الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البيئة الجبلية».. صفحات مضيئة من حياة الأقدمين

«البيئة الجبلية».. صفحات مضيئة من حياة الأقدمين
21 ابريل 2016 11:41
أزهار البياتي (الشارقة) من ساحة التراث حيث الأزقة القديمة والمقاهي الشعبية مع متاحف الفنون التي تجاورها في منطقة الشارقة القديمة، يعاد من جديد صياغة زمن الأصالة، والبساطة، والجمال، حيث تزدان أجواء المنطقة بمظاهر الفرح والاحتفال، عبر أيام الشارقة التراثية الـ«14»، والتي مازالت تواصل سلسلة فعالياتها وبرامجها المتميزة، عاكسة أوجه تاريخية وحضارية من ماضي شعب الإمارات، ومسلطة الضوء على مفردات من تراثه الإنساني والثقافي عبر السنين. وفي هذا الموسم من «أيام الشارقة التراثية» لعبت البيئات الإماراتية المتعددة بمختلف أنواعها البحرية، والزراعية، والبدوية، والجبلية أدواراً مهمة في رسم ملامح زمن الآباء والأجداد، وخاصة البيئة الجبلية التي عكست من خلال المهرجان صور ومشاهد حقيقية تحاكي واقع ونمط معيشة السكان المحليين آنذاك، وحيث حافظت عناصر البيئة الجبلية على ديمومتها المستمرة في مختلف شؤون الحياة، بما يتلاءم مع طبيعة تضاريسها الوعرة وما تفرضه مشقة السكن بين أعالي الجبال من تحديات وصعوبات. الأساليب المعيشية ويصف راشد الظهوري المسؤول عن أنشطة عروض البيئة الجبلية خلال «الأيام» دوره وزملائه القائمين على الفعاليات «عام بعد آخر نأتي لقلب الشارقة القديمة وساحتها التراثية المدهشة، لننقل للزوار من كل مكان أجزاء من تراث السكان المحليين للجبال، وأساليبهم المعيشية، بكل تفاصيلها وأدواتها التقليدية، بالإضافة إلى أهم مهنهم وحرفهم اليدوية، مستعيدين قراءة صفحات مضيئة من حياة الأولين، ومبرزين دور الإنسان الإماراتي ومدى تعلقه بقيمه الاجتماعية وأطره النمطية من العادات والتقاليد». ثراء وتنوع ويضيف «لطالما امتازت مكونات وعناصر البيئة الجبلية بالثراء والتنوع، لنواحي ملكاتها الطبيعية من تضاريس ومناخ وأدوات، وكأنها تروي سرداً تاريخياً عن صلابة شعبها وتجذره في محيطه المكاني، وكيف كان يكيّف ذاته مع كل ما يواجهه من تحديات ومصاعب، مستثمراً عناصر طبيعة الأرض والصخور والجبال، وصانعاً منها أدواته المعيشية وحرفه التقليدية، مشتغلاً بمهن يدوية تتناسب مع ما منحته الحياة من مقدرات». الأسلحة القديمة في البيئة الجبلية للإمارات اشتهر السكان المحليون بصناعات ومهن مختلفة، منها صناعة الأسلحة القديمة، ودرز الجلود، وصناعة الطبول، بالإضافة إلى حرف نسائية في الغزل والنسيج، وفي هذا الإطار يشير راشد الظهوري إلى أن أهل الجبال اشتهروا بمهن عدة منها: صنع الطبول والدفوف وبعض صناعات الجلد الأخرى، والتي تتميز بجودتها، وربما يعود هذا الأمر لتوفر موارد الجلود الطبيعية، حيث كانت تنتشر مهنة رعي الأغنام والماعز، والتي تفرّع منها أيضاً صناعة ما يعرف باللهجة المحلية بـ«المشرب، والمطراش، والمحّزم»، إذ كانت تستخدم الأخيرة في صنع الأسلحة والذخيرة وخلافه. وضمن إطار البيئة الجبلية وأجوائها الخاصة لفتت مجموعة من الشباب الإماراتي اهتمام المارة طوال أيام المهرجان، مستقطبين بملامحهم الأبية وأزياءهم الشعبية والتراثية أنظار القاصي والداني، مرتدين ما يعرف بـ(الكدرة والغندورة مع الخنجر المعّلق بفخر على «الحزام أو اليرز»)، فيما ظهر بعضهم الآخر بملابس المناسبات، مطوقا خصره بالمحّزم الذي يوضع فيه الذخيرة، وحاملاً البندقية و«القتّارة» وهي عبارة عن سيخ مقوس، بالإضافة إلى خنجره المعتاد. استراحات السمر في صدر ساحة التراث توجد «دكات» البيئة الجبلية بكل قوة وعنفوان، موفرة لضيوف المهرجان استراحات تراثية وإماراتية الطابع والطراز، حيث تبنى «الدكة» كما يعرفها راشد الظهوري من أحجار صخرية جبلية مرتفعة عن الأرض بنصف متر، وتأتي على شكل دائري أو مستطيل، محشوة جدرانها بالحصا الصغير، ومفروش سطحها بسعف النخيل أو «السمه»، تزينها المخدات أو «التكي» المحشوة بالوبر وليخ النخيل، بحيث تتموضع كمقاعد مريحة للزوار، ويحلو من فوقها جلسات السمر والحديث. أوعية فخارية في إحدى زاويا أروقة المكان تطالعك أوعية فخارية ممتلئة بالماء البارد، والتي تعرف محلياً بـ«الخرس»، الذي يقبل عليه الزوار للشرب، ويجاور هذه الأوعية موقد صخري بدائي، يشتعل بين أحجاره لهيب الحطب والعيدان، معداً لطهي أطباق شهية من الطعام، مع تنور حجري يبنى خصيصاً لخبز أرغفة القمح الجبلي المشهورة، والتي تؤكل عادة وهي ساخنة ومدهونة بقطرات العسل أو دبس التمر، مع أكواب من اللبن الرائب الذي يقّدم بكل مودة وكرم للوافدين لزيارة أهل الجبال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©