، كما بدأنا بمهرجان مسرح الشباب من خلال مجموعة من الورش والدورات المسرحية التي كانت مقدمة لأنشطة مسرحية أخرى، وشيئا فشيئا تراكمت لدينا تجارب مفيدة، وبدأنا نتلمس الثغرات في عملنا الثقافي· تنسيق ولكن *لكن أين هو التنسيق ونحن نرى المؤسسات الثقافية تقيم أنشطة في وقت واحد بحيث يحتار المتابع للعمل الثقافي أين يذهب، وأي نشاط يحضر؟ **نحن نحاول من خلال اتصالنا وعلاقتنا بالمؤسسات إيجاد نوع من التنسيق، لكن يحدث أحيانا نوع من التضارب والازدواجية التي لا نستطيع السيطرة عليها، بعض المؤسسات ترتبط بمواعيد معينة خصوصا حين يكون هناك ضيوف مدعوين من الخارج ، ففي مثل هذه الحالة يصعب التنسيق وتحديد مواعيد الضيوف، لكن بشكل عام نحاول وضع استراتيجية للعمل الثقافي بحيث نقدم الأنشطة التي تثري الحياة الثقافية وتقدم صورة عن ثقافتنا وهويتنا· حوافز ثقافية *وما دور المجلس في تأسيس البنية التحتية للمؤسسات الثقافية؟ **يقدم المجلس كل الدعم اللازم لهذه البنية، وقد بدأنا منذ فترة بتأسيس المتاحف ذات الأغراض المختلفة، كما بدأنا بتأسيس دار الأوبرا، وكان مبنى ندوة الثقافة والعلوم إنجازا كبيرا لما ستقوم به ''الندوة'' من دور ثقافي بعد افتتاحها رسميا، وهناك مشروع لتأسيس المكتبة الوطنية العامة في دبي وثمة دراسات تجرى لهذه الغاية· *وماذا عن الحوافز التي تقدمونها للمبدعين كي ينخرطوا في الحياة الثقافية، في ظل ما يعيشه هؤلاء من عزلة وابتعاد عن المؤسسات؟ **نحن نقدم الدعم للمبدعين في كل المجالات تقريبا، حيث إننا نقيم معارض للفنانين التشكيليين في داخل الدولة وخارجها، كما أننا نقدم الدعم للمسرحيين من خلال دعم أعمالهم ومشاركاتهم المحلية والخارجية أيضا، ونقيم الدورات والورشات التدريبية، إضافة إلى دعم المشاركة في المسابقات والمهرجانات المحلية كمهرجان الشارقة المسرحي ومهرجان مسرح الطفل، وهناك تعاون مع وزارة الثقافة لدعم هذه الأنشطة، مهرجان السينما بدأ يجذب الاهتمام أيضا، كما نهتم بموضوع القراءة من خلال التعاون مع مؤسسة دبي للتعليم التي تعتني بتشجيع قراءة التلاميذ· ؟ وهل تفكرون بمهرجان للمسرح على شاكلة مهرجان الشارقة مثلا؟ ؟؟ هناك مهرجان لمسرح الشباب الذي يعتبر بداية يمكن تطويرها في المستقبل· ثغرات برسم التجاوز ؟ وماذا بشأن مهرجان الإمارات الثقافي الذي أقيم قبل سنوات ولم يتكرر؟ ؟؟ كانت تلك تجربة جيدة، ولكن كانت هناك ثغرات نحاول تجاوزها، خصوصا بعد الانتهاء من مبنى ندوة الثقافة والعلوم الذي سيستوعب كل الفعاليات، فقد كانت المشكلة في المهرجان الأول توزع الفعاليات على عدد من الأمكنة، وذلك أمر شتت جمهور المهرجان، ونحاول الآن تجاوز هذه المشكلة بالتنسيق مع كل الجهات الثقافية في الشارقة وأبوظبي، حيث نسعى إلى المشاركة في كل الأنشطة في الدولة، وتجدر الإشارة إلى الزيادة في ميزانية الثقافة التي اعتمدتها وزارة الثقافة، بما يعني المزيد من الاهتمام بالحياة الثقافية من جانب القيادة السياسية· النشر أيضا وأيضا ؟ هناك جانب مهم متعلق بالنشر والتوزيع، حيث إن غالبية الشعراء والكتاب ينشرون كتبهم في بيروت أو القاهرة لغياب دار نشر وطنية، ألا تفكرون في مجلس دبي الثقافي في هذا الجانب؟ ؟؟ ما نزال في مرحلة التفكير والدراسة لأمرين معا هما النشر والترجمة، وبالنسبة للترجمة هناك مؤسسات تنطلق الآن لهذا الغرض، أما النشر فهناك مؤسسات تقوم بنشر النتاج المحلي مثل ندوة الثقافة والعلوم ودائرة الثقافة والإعلام، ولا نريد أن نكرر هذه التجارب، بل نفكر بمشروع وطني متكامل يقدم إضافة جديدة· القراءة أولا ؟ ألا تفكرون بإقامة معرض للكتاب على شاكلة معرضي الشارقة وأبوظبي مثلا، خصوصا أن هناك مسافة زمنية بين المعرضين؟ ؟؟ نحن لا نجد ضرورة أو جدوى اقتصادية لمثل هذا المعرض، فقبل التفكير بمثل هذا المعرض علينا تعليم أبنائنا على القراءة، خصوصا في ظل التطورات المتزايدة في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية، من فضائيات وإنترنت، نحن نعاني من قلة القراء ليس في الإمارات فقط بل في العالم العربي كله، ولذلك ندرس مع مؤسسة التعليم كيفية تشجيع القراءة من خلال برامج وخطط علمية· هيمنة التشكيل ؟ يلاحظ المتابع للحركة الثقافية في دبي أن غالبية الأنشطة هي في مجال الفن التشكيلي، خصوصا عبر الجاليريهات الخاصة ذات الطابع التجاري، فما دوركم وطبيعة علاقتكم مع هذه الجاليريهات؟ ؟؟ نحن نحاول دعم المؤسسات الحكومية أساسا، وهذه الجاليريهات الخاصة تقوم بأنشطة ثقافية مهمة نعمل من جهتنا على دعمها من خلال إقامة معارض لكبار الفنانين من المحليين والعرب والعالميين، ما يخلق نوعا من التفاعل بين الفنان الإماراتي والفنانين القادمين من الخارج، وطبعا هناك جانب تجاري في الموضوع حيث يسعى الجاليري للربح من خلال استقطاب تجارب فنية مهمة· وإلى هذه الأنشطة التشكيلية فنحن نقيم أنشطة موسيقية ونشجع كل المواهب والطاقات في هذا المجال المهم سواء في المدارس أو الجامعات، وهناك الآن زيادة اهتمام بالنشاط السينمائي من خلال تنشيط وتفعيل نادي دبي السينمائي، مهرجان دبي السينمائي وغيرهما· بين الثقافة والاقتصاد ؟ نسألك عن مستوى التطور الثقافي قياساً إلى التحولات الاقتصادية التي شهدتها البلاد؟ ؟؟ هناك مسألة مهمة تتعلق بكون التطور الاقتصادي يسبق عادة أي شكل من أشكال التطور، وهو أيضا الذي يتيح الفرصة للتطور الاجتماعي والثقافي، ومن دون التطور الاقتصادي لا نستطيع تطوير البنية التحتية الثقافية، وهذا ما تسعى إليه الحكومة المركزية عموما وحكومة دبي خصوصا، وعلى المدى القريب والبعيد هناك اهتمام من كافة المؤسسات، كما هو الحال مع المؤسسات في الشارقة التي تتلقى الدعم الكامل من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ، وفي أبوظبي بدعم من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكذلك الأمر في دبي التي تحظى الثقافة فيها بدعم كبير من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي·