الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مبيكي و زوما ··· والديمقراطية في جنوب أفريقيا

مبيكي و زوما ··· والديمقراطية في جنوب أفريقيا
15 ديسمبر 2007 22:08
سيلتئم خلال هذا الأسبوع خمسة آلاف من ممثلي حزب ''المؤتمر الوطني الأفريقي'' الحاكم في جنوب أفريقيا بمدينة ''بولوكواين'' المتربة والواقعة في شمال البلاد لاختيار الرئيس المقبل للحزب، وسيواجه المجتمعون خياراً صعباً يضعهم أمام غريمين لدودين كانا في السابق حليفين وثيقين ومرشحين لخلافة ''نيلسون مانديلا''، وهما الرئيس الحالي ''ثامبو مبيكي''، ونائبه السابق ''جاكوب زوما''· ومع أنه لا يحق للرئيس ''مبيكي''، بموجب الدستور الجنوب الأفريقي، الترشح لولاية أخرى بعد انتهاء فترته الرئاسية في العام ،2009 إلا أنه في حال تمكنه من تزعم الحزب الحاكم سيحق له اختيار الشخصيــة الحزبيــة التي ستخلفــه على رأس الدولة؛ في حين أن فوز ''زومــا'' سيحــدث تغييراً راديكاليــاً في هياكــل الحزب وقد يزحزح الحرس القديم من مواقعه· وإلى حد الآن تميل الكفة قليلا لصالح ''جاكوب زوما''، حيث اختار ممثلــو الحزب في الاجتماعــات الإقليمية هذا الأخير بهامش نقطتين إلى نقطه مقارنة بغريمه ''مبيكي''؛ وبرغم الاحتمال القائم بتغيير الناخبين مواقفهم لصالح ''مبيكي''، إلا أنه من الواضح أن ''زوما'' يحظى بالأفضلية· يثير هذا الواقع قلق العديد من المراقبين بالنظر إلى السمعة الدولية التي اكتسبها ''مبيكي'' كرمز للتقدم والازدهار في القارة الأفريقية، وهي السمعة التي ترسخت أكثر قبل سنتين عندما أقدم على إقالة ''زوما'' الذي تورط في إحدى قضايا الفساد؛ وينتقد أنصار ''مبيكي'' خصمه ''زوما'' بأنه لا يقيم اعتباراً للقانون، وبأن لديه أصدقاء لا يمكن الاعتماد عليهم، فضلا عن ميوله الديماغوجية وافتقاده لما يكفي من الحكمة لتقلد منصب رسمي· ويحذر معارضو ''زوما'' من أنه تحت حكمه قد تنحدر ديمقراطية جنوب أفريقيا الفتية لتتحول إلى دولة أفريقية أخرى ينخرها الفساد والمحسوبية· فهل يوجد أساس فعلي لكل هذه المخاوف؟ وهل سيكون الاجتماع الحزبي في ''بولوكواين'' بداية الفصل الأخير في تراجيديا إحدى أعظم قصص التحرر العالمي؟ ليس بالضرورة، بل قد يمكن اعتبار الصراع الحالي على زعامة الحزب الحاكم مؤشراً قوياً على نضوج التجربة الديمقراطية في جنوب أفريقيا واستعدادها لخوض نقاش سياسي حقيقي· فالرئيس الحالي ''مبيكي'' ونائبه السابق ''زوما'' اللذان عملا معا كحلفاء لأكثر من عقدين من الزمن، يعود لهما الفضل في إنهاء نظام الفصل العنصري على نحو سلمي وتحويل البلاد إلى اقتصاد سوق مستقر، كما أنهما أيضا يتحملان معا المسؤولية المشتركة في عجزهما عن فصل الحزب عن الدولة ما أدى إلى ممارسة نوع من الوصاية والتورط في بعض قضايا الفساد· ويرجع الانفصال بين الرجلين عندما شعر ''زوما'' أنه تعرض للإقصاء من قبل ''مبيكي''، بينمــا أحس هــذا الأخير بتهديد ''زوما'' لموقعــه في الحزب وصل حد اتهامه بتدبير انقلاب عليه في العام ،2001 وتفاقمت الأمور عندما ظهرت في تلك الفترة أدلة تورط ''زوما'' في فضيحة مرتبطة بشراء السلاح، وجاءت إقالة ''زوما'' في العام 2005 إثر إدانة المحكمة لمستشاره المالي بالتورط في طلب رشاوى نيابة عنه، ورد أنصار ''زوما'' باتهام الطرف الآخر بتوظيف أجهزة الدولة وتسخيرها لشن حملة سياسية ضد قائدهــم بسبب رغبة ''مبيكي'' في التمسك بالسلطة؛ وسرعان ما وجد الرجلان نفسيهما على ضفتي الهوة، حيث اتجه ''زوما'' إلى اليســار الذي شعر هو الآخر أنــه بعيــد عن السياســات الماليــة للرئيــس وأسلوبــه المتحفــظ فــي التعامــل مــع النــاس· وفي هذا الإطار رمت النقابات العمالية في جنوب أفريقيا، فضلا عن الحزب الشيوعي بثقلهم وراء ''زوما'' وأصبحوا أهم مهندسي حملته الانتخابية داخل الحزب الحاكم· ويعتقد اليسار أن ''زوما''، الرجل الذكي ذا التعليم المتواضع، أقرب إلى تطلعات الجماهير الشعبية الذين لم تتحسن وضعيتهم بعد الإطاحة بنظام الفصل العنصري إلا قليلا· من جانبهم يخشى أنصار ''مبيكي'' من أن تضر رئاسة ''زوما'' للبلاد بالجهود الكبيرة التي بذلت طيلة الخمس عشرة سنة الماضية لدمج جنوب أفريقيا فــي الاقتصــاد العالمــي· غير أن وضــع أغلبيــة أعضــاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ثقتهم في ''زوما'' يعتبر في حد ذاته إدانة لعجر ''مبيكي'' في ردم الهوة بين طبقات المجتمع؛ ومع أنه لا يوجد ما يضمن أن ''زوما'' سينجح في هذا المجال، إلا أنه اشتهــر ببحثــه عن التوافــق مــع جميــع الأطراف· والأكثر من ذلك أن انتخاب ''زوما'' زعيماً للحزب لا يعني أنه سيصبح بالضرورة رئيسا للبلاد، لا سيما وأنه يواجه تهماً بالفساد التي في حال ثبوتها عليه سيحرم من تقلد المناصب الرسمية· ومهما كانت الانقسامات التي يشهدها حزب المؤتمر الأفريقي، فإن إحدى نتائجها المحتملة هي وضع حد لحكم الحزب الواحد، واستبداله بتيارات سياسية أخرى تضع المزيد من الخيارات أمام الناخب الجنوب الأفريقي· مارك جيفيسر كاتب متخصص في شؤون جنوب أفريقيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©