الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أستراليا بعيداً عن الاستثناء النووي

أستراليا بعيداً عن الاستثناء النووي
8 ابريل 2008 00:37
تواجه أستراليا هذه الأيام ضغوطاً سواء من الداخل أو الخارج، لاستثناء الهند من القواعد والمعايير العالمية للتجارة النووية، فمنذ أن تقلد السلطة في شهر نوفمبر الماضي تبنى رئيس الوزراء الأسترالي ''كيفين رود'' موقفاً مبدئياً ضد انتشار الأسلحة والمواد النووية، أو استخدامها لهذا الغرض، وقد تعهد بشكل خاص أن بلاده، التي تعتبر أكبر مصدر لليورانيوم في العالم، ستتاجر فقط مع الدول التي تحترم القواعد الدولية في مجال عدم الانتشار النووي، وتطهر سجلها من أي شوائب تستدعي الشك، والواقع أن ''رود'' على حق في موقفه المبدئي، وعليه أن يفي بتعهده والاستمرار في تعزيز السجل الأسترالي المتألق في مجال عدم الانتشار النووي من خلال معارضته، أو على الأقل فرض شروط على صفقة الهند التي تسعى إلى الحصول على المواد النووية دون تقديم الضمانات الكافية، ومع أن هذه المقاربة قد تضع رئيس الوزراء الأسترالي في طريق تصادمي مع الولايات المتحدة والمعارضة الداخلية، إلا أنه مطالب بالصمود والثبات على الموقف لتجنيب العالم خطر الانتشار العشوائي للأسلحة النووية· فمنذ انتصاره في الانتخابات الرئاسية ورئيس الوزراء الحالي يرسم طريقاً مستقلاً للسياسة الاسترالية مبتعداً عن إدارة الرئيس ''بوش'' ومواقفها المعروفة على الساحة الدولية، من خلال المبادرة إلى التوقيع على بروتوكول ''كيوتو'' والمشاركة في مباحثات ''بالي'' حول قضايا التغير المناخي، ثم سحبه للقوات الأسترالية من العراق، لكن الحدث الأهم الذي أقدم عليه ''كيفين رود'' وأثار بعض القلق في أوساط الإدارة الأميركية والمعارضة الداخلية هو إجهاضه لمقترح رئيس الوزراء السابق ''جون إدوارد'' والقاضي ببيع اليورانيوم إلى الهند التي تنتهك السياسة الأسترالية التقليدية القائمة على حظر تصدير اليورانيوم إلى الدول غير الموقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي· والواضح أن الرئيس ''بوش'' يريد من أستراليا أن تغض الطرف عن التعاون الأميركي النووي في المجال المدني مع الهند وتمرير الصفقة التي تستثني الهند من التقيد بالقواعد العالمية المعمول بها في مجال التعاون النووي، وفي هذا الإطار تبرر إدارة الرئيس ''بوش'' صفقتها المثيرة للجدل مع الهند بأنها ستدفعها في النهاية إلى الالتزام بقواعد عدم الانتشار من خلال التوقيع على الاتفاقية الدولية، وهو رأي يوافق عليه حتى الذين يدافعون عن التعاون الأميركي الهندي في المجال النووي، من أنها مجرد خطوة لتشجيع الهند على الاعتراف بوضعها النووي والانضمام إلى اتفاقية عدم الانتشار، لكن اللافت في الأمر أن الولايات المتحدة لم تتلق أية تطمينات من الهند حتى بعد مرور ثلاث سنوات على توقيع الصفقة بأنها ستشتري مفاعلات نووية من أميركا، وبدلاً من ذلك أصبحت الهند اليوم بموجب التعاون النووي مع الولايات المتحدة مهيأة للاستفادة من الامتيازات التي تحصل عليها الدول غير النووية، مثل المساعدة في إقامة برنامج مدني لتوليد الطاقة، حتى بدون أن تلتزم بنزع سلاحها النووي كما تفعل الدول الأخرى· الواقع أن استثناء الهند من هذه القواعد المعمول بها يهدد بتقويض المنظومة العالمية الرامية إلى تجنب المزيد من الانتشار النووي واستخدام أسلحة الدمار الشامل، لكن قبل اعتماد هذا الاستثناء الذي تسعى الولايات المتحدة وبعض الأطراف السياسية داخل أستراليا إلى إقراره يتعين أولاً موافقة ''مجموعة الدول الموردة للمواد النووية'' التي أُحدِثت في العام 1974 بعد أول تفجير نووي قامت به الهند، وفي هذا السياق يتعين على الدول الخمس والأربعين الأعضاء في المجموعة، بمن فيها بعض البلدان الأوروبية غير النووية القلقة بشأن الصفقة الهندية، اتخاذ قرار الموافقة بالإجماع، لكن مع ذلك لم يصرح سوى القليل من تلك الدول بمعارضتها للولايات المتحدة، لاسيما بعدما أيدت فرنسا وروسيا، اللتان وقعتا من جانبهما على اتفاقات للتعاون النووي مع الهند، الصفة الأميركية الأخيرة، لذا فإن أستراليا اليوم مدعوة للاضطلاع بدور القيادة لدى مجموعة الدول الموردة وتحمل مسؤولياتها· في هذا الصدد يمكن للمجموعة خلال اجتماعها الشهر المقبل الموافقة على الاستثناء الهندي إذا ما وقعت هذه الأخيرة على اتفاقية للضمانات النووية مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، وهو الأمر الذي لم تتعهد به الهند بعد، ولأنه من غير المرجح أن تعارض الدول الصغيرة في المجموعة الصفقة الأميركية الهندية فإنه يتعين على أستراليا بعث رسالة واضحة مفادها أنه حتى الموردين النوويين مستعدون لتغليب عدم الانتشار على الربح، وبالإضافة إلى ذلك يمكن لأستراليا خلال اجتماعها مع باقي الدول الأعضاء في المجموعة السعي على الأقل إلى فرض شروط تخفف من أضرار الصفقة على شاكلة القانون الأميركي الذين ينص على وقف الصادرات النووية إلى الدول إذا ما أجرت تجارب على الأسلحة النووية، بحيث يمكن تطبيق القانون على الهند وإلزامها التقيد به، ولابد من التذكير هنا بالدور الكبير لأستراليا في ضمان تدفق المواد النووية إلى الدول نظراً لتوفرها على 24 بالمائة من احتياطيات العالم من اليورانيوم، لذا فإنه بدون تدخل أستراليا لدى مجموعة الدول الموردة للمواد النووية ستحصل الهند على الاستثناء دون تقديم ضمانات بعدم الانتشار· ديبي تشوبي نائب مدير برنامج عدم الانتشار النووي في معهد كارنيجي للسلام ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©