الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتطرفون الجدد في الصومال··· بين الانتحار والانتقام

المتطرفون الجدد في الصومال··· بين الانتحار والانتقام
9 ديسمبر 2007 23:14
في العام الماضي كان ''بشير يوسف'' طالباً بالمدرسة ويحلم بأن يكون طبيباً في المستقبل، أما اليوم فليس من حلم لهذا الصبي البالغ من العمر 15 عاماً سوى الانتقام والموت، وتحوله من طالب مدرسة ثانوية إلى متطرف إسلامي مقاتل سوى جزء من تركة دوامة العنف السياسي التي بدأت في الصومال قبل ميلاد ''بشير'' بعام واحد فحسب· ومثلما تحول الغزو الأميركي للعراق إلى أهم أداة لاستقطاب المزيد من المتطرفين والمقاتلين إلى صفوف تنظيم القاعدة هناك، فقد تسبب الغزو الإثيوبي للصومال في العام الماضي، في نشأة جيل جديد من المتشددين الإسلاميين -كما هو حال ''بشير''- يتغذى على وجبات العنف اليومي· واليوم يقيم ''بشير'' في الجارة جيبوتي التي جاء إليها بعد أن فقد إحدى يديه في هجوم وقع على فرقة المتمردين الصوماليين التي كان يقاتل في صفوفها· أما تلك الرحلة القتالية التي جاءت به إلى هذا المستشفى في جيبوتي، فقد بدأت في شهر مارس من العام الحالي، إثر سقوط صاروخ إثيوبي على بيت عائلته بالعاصمة الصومالية مقديشو· وكما هو معلوم، فقد عبرت القوات الإثيوبية الحدود المشتركة بين بلادها والصومال -قبل حادثة عائلة ''بشير'' هذه بثلاثة أشهر- بهدف تقديم العون للحكومة الانتقالية الصومالية ومساعدتها على هزيمة خصومها في تحالف المحاكم الشرعية الذي كان قد فرض سيطرته على مقديشو، قبيل إخراجه منها عقب اشتباك عسكري لم يدم طويلاً معه· وعلى رغم خروج ذلك التحالف من العاصمة الصومالية، إلا أن آلاف الجنود الإثيوبيين واصلوا بقاءهم لذات الهدف الذي جاءوا من أجله، وهو مساعدة الحكومة الانتقالية في حربها على المتمردين الإسلاميين والقبائل المعادية لها؛ وتشير تقديرات ضحايا هذا النزاع المسلح، إلى مصرع ما يزيد على ألف مدني خلال العام الحالي، بينما تسبب في تشريد حوالي 450 ألفاً من ديارهم، ويعاني الكثير منهم من نقص حاد في الإمدادات الغذائية· كانت عائلة ''بشير'' تغط في نوم عميق في اللحظة التي حل فيها عليهم ذلك الصاروخ الإثيوبي، وأثناء خروجه من بين أكوام الركام والحطام التي خلفها الصاروخ، بعد هدمه للمنزل تماماً، رأى ''بشير'' أشلاء والده الذي كان يعمل إماماً بالمسجد المحلي لحيه، وكذلك جثث شقيقه وشقيقتيه؛ وعلى رغم صغر سنه وإصابته تمكن ''بشير'' من مساعدة والدته وجدته في الخروج من تحت حطام البيت، وهرب بهما إلى مخيم للاجئين يقع خارج العاصمة بحوالي عشرة أميال· ولم تتمكن هذه العائلة المنكوبة من البقاء إلا بمساعدة أحد الأطباء المحليين، وما قدمته لها من مساعدات، منظمات الغوث الإنساني الموجودة هناك· وفيما تحدث عنه ''بشير''، أنه كان يستلقي ليلاً في ذلك المخيم، وذهنه منشغلاً بين خيارين هما الانتحار والانتقام· وقال: ''فقد رأيت مستقبلي مظلماً ولا أمل فيه أو رجاء''· فقد تبخرت أحلامه السابقة بأن يصبح طبيباً، بعد أن أصبح مستحيلاً عليه حتى إكمال تعليمه الثانوي، أما زيارات العزاء التي سجلها له الأقارب والأصدقاء، فلم تفعل شيئاً سوى إشعالها لذكريات الألم والغضب على ما حدث لعائلته، ولذلك فقد كان الأقرب له أن يؤثر الانتقام على الانتحار· ويعود إعجاب ''بشير'' بتحالف المحاكم الإسلامية منذ تمكن الأخيرة من تعقب لوردات الحرب المدعومين من قبل الولايات المتحدة الأميركية وطردهم من العاصمة مقديشو في يونيو من عام ·2006 والمعروف أن الولايات المتحدة تتهم المحاكم الإسلامية بأن لها صلة بالجماعات الإرهابية· وفي شهر ديسمبر الماضي، حين بدت واضحة مؤشرات الغزو الإثيوبي للصومال، تمكن ''بشير'' وعدد من زملائه بالمدرسة الثانوية من الهرب من إحدى الحصص المدرسية والتسلل سراً إلى أحد معسكرات التدريب الإسلامية في العاصمة مقديشو· وهناك وقعوا على عهد بالجهاد وحمل السلاح ضد المعتدين الإثيوبيين· غير أن ''بشير'' وصف ذلك التصرف بالعمل الصبياني المدفوع بالضغط الذي مارسه عليه زملاؤه في المدرسة· غير أن بشير لم يف بما وعد به ولم يخبر والديه به لمعرفتــه برفضهما المسبق له؛ ولكن وبحلول شهر أبريل من العام نفسه، شعر ''بشير'' بأن في وسعه تنفيذ ما وعد به من خلال إقامته في مخيم اللاجئين الذي لاذ إليه بعد الكارثة التي حلت ببيته وعائلته· وبسبب انشغاله بهدفه الجديد، لم يتمكن ''بشير'' من النوم ليلاً وأصبح أكثر انشغالاً بقراءة القرآن وبالتفكير الدائم في العودة إلى مقديشو لمحاربة الإثيوبيين، ولم يمض به الوقت طويلاً قبل أن يجد ضالته في جماعة ''الشباب'' السرية المتمردة التابعة لاتحاد المحاكم الإسلاميــة الذي أعلن مسؤوليتــه عن تنفيذ الكثير من عمليـــات التفجير والاغتيـالات التي وقعــت في العاصمة مقديشو، بما فيها اغتيال راهبة إيطالية في العام الماضي ·2006 وفي الموقع الإلكتروني الخاص به، أعلن الاتحاد ولاءه لتنظيم القاعدة الأم· وما أن انضم بشير إلى تلك المجموعة السرية، حتى أمضى أسبوعين من التدريب على أساليب حرب العصابات، إلى جانب تلقيه للدروس الدينية التي قوت فيه عقيدة الجهاد والاستشهاد· وبعد أن تم توزيعه في خلية قتالية مع سبعة مجاهدين آخرين، أوكلت إلى مجموعته مهام مختلفة عن بقية المجموعات الأخرى· وتتوزع هذه الأوامر والمهام بتنفيذ عمليات القتل المباشر وجهاً لوجه، أو زرع المتفجرات والقنابل في الأماكن العامة وعلى جانبي الطرق، أو تنفيذ الهجمات بمدافع الهاون· والمهمة المحددة التي كان على مجموعة ''بشير'' تنفيذها هي إلقاء القنابل اليدوية على الجنود الإثيوبيين أو الحكوميين في منطقة سوق ''بكارا''· وكانت كل مهمة يتم تنفيذها بمقابلها المدفوع، وتتراوح الأسعار ما بين 30-100 دولار حسب حجم المهمة وخطرها· لكن وبقدر ما أفاد بشير عائلته بعائدات هذه المهام العسكرية الخطيرة، إلا أنه فقد يده ثمناً لها· وعلى رغم هذا، فإن خطته الوحيدة المسيطرة عليه بعد تعافيه هي العودة إلى الصومال ومواصلة الجهاد ضد الإثيوبيين طمعاً في نيل الشهادة· أبوبكر البدري- جيبوتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©