الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بحّار خالي الأفكار

3 مارس 2018 22:55
أدعوك عزيزي القارئ لتتمهل الآن وتستوقف نفسك بعض الشيء وتفكر بعيداً عن زحام الحياة والأمور ثم اسأل نفسك «حياتي إلى أين؟» سؤال عميق قد يدعوك إلى مواجهة ذاتك والنظر إلى مسارك هل صحيح أم يحتاج لتصحيح. أبحرنا في عالم «السوشيال ميديا» وغصنا في أعماقه، أحببنا العيش في قاعه فاستقرينا فيه، وتمر بنا الأيام والشهور والسنون دون أن نخرج من العالم الافتراضي المحبط ونستنشق بعض الهواء النقي من العالم الواقعي. لا أدعو في هذا المقال إلى ترك برامج التواصل الاجتماعي بل على العكس فهي من متطلبات العصر ولكن أن نبحر باتجاه معلم واضح والوصول في زمن محدد، فكل بحار يبحر دون خط سير وقياس سيضيع وينتهي به الأمر لا شك، ولأخبركم قصة قصيرة أخبرني بها والدي عن أحد أصدقائه قال: إنه ارتاد البحر بمفرده، وشاء الله أن نزل عليه ضباب فأضاع الطريق، ولكنه استمر بالإبحار رغم افتقاره للوجهة المؤدية إلى اليابسة حتى نفذ به خزان الوقود وظل مستلقياً على القارب يبحث عن ضالته، بعدها أدرك أن تصرفه لم يكن منطقياً، ولكن بعد فوات الأوان، هكذا هو الحال بالنسبة لمدمني برامج التواصل الاجتماعي، فهم يبحرون مستمتعين أو بالأحرى يظنون أنهم مستمتعون دون علمهم ماذا ينتظرهم بعد فترة من الزمن من مساوئ إدمان هذه البرامج، فلنستيقظ من هذه الغفلة ونبحث من الآن ونجتهد لإيجاد حلول تأخذنا للطريق الصحيح كي تعود مراكبنا وترسو على اليابسة من جديد. يجب علينا أن نعي أنها أداة وليست حياة، وأن مبالغتنا في استخدامها أهدرت أوقاتنا وطاقاتنا، أصبنا بالإحباط، الاكتئاب، والعزلة عن العالم، قل محصولنا العلمي وسيطر على أدمغتنا كلها حتى أصبحنا نشعر بما نسميها السعادة عند دخولنا والعيش في العالم الافتراضي، وهي ثوان معدودة ثم يتليها الاكتئاب والأسى ومقارنة النفس بالغير واليأس لفترات طويلة، والمؤسف أنها تتضخم مع مرور الوقت إذا ما انتبهنا لها. قرأت مرة دراسة أجريت على مدمني الهواتف الذكية من المراهقين واختبار مدى تأثير إدمانهم على أنشطتهم اليومية بدءا من الحياة الاجتماعية وصولاً إلى أنماط النوم، وتبين أنهم حصلوا على درجات عالية في رصد مظاهر الاكتئاب والتوتر وشدة الأرق كما اشتمل على قياس حمض «غاما أمينو بوتريك»، وهو ناقل عصبي يمنع أو يبطئ إشارات المخ فتبين أنه مرتفع بشكل كبير عند المدمنين مقارنة بغير المدمنين، أي أن مدمني الهواتف الذكية يعانون من صعوبة في الفهم وبطء الاستيعاب لتدني إشارات المخ. غصنا في أعماق الأوهام ونسينا جمال الواقع وروعته، ففيه مستقبل يشرق بقدومك آمال تزخر بهمتك وأحباب تأخر عليهم مجيئك، تنتظرك أخي العزيز روعة الحياة بتحدياتها فما أجمل النوم بعد التعب، والماء بعد العطش، والحلم من بعد صبر وجلد فهي وحدها، حياة أخرى داخل حياة. ولتعلم أن هاتفك الذكي هو عدوك الأول في تحقيق أحلامك، طموحاتك، وسعادتك. حامد محمد البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©