الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المبدعة تعيش مرحلة استثنائية من تاريخ الإبداع العربي

المبدعة تعيش مرحلة استثنائية من تاريخ الإبداع العربي
9 ديسمبر 2007 01:08
احتضنت ''المكتبة الجزائرية'' مؤخراً ملتقى أدبياً عربياً بعنوان ''سرديات الكاتبة العربية: السيرة الذاتية، الرواية والقصة'' حضره عشرات الكاتبات والكتاب من الجزائر، وتسع دول عربية أخرى وهي لبنان والعراق والأردن وسوريا وفلسطين ومصر والمغرب وتونس وليبيا· وتناول الملتقى طيلة يومين محاورَ عديدة خاصَّة بالكتابة النسوية في الوطن العربي أهمها السرد الروائي لدى الكاتبة العربية وأسئلة السرد وتجربتها مع السيرة الذاتية والمحظور والنقد الأدبي· استهل مدير المكتبة الجزائرية الروائي أمين الزاوي الملتقى بكلمة لفت فيها الانتباهَ إلى أنَّ ''مركز السرد العربي'' يتحول الآن من الكُتَّاب إلى الكاتبات العربيات وباللغتين العربية والفرنسية، مما يجعل هذا الملتقى موعداً أدبياً وثقافياً استثنائياً· واعتبر أن نصوصَ الكاتبة العربية من ''حبرٍ'' خاص بالنظر إلى أنها تعيش في العالم العربي المليء بالأعطاب والكوابح ولم يخرج من ''فقه الذكورية''، ونبه إلى أن الهدف من الملتقى هو قراءة ظاهرة ''التميُّز'' الذي عرفته الكتاباتُ السردية التي تبدعها الكاتبة العربية بجرأتها في قول الممنوع والمسكوت عنه، وهي حالة لم يعرف لها تاريخُ الإبداع مثيلاً في العالم العربي، لتزلزل بذلك الأدبَ العربي وتعيد إليه توازنه الشعري من خلال شعرية الكتابة التي طالما افتقدناها في ''الرواية الاشتراكية'' وغيرها، كما أعادت الاعتبار للمقروئية، مستشهداً بالإقبال الكبيرعلى روايات مستغانمي· رؤية أنثوية وبدأ بعدها الملتقى بمحاضرة الدكتور عبدالله إبراهيم من العراق الذي قدَّم ملخصَ بحث تناول فيه 30 رواية نسوية ظهرت في العقدين الأخيرين في الوطن العربي، وقال: إنها كرَّست لـ''الأدب النسوي'' بطرحها رؤية سردية تروِّج فيها لـ''الهوية الأنثوية للعالم''، مما جعلها أكثر الظواهر لفتاً للانتباه في العقود الأخيرة وإن لم تكن الأفضل· وأمام ذهول الكاتبات الحاضرات، أوضح إبراهيم أن هذه ''الرؤية الأنثوية'' تعتمد على ركائز عديدة أهمها أنها عرَّضت النظامَ الأبوي إلى التأزُّم وأحياناً التفكُّك، دون أن تقترح بدائلَ أو تجرؤ على ذلك، كما أن محورَها الأساسي هو المرأة خاصة في روايات هيفاء بيطار والهام منصور ومليكة مقدم··· فهي ذات عمق نرجسي ومركزُ السرد والباقي ثانوي، ولا نجد اهتماماً بالزمن، والأحداث فيها لا تتغيَّر ولا تتعاقب، كما ركَّزت على ''العنف الذكوري'' بشكلٍ مبالغٍ فيه، وتمور روايات مقدم والبيطار بفكرة تخريب المؤسسة الزوجية والترويج لعلاقات موازية، كما يظهر الرجلُ الغربي ''مقدِّراً للأنوثة'' عكس الرجل الشرقي لذلك يهجر بعضُهنَّ أوطانَهن ويقمن علاقاتٍ مع الغربيين· ولفت الانتباه إلى أن النصوص الروائية الأنثوية قد تجاوزت المئة الآن، وهي ليست فردية متفرقة بل تنزع إلى أن تكون ظاهرة متلاحمة تغذي بعضها بعضاً مما يدعو إلى وضعها على طاولة التشريح الدقيق· وأثارت هذه المداخلة حفيظة ليلى الأطرش، روائية فلسطينية-أردنية، فرفضت تقسيم الأدب إلى رجالي ونسوي، وقالت: إن المرأة تكتب أدباً وكفى، ومرجعياتها لا تختلف عن مرجعيات الرجل، فهي تستمدها من التراث وكذا حركة التنوير ودراسة الآداب والنظريات النقدية الأجنبية، فضلاً عن المرجعية السياسية، فهي تكتب عن قضايا الأمة في فلسطين ولبنان والعراق··· عراقيل قوية ووافقها الدكتور محمد ساري بالتأكيد أن النص الأدبي يستمد شرعيته من التزامه بالجماليات الأدبية وليس من جنس الكاتب، وأشار إلى أن الكاتبات لا يزلن يواجهن عراقيلَ اجتماعية قوية، مما أدى إلى اختفاء عشرات الكاتبات الجزائريات اللواتي عرفهن في الثمانينات والتسعينات، بينما يكتب بعضهُن الآن بأسماء مستعارة للتحايل على القمع الاجتماعي، وحتى الروائية الشهيرة أحلام مستغانمي منحت دور البطولة في ''ذاكرة الجسد'' لرجل لأنه يملك شرعية نقد المجتمع والحديث عن الحب والمحظورات عكس المرأة الساردة· وبعده ألقت الأديبة فوزية مهران كلمة حول تجربتها الروائية انطلاقاً من ثلاثية البحر ''الهزيمة، الاستنزاف، العبور'' لتهدئ بذلك النقاش، وتؤكد أن الأديبة العربية لا تستمد شهرتها بتحدي التابوهات فقط بل بالكتابة الملتزمة عن قضايا الأمة والأوطان· باقي مداخلات اليوم الأول لم تثر اهتماماً كبيراً لدى المتابعين لتركيزها على ''سرد'' تجاربها مع الكتابة والسير الذاتية من الأوراق بدل الإلقاء العفوي الذي يُبقي الانتباه مشدوداً، لكن الدكتورة إلهام سامي منصور من لبنان أعادت شدَّ الأنظار بإثارة مسألة اتهام بعض الكاتبات العربيات بأن أدباء رجالاً يكتبون لهن، وقالت: إن هذا ليس صحيحاً، لأن ما تكتبه المرأة يتعذر على الرجل، فضلاً عن رفضها مصطلح ''امرأة'' والدعوة إلى استبداله بـ''إنسة'' لتحقيق إنسانيتها كاملة وتحقيق المساواة مع الرجل· حفيدات شهر زاد ولدى المرور إلى محور ''سرد المحظور الأنثوي'' لاحظ الدكتور صلاح صالح أنه ليس وليد اليوم فهو قديم، لكن الجديد أن الأنثى هي التي تقوم بهذا السرد بدل أن تكون موضوعاً له، كما لاحظ أن هناك رواياتٍ تناولنه بطريقة فنية رفيعة وأخرى بشكل فضائحي مبتذل· بينما تساءلت الدكتورة عفاف عبد المعطي من مصر عما إذا كانت حفيداتُ شهر زاد يقمن بنفس دورها لاتقاء شرِّ شهريار العصر؟ أما اليوم الثاني للملتقى، فطغى عليه سردُ التجارب الكتابية لعددٍ من الكاتبات العربيات، ومنهن ربيعة الريحان من المغرب، ورزان مغربي من ليبيا، وجميلة زنير وزهور ونيس وربيعة جلطي ومايسة باي وإنعام بيُّوض من الجزائر، وسمر يزبك من سوريا· كما تحدثت عزة بدر ولطيفة الحاج وسميحة خريس عن صورة الحب والمحبوب في الرواية النسوية العربية المعاصرة قبل أن يُختتم الملتقى بتكريم كل المشاركين والمشاركات بأوسمة من طرف مدير المكتبة الجزائرية·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©