الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عصب الحياة!

21 مارس 2010 20:20
في فنادق فيينا الساحرة، كفندق أمبيريال، أو البريستول، ما أن تفتح صنبور المياه حتى تتساقط قطرات المياه النقية في راحتيك، رقراقة مُموَسقة، على أنغام شتراوس، وموزارت، أو باخ!. في عالمنا العربي الوضع المائي، ليس برومانسية، وبانسيابية الترف والدفق الأوروبي، فالوضع أشد قتامة، وينذر بكارثة لأزمة مائية حقيقية! فقد كشف تقرير مصور بثته قناة العربية قبل فترة، بأن ما يُقارب 35 مليون مواطن مصري يستخدمون مياهاً غير صالحة للشرب، أو للاستخدام! حقيقةً لم أستغرب الرقم المُعلن، إذ يقابله الكثير من الإحصاءات المخيفة غير المُعلنة في عالمنا العربي والإسلامي، وتحديداً في بلدان استمدت حضارتها الإنسانية من أنهارها العظيمة! تردي أوضاع الشعوب العربية، وظهور مشكلة شح المياه مؤخراً لم يكون من قبيل المصادفة، هي نتاج لتراكمات سنوات طويلة من سوء التخطيط في إدارة واستغلال مواردها المائية، عززه غياب الاستراتيجيات المُحكمة لمواجهة النمو الديموغرافي للسكان، والتنامي المطرد للمشاريع التنموية فيها، عدا الحروب، وما خلفته من دمار وتلويث لمصادر المياه المختلفة، ومن عرقلة لمشاريع الصرف الصحي، وتطوير بنيتها التحتية، في ظل متغيرات مناخية وبيئية غير مسبوقة آخذة بالتفاقم، فالماء عصب الحياة، وأهميته تتعدى استخداماته الإنسانية، من كونه عنصراً رئيسياً لمشاريع الفلاحة، وتوليد الطاقة، ومجالات التصنيع، وغيرها من الاستخدامات، وبزيادة الطلب المطرد عليه، برزت صراعات جديدة قائمة، ما بين دول المنبع والمصب، ونشأت خلافات حادة لاشتراك بعضها في مصادر المياه، علماً بأن غالبية تلك المصادر تقع خارج سيطرة الدول العربية، مما صعّد من حالة التوتر«المنقطع المستمر» بمطالبة تلك الدول في تحديد حصصها من المياه، وهي لا تخلو أحياناً من ابتزاز للأطراف «المضغوطة» مائياً، بتخصيص حصص غير عادلة، لا تلبي احتياجاتها، وإن لزم الأمر نقضها لاتفاقيات قديمة لتقاسم المياه بإعادة جدولتها، وتحديث شروطها! ففي بلاد النهرين، عاصمة الرشيد، الحال ليست بأفضل من المحروسة أم الدنيا، فالمشهد مضحك ومبكٍ في آن، مختصراً سوداويته للرائي، في بيت القصيد القائل:» كالعيس في البيداء يقتلها الظمى، والماء فوق ظهورها محمولُ»!، وعليه، فلا عجب من أن نرى في أزقة ومدن العواصم العربية المتحضرة، وفي القرن الحادي والعشرين، باعة متجولين، يجوبون شوارعها، يحمّلون ظهور بغالهم وحميرهم، صهاريج صدئة كُتب عليها: «مياه صالحة للشرب للبيع»! أو نهوضاً لمهنة السِقاء من جديد! بقي أن نشير في هذا اليوم، ونحن نشارك العالم في احتفالية اليوم العالمي للمياه، إلى ضرورة التمعن في قراءة لإحصائية حديثة تدعو إلى القلق، صدرت عن جمعية الإمارات للحياة الفطرية، بتصدر الإمارات المركز الثالث في استهلاك المياه! فهذه المرتبة كشفت عن سوء تدبير واستخدام، و«استغلال» غير مسؤول من قِبل أفراد المجتمع، لأهم مواردنا المائية الطبيعية، هذا إذا ما علمنا أنّ التكلفة المالية المرتفعة لعملية تحلية مياه البحر، تفوق عملية إنتاج النفط، عدا الآثار البيئية الناجمة عنها.. الماء نعمة من السماء، فلنحسن استخدامها، بالحفاظ عليها، لتدوم.. والحمد لله رب العالمين. فاطمه اللامي -Esmeralda8844@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©