الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

البطاقة التموينية·· وجدل الخبز والمجاعة في العراق!!

15 ديسمبر 2007 01:04
ينشغل الشارع العراقي حالياً بحديث طغى على ماسواه من أحاديث وهو المصير الذي ينتظر''البطاقة التموينية''· فطبقاً لما أدلى به مؤخراً وزير التجارة العراقي أمام البرلمان من أن هناك نية لإلغاء البطاقة التموينية العام المقبل أو في أقل تقدير تقليص المواد التي تتضمنها أو تحديد الفئات المستفيدة منها· وخلال السنوات الثلاث عشرة منذ بدء الحصار في 1990 وحتى سقوط بغداد في ،2003 ربما ظل هذا النظام الذي يقضي بتوزيع حصص غذائية ثابتة لكل عائلة عراقية، الحسنة الوحيدة التي تركها ذلك النظام حتى بالنسبة لقسم من معارضيه· والبطاقة التموينية تتيح الحصول على المواد الأساسية للحياة وهي: الأرز والطحين والسكر وزيت الطعام والشاي وحليب الأطفال ومساحيق الغسيل، غير أن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: ما الذي جعل الحديث عن البطاقة التموينية يأخذ أبعاداً شتى إلى الحد الذي اضطر فيه عدد من كبار علماء الشيعة الموالين للحكومة يشنون مؤخراً حملة قاسية ضدها وضد البرلمان والأجهزة الرسمية للدولة بسبب عزم الحكومة على إلغاء أو تقليص مفردات البطاقة التموينية ؟· ثمة أسباب لهذه الحملة التي اشترك فيها حتى أهم مراجع الشيعة وهو علي السيستاني، أهمها أنه عقب سقوط النظام مباشرة ساد شعور عند العراقيين بأن السعادة قد هبطت عليهم بمجرد إسقاط النظام· غير أن ماحصل بعد نحو 4 سوات من إسقاط النظام هو أن البلد اتجه إلى الفوضى في كل شيء تفريباً حتى بدا الإنجاز الوحيد هو إسقاط النظام السابق مع الاحتفاظ ببطاقته التموينية التي بدا وكأن التخلي عنها لا يؤسس إلا لمفردة واحدة وهي ''المجاعة'' طبقاً لما أعلنه الأسبوع الماضي من على منبر صلاة الجمعة في كربلاء ممثل السيستاني· يضاف إلى ذلك أن الانشغال بالعملية السياسية على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية أغرق البلاد في أتون اصطفاف طائفي أنتج عمليات قتل واختطاف وتهجير وتفشي أخطر عملية فساد مالي وإداري أنتجت هي الأخرى مافيات تسلطت على أجهزة الدولة وقادتها لمنافعها الخاصة· كما أن انتشار الإرهاب والمليشيات المسلحة أنتج مايقابله من ضعف ولاء وانتماء للدولة والمواطنة لصالح هويات طارئة مثل المذهب والطائفة والعرق والعشيرة· من هنا فإن متغيراً أساسياً لم يحصل باتجاه تغيير نمط حياة المواطن العراقي منذ سنوات الحصار في الأقل التي جعلته يعيش على نظام ثابت من الحصص الغذائية حرص النظام السابق على الالتزام به في أحلك الظروف· ولعل الانتقادات الواسعة التي توجه للدولة الآن من قبل عموم الناس أن نظام صدام لم يفكر على الإطلاق في إلغاء البطاقة التموينية أو حتى تقليص مفرداتها على الرغم من أنه لم تكن هناك طوال السنوات الثلاث عشرة ميزانية معلومة للدولة العراقية، لأن مبيعات النفط العراقي كانت تذهب إلى صندوق خاص في الأمم المتحدة· أما الآن، فإن ميزانية العام الماضي بلغت 42 مليار دولار وميزانية العام المقبل بلغت 48 مليار دولار· ومع وجود هذه الميزانية الضخمة فإن وزير التجارة العراقي يقول بصراحة أمام أعضاء البرلمان إنه ربما يضطر لإلغاء نظام البطاقة التموينية أو تقليصه إلى أبعد الحدود العام المقبل؛ لأنه لاتوجد تخصيصات مالية كافية للبطاقة التموينية!! إن هذا التصريح هو الذي ألهب حناجر الناس ورجال الدين وفتح باب جهنم على الحكومة التي باتت مطالبة بإعطاء تفسير للكيفية التي تصرف بها هذه الأموال الضخمة طالما أن نظام الرواتب والأجور في العراق لا يزال بالرغم من الزيادات التي طرات لا يمثل الحد الأدنى من متطلبات العائلة العراقية!!·
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©