السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما : المطلوب حس من التواضع

أوباما : المطلوب حس من التواضع
12 ديسمبر 2007 23:02
سألتُ المرشح الديمقراطي لانتخابات 2008 الرئاسية السيناتور ''باراك أوباما'' ما إن كان يتحلى بما يكفي من الصرامة للتعاطي مع عالم خطير، فأحيانا يخطو المرشح ''الديمقراطي'' خطواته بحذر ويبدو ضعيفا أمام الرياح· رد عليّ خلال حوار من نصف ساعة قائلا: ''أجل، إنني أتمتع بما يكفي من الصرامة''، مضيفا: ''ما لاحظته دائما هو أن الأشخاص الذين يتحدثون عن مدى صرامتهم ليسوا هم الأشخاص الصارمين في الواقع· إنني مهتم أقل بالضرب على صدري ونفش شعري، ومهتم أكثر باتخاذ قرارات تصنع عالما أكثر أمنا وسلاما''· ''أوباما'' -الذي كــان يتحدث إليّ قبل انتخابات الثالث من يناير التمهيديــة بولاية ''آيوا'' بأقل من شهر، واصل كلامــه فقــال: ''يمكننا وعلينا أن نقود العالم، ولــكن علينا أن نُعمل الحكمـة والحصافــة، إن جزءا من قدرتنــا على الزعامــة مرتبط بقدرتـنــا علــى إظهــــار ضبــــط النفــــس''· إيماني بالزعامة الأميركية مقرون بالالتزام بالتصرف بـ''حس من التواضع''، -كما يقول-، فالتشكك في الفكرة الأميركية وإشراف الولايات المتحدة على العالم ازدادا بسرعة في عهد ''بوش''، فهناك عدة أسباب لذلك منها: الإخفاقات في العراق؛ والهوة الكبيرة بين المبدأ الأميركي والممارسة الأميركية (سجن أبوغريب)؛ وصعود دول أخرى (الصين)؛ ومظاهر انعدام الانسجام الأميركي (إيران)؛ والهشاشة الاقتصادية (تقهقر قيمة الدولار)؛ ومشاعر الامتعاض القوي التي تثيرها أي قوة مهيمنة· كل هذا جعل البعض يخلص إلى أن العالم سيكون أحسن حالا إذا انسلت أميركا من العالم بهدوء واهتمت بشؤونها الخاصة؛ فمثلما كتبت ''جويس كارول أوتس'' تقول في مجلة ''ذي أتلانتيك''، فـ''كم سئم العالم، خلال السنوات السبع الأولى من القرن الحادي والعشرين، من الفكرة الأميركية!''· لقد أصبحت ''نكتة قاسية''· فلو أن استطلاعا للرأي أُجري في العالم، فربما يكون ذلك رأي الأقلية، ولكنني أشك في ذلك! ومع ذلك، فإن أوباما يؤيد ''عالمية'' الاقتراح الأميركي: الحياة والحرية والبحث عن السعادة تحت حكومة دستورية محدودة السلطات· وفي هذا الصدد، قال لي ''أوباما'': ''إنني أؤمن بالاستثناء الأميركي''، ولكن ليس الاستثناء القائم على ''تفوقنا العسكري أو هيمنتنا الاقتصادية''، وتابع قائلا: ''يجب أن يكون الاستثناء الأميركي قائما على دستورنا ومبادئنا وقيمنا ومثلنا، إننا نكون في أفضل أحوالنا عندما نتحدث بصوت يأسر تطلعات الشعوب عبر العالم''· بالطبع، شيء خطير أن يتحدث المرء عن كونه استثنائيا؛ ذلك أن الناس يميلون إلى مقت هذا الأمر، أما إذا قالت الولايات المتحدة إن طموحاتها عادية، فإن أقلية قليلة جدا فقط كانت ستعارض هذا الرأي، ولكن ''أوباما'' محق حين يؤمن بقدرة أميركا على إلهام الأمم وتشجيعها؛ فهي تظل حالة فريدة· وقد انضم المنافسان الديمقراطيان الرئيسيان لـ''أوباما'': سيناتورة نيويورك ''هيلاري كلينتون''، وسيناتور نورث كارولاينا السابق ''جون إيدواردز'' إلى باراك ''أوباما'' في دعوته إلى التحول من الخوف والأحادية والنزعة الحربية، إلى التفاعل الذي يشمل حتى الأعداء، غير أن فكرة ''أوباما'' حول الإشراك العالمي تبدو عاطفية على نحو غريب· في هذا السياق، يقول ''أوباما'': ''إذا كنتُ رئيس الولايات المتحدة، وسافرت إلى بلد فقير للتحدث مع الزعماء هناك، فإنهم سيعرفون أن لي جدة في بلدة صغيرة في أفريقيا تفتقر إلى الماء الصالح للشرب وتنخرها الملاريا والإيدز''، مضيفا: ''سيسمح لي ذلك بالتحدث بصدق، ليس حول حاجتنا إلى مساعدتهم، وإنما حول واجب البلدان الفقيرة في مساعدة نفسها· لديّ أبناء عمومة في كينيا لا يستطيعون الحصول على وظيفة بدون أن يدفعوا رشوة كبيرة إلى أحد المسؤولين· وهذا موضوع أستطيع أن أتحدث حوله''· وحول الفترة التي قضاها في إندونيسيا، قال أوباما: ''لقد عشتُ في أكبر بلد مسلم في العالم من حيث عدد السكان، وكان لي أقارب مسلمون· أنا مسيحي، ولكن أستطيع أن أقول إنني أفهم دينكم ومعتقداتكم، وإن كنت قد لا أتفق مع الكيفية التي تطور بها الإسلام· كما أستطيع أن أتحدث بقوة حول حاجة البلدان الإسلامية إلى مصالحة نفسها مع الحداثة على نحو فشلت فيه''· وإذا كانت منظمة ''القاعدة'' قد هاجمت الغرب في كينيا وبالي ونيويورك، فإن والد أوباما كان كينياً، والسيناتور تلقى جزءا من تعليمه في إندونيسيا، ثم تابع تعليمه الجامعي في نيويورك· أوجه شبه غريبة، ولكن يمكنها أيضا أن تكون مصدر الصرامة المقترنة بالحدس الذي مازال يبحث له عن تعبير كامل· الواقع أنه لا يوجد في التاريخ الأميركي مكان حيث الهوة بين المثل والممارسة كبيرة مثل موضوع العرق،· فالهوة بين المبدأ والعمل هي التي ألحقت بصورة أميركا أفدح الأضرار؛ ومرة أخرى، يبدو ''أوباما'' منهمكا في المصالحة وجسر الهوة· قال لي سيناتور ''إيلينوي'': ''لا يمكننا أن نعيد تشكيل العالم بالكامل''، قبل أن يضيف ''ولكننا نستطيع التزعم عبر إعطاء القدوة''· روجر كوهين كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©