الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موقف حاسم

9 ديسمبر 2007 23:15
''تفصلني عنكم مكالمة هاتفية واحدة'' هكذا تحدث الرئيس ''بوش'' إلى القادة الفلسطينيين والإسرائيليين خلال الأسبوع الذي اجتمع فيه مع الطرفين حينما جعلا من التفاوض للتوصل إلى معاهدة سلام مع نهاية العام المقبل هدفاً طموحاً للجميع· لكن عندما التحق الزعماء الفلسطينيون ونظراؤهم الإسرائيليون بالرئيس بوش في حديقة البيت الأبيض أعطى ''بوش'' إشارة مختلفة قليلا قبل أن ينفض الاجتماع ويذهب كل إلى سبيله· فقد خاطبهما قائلا لهما ''أتمنى لكما حظاً جيدا''، وهي عبارة قد تعني أنه ليس مستعداً للرد على مكالماتهم في جميع الأوقات! بالنسبة لـ''بوش'' الذي عمد طيلة السبع سنوات الماضية إلى التهرب من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لم تكن الإشارات الملتبسة التي بعث بها إلى الجانبين أمراً مفاجئاً؛ فقد مُنح لقب ''مدير شركة'' الذي كان أكثر استعداداً لتفويض الآخرين بإنجاز الأمور منه إلى الانغماس الشخصي في التفاصيل المتشعبة· ومع ذلك حمل لقاء ''أنابوليس'' دوراً جديداً له لم يكن هو نفسه يرغب في لعبه بعدما أصبح في قلب الأحداث ووسيطاً للسلام في الشرق الأوسط· والسؤال الذي يبرز الآن هو كيف سيضطلع ''بوش'' بهذا الدور؟ هل سيبقى على مسافة تفصله عن الطرفين كما ينص على ذلك اجتماع ''أنابوليس'' ويكتفي بتشجيعهما على العمل بمفردهما؟ أم ستطارده ذات الفكرة التي طاردت الرؤساء الأميركيين من قبله وجعلتهم يجرون وراء مجد يسجله لهم التاريخ باعتبارهم الرؤساء الذين جاءوا بالسلام إلى المنطقة؟ حسب خبراء السياسة الخارجية لا بد من انخراط جوهري للرئيس الأميركي إذا أريد للفلسطينيين والإسرائيليين تسوية خلافاتهم والتوصل إلى اتفاق· غير أن الرئيس بوش كما يقول ''آرون ديفيد ميلر'' -أحد المفاوضين المخضرمين في الصراع- يُعتبر ''أحد الرؤساء القلائل الذين فضلوا التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي بعدم اهتمام''، مضيفاً ''ولا أعتقد أن الرغبة في دخول التاريخ بشأن هذه القضية تغري بوش''· ورغم ذلك هناك اعتبارات جيوسياسية، لا سيما صعود النفوذ الإيراني في المنطقة، مما يدفعه إلى الانخراط في هموم الشرق الأوسط وقضاياه· يضاف إلى ذلك أن ''بوش'' لديه نزوع مستمر نحو المخاطرة؛ وفي هذا الإطار يقول ''بروس بوتشانان'' -خبير في سيكولوجية الرؤساء من جامعة تكساس-: ''إن بوش يرى نفسه الرجل الذي يحالفه النجاح''· لذا ليس غريباً أن يقرر في الأيام الأخيرة لولايته الرئاسية الغوص فيما يسميه ''آرون ميلر'' بـ''خمسين عاما من صداع الرأس''، وخاصة إذا شعر بأن محاولته قد تنجح هذه المرة؛ ويؤكد هذا الطرح أيضا ''زبيجنيو بريجنسكي'' -مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس ''جيمي كارتر''- بقوله: ''أعتقد أن ''بوش'' يدرك أهمية ما سيخلفه بعده في الشرق الأوسط، فلو نجح في تحقيق السلام فإنه سيتفوق على كارتر وكلينتون، كما سيتفوق على والده أيضا''· إلى ذلك يعتقد المراقبون أنه من بين الأسباب القوية التي دفعت الرئيس بوش إلى الانخراط في عملية السلام هو أن الفلسطينيين والإسرائيليين يتوقعون منه ذلك، ويوضح هذا الأمر ''إدوارد جيرجيان''، -السفير الأميركي السابق لدى سوريا في عهد بوش الأب، والسفير لدى إسرائيل في عهد كلينتون- قائلا: ''على الفلسطينيين والإسرائيليين التوصل إلى تسويات أليمة، لذا من السهل بالنسبة للقادة التوجه إلى شعوبهم والقول لهم إنهم لا يوافقون على ما جاء في خطة السلام، لكن الرئيس الأميركي يطلب مني ذلك''· وهذا ما نجح فيه الرئيس ''جيمي كارتر'' الذي كان ينظر إلى السلام في الشرق الأوسط كواجب ديني وأخلاقي مستعجل، ولذا ظل لأسبوعين متتاليين في ''كامب ديفيد'' مع قادة مصر وإسرائيل للتوصل إلى معاهدة؛ وقبل يومين فقط على اختتام المحادثات ملَّ الرئيس السادات من التسويف الإسرائيلي وأمر معاونيه بجمع حقائبهم، لكن كارتر طلب رؤية السادات وتوجه إليه قائلا ''إذا غادرت هذا المكان فإنها ستكون نهاية علاقتنا، نهاية قدرة أميركا ومصر على العمل سويا، كما ستكون نهاية لرئاستي''· بيد أن هذا الموقف الحاسم الذي اتخذه الرئيس كارتر وقاد في النهاية إلى التوقيع على معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل هو ما ينقص إدارة الرئيس بوش· شيريل ستولبورج كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©