الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عالم البيان (2)

20 ابريل 2016 23:45
«البيان اصطلاحاً هو أصول وقواعد يراد بها معرفة المعنى الواحد بطرق متعددة وتراكيب متفاوتة، وقد عرّفه الجاحظ بأنه «الدلالة الظاهرة على المعنى الخفي»، ولا بد من ذكر أن علم البيان جاء متأخراً لأسباب تتعلق «بأن أول فساد سري إلى العربية كان الحركات المسماة عند أهل النحو بالإعراب لذا حصر علماء العربية جهودهم في علم النحو، فاستنبطت القوانين لحفظها، لذا كان النحو يسمى (علم العربية) حتى لقد كان النعت بالأديب خاصاً بالنحوي - وفي بعض استعمالاتهم ما يبين منه أن لفظ (الأدب) مرادفاً للفظ (النحو)، وأن النحاة كانوا هم الأدباء، وقد فسّر ابن الأنباري الأدباء بالنحاة، وبهذا المفهوم سمى كتابه «نزهة الألباء في طبقات الأدباء». وعند اختلاط العرب بغير الناطقين بالعربية احتيج إلى حفظ الموضوعات اللغوية بالكتابة والتدوين، خشية الفناء، وما نشأ من الجهل بالقرآن والحديث. «كان البيان من أهم ما اعتمد عليه في خدمة القرآن الكريم، فهو يبين سر الإعجاز في كلام الله وامتاز به عن كلام البشر، وقد تحدى النبي صلى الله عليه وسلم بأن يأتوا بسورة مثله». كما كان بعد العهد بين المسلمين في العصر العباسي والمسلمين من العرب الخلص في صدر الإسلام سبباً في خفاء بعض المعاني القرآنية عليهم، فانطلقوا يسألون عنها العارفين بالعربية وأسرارها. ومن ذلك ما يذكر من أن أبا عبيدة معمر بن المثنى كان في مجلس الفضل بن الربيع، فقال له إبراهيم بن إسماعيل الكاتب: قد سألت عن مسألة أفتأذن لي أن أعرفك إياها؟ فقال أبو عبيدة: هات، قال إبراهيم: قال الله عز وجل: «طلعها كأنه رؤوس الشياطين» وإنما يقع الوعد والإيعاد بما عرف مثله، وهذا لم يعرف! فقال أبو عبيدة: إنما كلم الله تعالى العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول أمرئ القيس: أَيَقتُلُني وَالمَشرَفِيُّ مُضاجِعي وَمَسنونَةٌ زُرقٌ كَأَنيابِ أَغوالِ وهم لم يروا الغول قط، ولكنهم لما كان الغول يهولهم أوعدوا به! فاستحسن الفضل ذلك. واستحسنه السائل. وعزم أبو عبيدة من ذلك اليوم أن يضع كتاباً في القرآن في مثل هذا وأشباهه، فلما رجع أبو عبيدة إلى البصرة عمل كتابه الذي سماه (مجاز القرآن). * المرجع البيان العربي - دراسة في تطور الفكرة البلاغية عند العرب ومناهجها ومصادرها الكبرى - تأليف الدكتور بدوي طبانه طبعة منقحة 1972م. إياد الفاتح - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©