الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ناصر جبران يتأمل الثقافة في نفحات الروح والوطن

ناصر جبران يتأمل الثقافة في نفحات الروح والوطن
17 ديسمبر 2007 01:35
صدر حديثاً للكاتب ناصر جبران كتاب عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة يحمل عنوان ''نفحات الروح والوطن'' يبث من خلاله المؤلف أشواقه وآلامه التي هي أشواق وآلام الأمة كلها، بدءاً من تناوله رواية العراقية بتول الخضيري ''كم بدت السماء قريبة'' الصادرة مطلع هذا القرن، قبل احتلال العراق، مروراً بتناوله الوطن كثقافة وليس كحالة جغرافية فقط، وصولاً إلى معالجاته للصراع العربي الصهيوني بجوانبه المتعددة· في مقدمة الكتاب التي كتبها الناقد عبد الفتاح صبري يقول: ''ناصر جبران أحد مؤسسي تيار الرفض في الأدب الإماراتي كرد عفوي على انهيارات الزمن العربي وعلى هدر قيم الوطن''، وعن نظرته إلى التغيرات الاجتماعية الحاصلة يقول صبري: إن ناصر قد استشعر هذه التغيرات ''نفوراً من سطوة هذه السلوكيات الجديدة وغير المألوفة، فكانت حالة التعارض واضحة معلنة لعنكبوتيتها وقيمها المادية التي طمست خلفها حرارة العلائق الاجتماعية الحميمة''، ويضيف صبري أن المتأمل في كتابات ناصر جبران سيرى ''هذا الوجع الذي يحاول البحث فيه درءاً له ومتأملا فيه لمحاربته، سنرى ذلك في القصة القصيرة وأيضا في الكتابات النثرية الأخرى· وفي النصوص التي بين أيدينا سنرى الكاتب لم تتبدل عزيمته ولم تهن حروفه أو تبهت، فتمسكه بنهجه قائم وواضح، وعند إمعان النظر في نصوصه الثرية سنراه يجوب الوطن والعالم والروح بحثا وتنقيبا عن الإنسان والتراب الصافي المنثور على صفحة ممتدة من المحيط إلى الخليج محتضناً الريف والمدن والفيافي وعلامات الصحو والنهوض·· يقودنا إلى مفاتيح الوطن المخبأة في الذاكرة أو خلف أقبية النسيان أو حتى في قلب الحضور الباهر والآسر، إنه يحرضنا للاقتراب من الإنسان لكشف احتياجاته ليزداد تعلقاً بالوطن ويسلمنا إلى مدارك التأمل في شموخ وازدهار المكان·· إن هذه النصوص محرضة لتفاصيل الوطن للتعلق به والحنو عليه لأنه ليس مجرد رمل أو تلة أو سهل أو جبل أو ماء أو نخلة، إنه الوطن للحب وللتأمل والذوبان في المكان··الخ''· نصوص ناصر جبران هذه رحلة بين الزمان والمكان والإنسان، رحلة توسع معنى المكان والوطن ليطاول كل أوطان الإنسان، فهو يرصد مكامن الخراب والانهيار العربي على مدى زمن طويل، وفي أماكن الخراب من العراق وفلسطين وغيرها، بحرقة لافتة لغة ومشاعر، فحين يقرأ رواية بتول الخضيري يتوقف عند جملة لا يمكن إيرادها لاحتوائها على كلمة تعتبر قذرة حيث تقول البطلة في الرواية ''نحن نأكل·· بالإبرة، لا الإبرة تشيل ولا·· يخلص''، ما يدل على الموت البطيء الذي يعيشه العربي والعراقي خصوصا· لكن جبران يمتلك من الثقة بالمستقبل وفهم التاريخ ما يجعله يقول إنه يؤمن ''بعظمة هذه الأمة ونهوضها من جديد·· فاشتداد المقاومة في العراق وتنامي جذورها في كافة ترابه وقراه تجعلني أكثر إيمانا ويقينا بهزيمة الجيوش الغازية واندحار قواتها الهمجية وفشل احتلالها''· ويتناول جبران الوطن من خلال حالات ثقافية متعددة أبرزها معرض الشارقة الدولي للكتاب ومهرجان المسرح، فيرى في معرض الكتاب بوابة للمعرفة والثقافة وأنه ''اكتسب مع الوقت مكانة خاصة ونجاحا باهرا نتيجة لتضافر جهود الجميع''، وهو ''يمثل هاجس الجهود الناهضة بمجمل الثقافة الهادفة لإعادة مكانة اللغة العربية ودورها المنشود عبر وعاء مخزونها الماثل بالكتاب دعماً ومساندة وتذليلاً لكل ما يعيق انتشاره وتداوله''· ويتوقف ناصر جبران وقفة حميمية عند مسرحية ''زمان الكاز''، التي يعتبرها باهرة بكل عناصرها، بدءاً من نص إسماعيل عبد الله وتمثيله، مروراً بالمخرج الفنان حسن رجب، وتمثيل الفنان مرعي الحليان، هذه الطاقات التي جمعها مسرح خورفكان للفنون، فشكل العرض كما يقول جبران ''مقاربة لواقعنا العربي المتخاذل وإسقاطات في غاية الأهمية، قدمته المسرحية بشفافية ترميز واضح يمكن قراءته لتعبر عن جدية الطرح والإبانة لمنزلقات الراهن وخطورته''· وإلى ذلك يتناول جبران شؤونا سياسية مثل القمم العربية، ويحاول المقارنة بينها وبين أيام الشارقة المسرحية فيقول بخصوص إحدى هذه القمم ''نريد نصاً لقرارات قمة إيجابية نصفق لها واقفين عند قراءة بيانها الختامي· نريدها فعلا ناجزا عظيما داخل المسابقة المادية والروحية قوية في الانتماء والتجذر والإخلاص والبقاء كما نفعل الآن ونحن نصفق بحرارة وغبطة للشارقة وأيامها المسرحية''· وفي مقال آخر يتناول جائزة سلطان العويس التي منحت لكل من محمود درويش وأدونيس، ويتوقف أمام ''العملاق محمود درويش'' الذي ''جابت خيول شعره سفوح أول الليل لتحملنا بصهيلها وعنفوانها إلى أسوار القدس العزيزة وجنين الملاحم وكل شبر من فلسطين الغالية الأبية''، كما يتوقف عند أمسية أدونيس الشعرية الغنائية فيرى فيه ''الشاعر الحكيم يجلس خلف منضدته البسيطة يستحضر عوالمه وكهنة معابد شعره ويغوينا منصتين فيما الفنان المبدع نصير شمة يضم العود إلى صدره أو ربما هو استقر في داخله·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©