السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

موريتانيا.. مصر.. السعودية إلى المرحلة الثانية من «أمير الشعراء»

موريتانيا.. مصر.. السعودية إلى المرحلة الثانية من «أمير الشعراء»
15 مارس 2017 23:47
أبوظبي (الاتحاد) أمسية جديدة من أماسي الشعر عاشها عشاق الشعر ومتابعوه في الحلقة الرابعة من «أمير الشعراء» في مسرح شاطئ الراحة وعبر قناتي الإمارات وبينونة، مستكملاً بذلك رحلة البحث عن الأمير الذي سيتوج في نهاية الموسم السابع من المسابقة التي تنظمها لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية. وقبل أن تبدأ مجريات الحلقة؛ عرضت د. نادين الأسعد ومعها محمد الجنيبي الدرجات التي استحقها شعراء الحلقة الثالثة بعد انتهاء التصويت، فكان أن حصل شيخنا عمر من موريتانيا على 85%، أما وليد الخولي فكانت له 45%، فيما حصلت وردة الكتوت على 43%، ومع أنها خرجت من المنافسات، إلا أنها كانت سعيدة بما حققته ووصلت إليه. فيما تأهل طارق صميلي من السعودية عن حلقة ليلة أمس الأول إلى المرحلة الثانية بعد أن منحته لجنة التحكيم 47%، ليبقى المتنافسون الثلاثة إباء الخطيب من سوريا التي حصلت على 44%، ونوفل السعيد من المغرب وحصل على 43%، وأفياء أمين من العراق التي منحتها اللجنة 39%؛ على قلق حتى الأسبوع المقبل موعد إعلان نتائج التصويت غموض وبراعة صميلي ليلة أمس الأول الثلاثاء، كان على الشعراء الأربعة مجاراة أبيات ابن زيدون وولادة بنت المستكفي، ومن ثم إلقاء قصائدهم التي خضعت لآراء أعضاء لجنة تحكيم البرنامج المكونة من د. علي بن تميم، ود. صلاح فضل، ود. عبدالملك مرتاض، وكان أول من قابل اللجنة طارق صميلي الذي لا يزال يبحث عن أسلوبه الخاص، فجارى بداية أبيات الشاعر الأندلسي ابن خلدون، ثم انتقل إلى قصيدته (حِضْنٌ لِتَعَبِ الأَشْرِعَة) التي استهلها بالأبيات التالية: (يَمُرُّ من لغةٍ عليا إلى لُغَتِي/‏‏‏ كما يَمُرُّ نسيمٌ داخلَ الرِّئَةِ/‏‏‏ وكُلَّمَا يمَّمَتْ روحي لخَاتِمَةٍ/‏‏‏ ألقاهُ يقرأُ للآفاقِ فاتِحَتِي/‏‏‏ ولو تَوَارَتْ وراء الغيمِ أجْوِبَةٌ/‏‏‏ لَسَالَ نَهْرا عَلَى بَيْدَاءِ أَسْئِلَتِي/‏‏‏ مِنْ أجْلِهِ نَبَتَتْ فِي الرُّوحِ نَرْجِسَةٌ/‏‏‏ ومِنْ هَوَاهُ عَلَى آثَارِهِ مَشَتِ/‏‏‏ لَهُ الحَيَاةُ تُعَرِّي ثَوْبَ فِتْنَتِهَا/‏‏‏ مِنَ الخَلَاخِيلِ حَتَّى عَضَّة الشَّفَةِ). د. صلاح فضل كان أول المتحدثين، فقال لطارق: أراك تعبّر عن لحظة حميمة جوانيّة، تتحدث فيها عن نفسك، لكنك سرعان ما تنتهكها بلحظة عندما قلت (ألقاهُ يقرأُ للآفاقِ فاتِحَتِي) وفي ذلك فضح للشعر، وأنت فتنت بتقابل الخاتمة مع الفاتحة، والخاتمة مدبوغة بطابع الشاعر نزار قباني عندما قال (لو أني أعرف خاتمتي)، وقد أعجبتني لفتتك (مِنْ أجْلِهِ نَبَتَتْ فِي الرُّوحِ نَرْجِسَةٌ) فهي بديعية فاتنة، ذلك أن الشعر ينبت النرجس في أعماق الروح. ثم حيّا طارق على شعره الجميل. أشار د. علي بن تميم إلى طلة طارق البهية، وإلى البيت (مِنَ الخَلَاخِيلِ حَتَّى عَضَّة الشَّفَةِ). أما افتتاحية النص فتذكره إيقاعياً بمفتتح محمود درويش (أمر باسمك إذ أخلو إلى نفسي كما يمر دمشقي بأندلس)، وفي البيت إيقاع استطاع طارق إخفاءه، يشي بروح الشعر، والقصيدة بعمومها فيها غموض شفيف جميل، والشعر لغة داخل اللغة، والبراعة في القصيدة تكمن في تتبع الشاعر تشكيلات الشعر وماهيتيه وجوهره بإبداع لا حدود له، منوهاً بجبل «الجودي» الذي يطلب اللجوء إلى الشعر، وختم بأن النص جميل لغةً وتسلسلاً في المعنى، في حين أن التجربة متماسكة. بدأ د. عبدالملك مرتاض من العنوان بما فيه من غموض وإبهام وغرابة، وأشار إلى أن على الشاعر لا يمكنه تركيب الكلام وينتهي إلى غيره، والشاعر يفلت من اللغة العليا إلى اللغة الدنيا، ومن المقدس إلى المدنس، وقد جاءت القصيدة كماء المسيل، مستوياتها غير متناشزة، وفيها صور كأنها غجرية، وصور فنية بديعة، لكنها غير ثابتة الوجود، فصورة واحدة في البيت الثالث قامت على افتراضية الوقوع، ولذلك جاءت طافحة الجمال، وهي أجمل الأبيات تصويراً، وفيها إصرار الشخصية الشعرية على الرنو لتفتيح أردية المدى. إباء تبكي الأحبة ثانية الشعراء إباء الخطيب ألقت قصيدة «على مقام الغياب» التي وصفها د. صلاح فضل أنها بدأت بافتتاحية ناعمة، تستحضر طيوف الغياب: (بَتولٌ دَمي.. وَاليَاسمينُ مُبَــاحُ/‏‏‏ وقفْتُ ببابِ الذّكرياتِ.. فَـلاحُوا/‏‏‏ ورحتُ أبثُّ الضوءَ في شُرفَاتِهم/‏‏‏ ليُولـــدَ من ضلْع الغيابِ صبــاحُ/‏‏‏ وأرجعُ للأحلامِ أنســــجُ وحيَـــها/‏‏‏ لعلّ بروحــــي يســــتفيقُ وشــاحُ). أكد د. ابن تميم أن إباء تفهم الشعر أنه ذوبان، أما قصيدتها فقد انقسمت إلى قسمين، القسم الأول طَلَلية معاصرة، كما في القصيدة الجاهلية، جاء الاختلاف في الشكل لا في الجوهر، وكانت تحتشد بمفردات الطَلَل، مثل الوقوف والرجوع والصبر والحنين والجراح، والقسم الثاني مباشر وخطابي، بما يحمل من مشاعر نبيلة، وفيه انتقلت إباء من التصوير إلى التقرير، وكأنها تنتقل من الرسم إلى التعليم أو من التصوير إلى التعليم، لكن أجمل ما رآه في القصيدة أنها تبشر بالحب وتدعو إلى التسامح. أشاد د. مرتاض بحسن الإلقاء، وسلامة اللغة المعجمية، وأناقة اللغة الشعرية، فيما العنوان يحمل وشاية صوفية، مبرراً اختيار الشاعر حرف الحاء قافية، مشيراً إلى أن لحرف الحاء خصوصية لا نكاد نجدها في اللغات الأوروبية، ذلك أن العرب أكثر حساسية من غيرهم. نوفل بين بيسوا والمتنبي في «رسالة أخيرة من فرناندو بيسوا للمتنبي» قدمها الشاعر نوفل السعيدي قائلاً (أنا لست ذا شأن.. عنوان لديوان فرناندو بيسوا البرتغالي). وبعنوان (رحلةُ «الفادو» الأخيرة) ألقى قصيدته التي اختتمها بأبيات بهية قال فيها: (لا أحتمي بالظلّ، قلبي وارفُ/‏‏‏ الذكرى وكلّ المُتعَبين/‏‏‏ تخوّفوا/‏‏‏ إنّ الشتاءَ طويلةٌ شهْقاتُهُ/‏‏‏ وزفيرُ هذي الريح/‏‏‏ لا يتوقّفُ/‏‏‏ يا أيها المسكونُ بي إنّ الحضارةَ/‏‏‏ في تمازُجنا جَمالٌ/‏‏‏ يُرْشَفُ/‏‏‏ إني/‏‏‏ نُفيتُ وعُزلتي فيكَ احتَمَتْ/‏‏‏ فمتى أعود لكي تعيش/‏‏‏ الأحْرُفُ؟). قال د. مرتاض: وجد القصيدة مثقفة جداً، وفيها فلسفة وتصوف وتناص مع فلسفات أجنبية، وهذا يحسب لنوفل، لكنه تساءل لماذا نذهب إلى «الفادو» وثقافتنا أصيلة؟. أشار د. بن تميم إلى الأسلوبين المتناقضين في النص، فالقناع الذي تمثل في بيسوا والمتنبي يتناقض مع وضع حدود موضوعية بين الشاعر والنص، لكن نوفل استخدم الاعتراف والبوح، والنص شعري فيه محاورة بين الاثنين، وهي تضيف بعداً خاصاً، فالنص تنبه إلى الشخصيتين وإلى الغربة والاستلاب، لكن الانتقال إلى اعتراف الشاعر وبوحه انتقص من الخصوصية، فحضر أبو الطيب حضوراً غير موظف، ومع أن النص جميل إلا أنه يخلو من العمق، مؤكداً لنوفل ضرورة تمسكه الدائم بالمجاز والتأويل. أفياء ترجم العمائم السود أفياء أمين التي قدمت نص «حديثُ الأبجديّة السمراء» بما فيه من ألم واستنكار للطائفية وأمل بمستقبل أفضل؛ دفعت الناقد د. صلاح فضل للقول: لو كان الشعر يقاس بالنوايا الحسنة والمقاصد النبيلة لعدّ قصيدتها الأجمل على الإطلاق، محيياً حسها العربي العالي، وإعلانها الحرب على الطائفية وعلى العمائم التي تقتل الحمائم رغم ما في قصيدتها من مباشرة بسبب تأثرها بروحها الإعلامية، ورغم ما فيها من نظم تجلى في بعض المفردات، منبـّهاً إياها ومحذراً من الوقوع في الطائفية كذلك؛ لأنها ذكرت طرفاً ولم تذكر الآخر، فكان أولى بها أن تكون كالعراق متناغمة، ومما قالت في نصها: ( بغداد تغفو فوق صدري تدركُ المعنى بهمسي/‏‏‏ والبصرةُ الفيحاء تنزف فوق كفّي حين يرقبُ ثلثُ أرضي فوق كفٍّ غادرةْ /‏‏‏ فالموصلُ الحدباء تنسج حزنَها والكلّ يُذرَف دمعةً مِن عين شمسِ ). اعتبر د. ابن تميم قصيدة أفياء أنها تنتمي إلى «رثاء المدن»، رثاء البشرية والعروبة، فالقصيدة تساءلت كيف يمكن أن نرثي وطننا، وهو خيار متعب ومضنٍ ومهلك، ورأى د. بن تميم في القصيدة لحظتين، الحاضر المحزن والليل والعمائم والتعفن طائفي، والمستقبل المتجسد بكلمة سوف، فالقصيدة تشير إلى صراعات العراق كما جسدها السياب، وتعيد الصراع والمتناقضات بين الحمائم من جهة والعمائم من جهة ثانية والتي هي مصدر الموت والخراب، غير أن النص منبري وحماسي، وكان يتمنى أن يرجع إلى الشعرية التي تليق به.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©